تتصاعد وتيرة الاحتجاج ضد العهدة الرابعة يوما بعد يوم، ويتصاعد معها هلع السلطات العمومية التي رفعت من وتيرة القمع بدورها، باقتحام أعوان الدرك مقر إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة حديثة النشأة. سلوك يعيد الأسرة الإعلامية إلى السنوات الأولى من عهد الصحافة المستقلة التي تزامنت مع الأزمة الأمنية في البلاد. هذه السلوكات تؤكد احتمالين: فإما أن السلطة فقدت صوابها وهي تتجه مباشرة نحو النفق، ما قد يعقد أوضاعها أكثر بعد 17 أفريل القادم. وإما أن أنصار العهدة الرابعة واثقون من قدرتهم على فرض منطقهم ولن يقبلوا بأي توافق حول مرحلة ما بعد الرئاسيات، ولذلك هم يسعون لإطفاء شعلة المعارضة قبل موعد الصندوق ثم يتفرغون لاستكمال مسلسل تطهير أجهزة الدولة والساحة السياسية من آخر جيوب المقاومة لمشروعهم. في حالة تحكم أنصار العهدة الرابعة في زمام الأمور جيدا، فلا شيء سيوقفهم عن تمرير أي حل يرضيهم لملء الفراغ الذي سيتركه الرئيس المريض بعد 17 أفريل، بما في ذلك الإبقاء على الوضع كما هو حاليا واستمرار تسيير شؤون البلاد بحكومة لا تملك الصلاحيات، ومن ثمة اللجوء في كل مرة إلى عائلة الرئيس لتنقل لهم توجيهات فخامته التي هي توجيهات العائلة في الحقيقة بتوقيع من الرئيس. وبالنظر إلى تجاوز حدود المعقول في طريقة ترشيح الرئيس للعهدة الرابعة، والطريقة التي تسير بها حملته الانتخابية حاليا، حتى قبل انطلاقها رسميا، وتجاوز الأعراف التي عودنا عليها النظام الحاكم عندنا في تسيير صورة الدولة والصراعات القائمة بين رموزه... فإن عائلة الرئيس ومن معها من المساندين للعهدة الرابعة لن يزعجها أن تفتح أبواب السجون للمعارضين السياسيين ولرجال الأعمال الذين ستثبت عليهم تهمة تمويل مرشح آخر غير الرئيس، والإعلاميين الذين ينقلون صوتا آخر غير الصوت الذي يهنئ الجزائريين على انتصارهم على أعداء الخارج. ولا شك أن هذه الجماعة قد جهزت أيضا الدعم الخارجي لمسعاها، خاصة من جهة باريس التي قال وزيرها للخارجية صراحة إن بلاده ليست مستعدة للتخلي عن مصالحها التجارية والأمنية مع الجزائر. هذا إذن أسوأ سيناريو يمكن تصوره بعد أفريل، وهو الحل الأقرب إلى الواقع لتغطية غياب الرئيس في الخمس سنوات القادمة. أما بالنسبة للسيناريو الأول والمتمثل في فقدان السلطة السيطرة على الأوضاع السياسية التي أفرزها ترشح الرئيس للعهدة الرابعة، فعلينا أن ننتظر إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية لنقف على حجم التزوير فيها وما هي الأغلبية التي تستطيع الإدارة إخراجها لفائدة الرئيس. وحينها سنكتشف إن كان أنصار العهدة الرابعة متمسكين فعلا بزمام الأمور ولن يقبلوا بأي حل توافقي بينهم وبين معارضيهم. وأي ضعف سيظهر على هذه النتائج سيكون في صالح المعارضة وفي صالح من يقاومون داخل أجهزة الدولة مسعى الانفراد بالسلطة من قبل جماعة واحدة. وإذا فشلت هذه الجماعة في مسعاها فستضطر لتسليم السلطة يوم 18 أفريل وليس بعده، وستجد نفسها تتفاوض على أقل الخسائر قبل أن تجد نفسها هي محل متابعة ومحاسبة على تعريض استقرار البلاد للخطر.