قال السفير الأوكراني في الجزائر ”فاليري كيردودا” في لقاء خص به ”الخبر” أمس إن انفجار حرب في شبه جزيرة القرم سيكون كابوسا للشعبين الأوكراني والروسي، مشددا على رفض بلاده لتنظيم استفتاء لتقرير مصير شبه جزيرة القرم تحت سلطة قوات أجنبية، وأكد أن شبه جزيرة القرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا. لماذا لم يتدخل الجيش الأوكراني لمنع القوات الروسية من السيطرة على شبه جزيرة القرم؟ أولا: نذكر أن هناك تواجدا كبيرا للقوات الروسية في شبه جزيرة القرم مقارنة بالقوات الأوكرانية المتمركزة في هذه المنطقة، وعندما رفعت روسيا عدد قواتها في القرم قدمت السلطات الأوكرانية أمرا لقواتها بعدم إطلاق النار على العسكريين الروس حتى يتضح الهدف من هذه الزيادة في عدد القوات الروسية وحتى يتم حل المسألة بالطرق الدبلوماسية. ثانيا: عندما جاءت سلطة جديدة كان يجب التنسيق مع كل الولايات الأوكرانية ومع وزارتي الدفاع والداخلية، كما أنه تم تغيير كل المسؤولين السامين في قيادة أركان الجيش. ثالثا: تم استدعاء القوات الاحتياطية، ويتطلب ذلك أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، مع الأخذ بعين الاعتبار المشاكل الداخلية التي كانت تعيشها أوكرانيا، حيث لم تكن جاهزة لتطور الأوضاع، كما أن قادة الجيش الجدد كان لا بد لهم من التأكد من ولاء الجيش لهم حتى لا تكون هناك نتائج وخيمة. في حال صوت سكان القرم لصالح الانضمام لروسيا خلال استفتاء 16 مارس، كيف سيكون موقف كييف؟ موقفنا واضح، شبه جزيرة القرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا، والاستفتاء في القرم غير قانوني لأنه سيتم إجراؤه تحت إشراف قوات أجنبية، كما أن الحكومة المحلية لشبه جزيرة القرم مجمدة، ولا شيء يعمل سوى القواعد العسكرية التي يتحكم فيها الروس، كما أن نصف سكان القرم من الأوكرانيين والتتار وهؤلاء ضد إجراء الاستفتاء. إذا ضمت روسيا القرم إلى أراضيها كيف ستتعامل أوكرانيا مع الأمر الواقع؟ نتمنى أن تحل الأمور بطريقة سلمية وأن تبقى القرم تحت سيادة أوكرانيا وأن يتم إعادة ترسيم الحدود مع الأخذ بعين الاعتبار القوانين الدولية، كما أننا نشعر بدعم كبير من الاتحاد الأوروبي وأمريكاوالأممالمتحدة وكازاخستان وبيلاروسيا، وبشار الأسد هو الوحيد الذي يدعم روسيا، والآخرون يدافعون عن وحدة أوكرانيا، وما يجري في القرم خرق للقوانين الدولية خاصة اتفاقية التعاون مع روسيا، واتفاقية بودابست (عاصمة المجر) التي تم توقيعها في 1994 مقابل تنازل أوكرانيا عن السلاح النووي، ووقع على الاتفاقية كل من أمريكاوروسيا وبريطانيا كدول ضامنة لوحدة أوكرانيا، ثم انضم إلى هذه الاتفاقية كل من الصين وفرنسا، مع العلم أن أوكرانيا في هذا التاريخ كانت ثالث أكبر دولة نووية في العالم بعد أمريكاوروسيا، بالإضافة إلى امتلاكها لصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية مصنوعة في نيبروبتروفسك، وروسيا كواحدة من الدول الضامنة لأمن أوكرانيا خرقت هذه الاتفاقية بدخول قواتها إلى القرم، وقد طلبنا من كل الدول الضامنة لهذه الاتفاقية أن تتحمل مسؤولياتها من أجل حماية وحدة أوكرانيا، وإذا قامت الحرب بين أوكرانيا (46 مليون نسمة) وروسيا (120 مليون نسمة) فستكون كابوسا كبيرا، لأن نفسية الشعبين ضد الحرب، ولحد الآن لا يوجد إطلاق نار، كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن 8.3 مليون أوكراني من أصول روسية ومليوني روسي من أصول أوكرانية. ألا تخشون في حالة انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي أن تفقد الامتيازات الاقتصادية التي تقدمها لها روسيا؟ يجب التمييز بين التوقيع على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي مثلما فعلت الجزائر، وبين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يأخذ سنوات، لكن يمكن التوقيع على اتفاق سياسي مع الاتحاد الأوروبي وهذا لا يتطلب أكثر من أسابيع، أما الجزء الاقتصادي فلا بد من انتظار حكومة منتخبة، والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يتطلب الكثير من الجهود حتى ننسجم مع السياسة الأوروبية. وبالنسبة لاتفاقيات شراء الغاز، فطيلة تاريخ استقلال أوكرانيا استخدم الروس الغاز كوسيلة سياسية واقتصادية للتأثير على أوكرانيا، واستعملت هذه الوسيلة قبل الانتخابات الرئاسية السابقة، ويمكن أن يستعملها الروس هذه المرة كذلك، وفي حال توقفت إمدادات الغاز الروسي فسيكون ذلك صعبا على أوكرانيا خلال السنوات الأولى ولكن يمكن تعويض الغاز الروسي فيما بعد، فلدينا الدعم الأوروبي والأمريكي، ما يسمح لنا بتنويع مصادر استيراد الغاز، وبالنسبة للقرض الروسي المقدر ب15 مليار دولار، فهناك وفد أوكراني للتفاوض مع الصندوق الدولي لتقديم قرض ب15 مليار دولار، والكونغرس الأمريكي صادق على تقديم مليار دولار كمساعدة لأوكرانيا، وبإمكان هذه المساعدات تغطية احتياجات الاقتصاد الأوكراني على المدى القريب، وفي حالة التوقيع على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، فهذا سيسمح للبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بتقديم مساعدات لأوكرانيا. ما هي الأهمية الاستراتيجية للقرم لدى روسيا؟ العقلية الاستعمارية لدى روسيا التي تعتبر مدينة سيباستبول (عاصمة القرم) مدينة للمجد الروسي، وبوتين كشخصية تطمح لإعادة بناء إمبراطورية الاتحاد السوفييتي وروسيا القيصرية يريد دعم فكرة روسيا الفيدرالية، والشعب الروسي يعتبر شبه جزيرة القرم انضمت عن طريق الخطأ إلى أوكرانيا. ثانيا: أهمية القاعدة العسكرية الروسية في شبه جزيرة القرم كضمان لأمن حدودها الجنوبية، وروسيا تخاطر بعلاقاتها مع الغرب في حالة قامت بغزو القرم ولكن ذلك سيرفع من شعبية بوتين. هناك مخاوف من أن تنتقم روسيا من تتار القرم المسلمين بسبب دعمهم لوحدة أوكرانيا، ما تعليقكم؟ مع كل احترامي لبوتين فهو ليس ستالين الذي قام بمجازر 1944 في حق تتار القرم، كما أن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي، فلا أحد سيسمح لهم بتهجير تتار القرم من بيوتهم، لا الأممالمتحدة ولا غيرها، كما أن تركيا قريبة من القرم وفيها أيضا تتار وفي روسيا هناك جمهورية تتارستان، وفي حال قيام روسيا بتهجير التتار فسيحدث لها مشاكل في الداخل والخارج، فهذا أمر حساس جدا، وتتار القرم كلهم يدعمون الوحدة الوطنية لأوكرانيا، وكييف هي التي قامت بمساعدة التتار بالعودة إلى أرضهم الأصلية في القرم، وطيلة استقلال أوكرانيا لم يتم مضايقة المسلمين. هل تمنح أوكرانيا المسلمين التتار المهجرين إلى روسياوتركيا وأوزبكستان حق العودة إلى موطنهم الأصلي في القرم بما في ذلك منحهم الجنسية وإعادة ممتلكاتهم العينية؟ يتم منح الجنسية الأوكرانية دون إشكال لمسلمي القرم شريطة تنازلهم عن جنسيتهم السابقة، أما بالنسبة لممتلكات التتار فالموضوع صعب، لأن الروس عند تهجير التتار أسكنوا عائلات العسكريين الروس والمتقاعدين من الجيش مكانهم، وعندما عاد التتار وجدوا ممتلكاتهم قد أخذها الروس الذين أخذوا أيضا أجود الأراضي في الساحل مثلما فعل المستوطنون الفرنسيون في الجزائر، ولكن يمكن منح أراضٍ أخرى لمسلمي القرم.