غادر وفد “تنسيقية أزواد” الجزائر، أول أمس، من دون أن يفتك موافقة مبدئية من المسؤولين الجزائريين على شروط يضعها مقابل الانخراط في وثيقة السلام التي وقع عليها قطاع من المعارضة مع الحكومة المالية، في 1 مارس الماضي. في غضون ذلك، تحوم شكوك قوية حول مسؤولية “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” في قتل مدني في غاو واختطاف رعية روماني في بوركينافاسو. وقال مصدر مسؤول ب”تنسيقية أزواد”، ل”الخبر”، إن الوفد الذي تكوّن من 8 أعضاء بقيادة بلال آغ شريف، الأمين العام ل”الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، أقام بالجزائر مدة 5 أيام والتقى بمسؤولين من وزارة الخارجية مكلفين بملف أزمة شمال مالي، ومن الجهاز الأمني الجزائري. وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه وهو من أشد رافضي التوقيع على الاتفاق الأولي، أن كل المسؤولين الجزائريين الذين اجتمعوا بالوفد الأزوادي خلال الأيام الخمسة التي قضاها بالجزائر، رفضوا طرح الزوار بخصوص ما يسمونه “الوضع القانوني والسياسي لأزواد”، والذي يعني إقامة حكم ذاتي في مدن الشمال الخمس، وهي كيدال وغاو وتومبوكتو وتاودني وميناكا. ونقل المصدر عن مسؤول جزائري قوله في الاجتماع الأخير، مساء الجمعة الماضي، جرى بإقامة الميثاق بالعاصمة، إن مطلب الحكم الذاتي “غير واقعي ولا يمكن أن تقبله الحكومة المالية، ولا يخدم السلام في المنطقة”. وأفاد المسؤول الجزائري، حسب مصدر أزواد، بأن “تفتيت مالي يصب في مصلحة الجماعات الإرهابية”. وحاول وفد أزواد دعم حججه بشأن شروطه، بكون القضية تتعلق بمطالب شعبية تم التعبير عنها في لقاءات عقدتها التنسيقية في كيدال مع أعيان الشمال، الشهر الماضي، وأن اللقاءات أفضت إلى نتيجة واحدة، وهي فك الارتباط عن باماكو عن طريق إجراءات وقرارات قوية، مثل إنشاء برلمان جهوي يمثل سكان المنطقة، ونقل سلطات تسيير الأجهزة الأمنية والعسكرية المتواجدة في الشمال، من باماكو إلى سكان المدن الخمس ليختاروا بأنفسهم من يكون فيها من أبنائهم. وقد أبدى الوسيط الجزائري، حسب المصدر، تحفظا شديدا إزاء مطالب التنسيقية، ورفض النزول عند طلب الوفد محاولة إقناع باماكو بمراجعة موقفها من الشروط. وأضاف المصدر أن زيارة بعثة أزواد “كانت غير رسمية وتمت بطلب منها، وقد توجهنا إلى الجزائريين بمطالبنا، ليس باعتبارهم أعضاء في الوساطة الدولية، وإنما لكونهم الجار الكبير الذي يجب استشارته في كل صغيرة وكبيرة تخص المنطقة”. وتابع المصدر: “موقف الجزائر السلبي من مطالبنا يأتي بعد رفض الحكومة المالية الخوض في المطالب نفسها، وهذا يعني أن مسار السلام في انسداد وعلينا إذن التفكير في مخرج، دون أن يكون ذلك على حسابنا. بمعنى أن أي حل تهتدي إليه الوساطة ينبغي أن يأخذ في الحسبان التعديلات التي نريد إدخالها على الاتفاق الأولي، المسلمة إلى ممثلي المجموعة الدولية في اجتماعنا بهم في كيدال يوم 17 مارس الماضي”. وعلى صعيد التطورات الميدانية في شمال مالي، قتل مدني وجرح ثلاثة آخرون ينتمون لعائلة واحدة في غاو، أمس، خلال اعتداء بقذائف روكيت على المدينة التي كانت، الأسبوع الماضي، مسرحا لهجوم على شاحنة تابعة للصليب الأحمر الدولي، خلف مقتل قائدها. وتبنى “التوحيد والجهاد” العملية الإرهابية، حسب وكالة الأنباء الفرنسية. التنظيم نفسه الذي انشق عن “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي”، كان وراء اختطاف مسؤول الأمن بمنجم شماليبوركينافاسو، السبت الماضي. وذكرت إذاعة “بي بي سي” البريطانية أن الخاطفين توجهوا بالرهينة، وهو من جنسية رومانية، إلى مالي. وأوضحت أن قوة عسكرية فرنسية وبوركينابية مشتركة متكون من 500 جندي، تمشط المنطقة منذ أمس بحثا عن أثر للمحتجز.