خرج التلاميذ، بكل الأطوار التعليمية، في نهاية السنة الدراسية منهكين ومرهقين من الضغوط التي حاصرتهم طيلة السنة، سواء من العائلة أو بفعل كثافة البرنامج، رغم رزنامة العطل المقررة سنويا، ليجد الأستاذ نفسه في سباق مع الزمن لإكمال البرنامج الدراسي، والتلميذ مطالب من الجميع بالنجاح دون مراعاة قدراته العقلية وطاقة استيعابه. أكد رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مريان مزيان، ل«الخبر”، أنه لا يوجد تكافؤ بين البرنامج الدراسي والحجم الساعي، مطالبا الوزارة بمراجعتهما، إما بالتخفيف في البرنامج أو تقليص الحجم الساعي، المقدر ب34 أسبوعا في السنة، أي بمعدل 255 يوم. وكشف محدثنا عن لقاء جمع النقابة بالوزارة، الشهر الفارط، لبرمجة ندوة وطنية لتقييم الإصلاحات التي أقرّها وزير التربية الأسبق بن بوزيد في 2003. وحول النقطة نفسها، ذكر رئيس الفدرالية الوطنية لجمعية أولياء التلاميذ، الحاج دلالو، ل”الخبر”، أن من شأن العتبة تخفيف كثافة الدروس عن تلاميذ الطور النهائي، مشيرا إلى أن الإصلاحات التي طرأت على المنظومة التربوية في 2003 لا تتماشى والتطورات التي يعرفها العالم في هذا المجال، مبرزا تقديمهم ل450 مقترح لتغيير الإصلاحات، “لكن الوزارة لم تأخذ ذلك بجدّية لحد الساعة”. تلاميذ المدارس الخاصة أكبر مستفيد يطرح التأخر في إنهاء البرنامج الدراسي بالمدارس العمومية مشكلا مقارنة بنظيرتها الخاصة، وحسب محدثينا فإن المؤسسات التعليمية الخاصة لا تعاني من هذا المشكل لعدم وجود إضرابات تعطّل السير العادي للبرنامج، لكنها مجبرة في الوقت نفسه على اتّباع العتبة لأن مواضيع الامتحانات موحّدة وطنياً، ما يجعل تلاميذ المدارس الخاصة مستفيدين من حيث إنهاء البرنامج. وطرح أعضاء الفدرالية ال25، في أول اجتماع لهم مع وزيرة التربية، 18 مقترحا يسلّط الضوء على عدة مشاكل لا يزال القطاع يعاني منها رغم الأموال الطائلة التي رصدت له، على غرار ظاهرة الاكتظاظ، والتجهيز المدرسي، وتكثيف تدريس اللغات، والنقص في التأطير والصحة المدرسية والبحث البيداغوجي، بالإضافة إلى المخابر المغلقة، والمكتبات غير المتطابقة مع المناهج والبرامج، والمكتبات المتنقلة إلى المداشر والمناطق المعزولة، مع توسيع التعليم التحضيري لأن الطلب أصبح أكثر من العرض. الاكتظاظ من عوامل التأخر وقالت إحدى أستاذات التعليم المتوسط، ل«الخبر”، إن البرنامج الدراسي مُقسم ومضبوط وفق الحجم الساعي، وأن أي خلل أو إضراب يؤثر بالضرورة على إكمال البرنامج، ما يجعل الأستاذ في سباق مع الزمن لاستدراك الدروس، الأمر الذي يولّد الضغط لدى التلميذ. كما أضافت المعلّمة أن ظاهرة اكتظاظ الأقسام تؤدي هي الأخرى إلى تأخر الأستاذ في إنهاء مقرره، بسبب عدم تمكّنه من تسيير القسم بشكل جيد، والتحكم في التلاميذ، مضيفة بأن تدريس 20 تلميذا أسهل من التعامل مع 45 تلميذا في القسم الواحد. رضا الأولياء أوضح المستشار التربوي ومدير مركز “المرافقة” ببرشلونة في إسبانيا، عبد القادر مسفان، في حديث ل«الخبر”، أن مفهوم الدراسة في منظومتنا التعليمية انحصر في تقديم معلومات واسترجاعها يوم الامتحان، الأمر الذي جعل التلميذ يتعامل مع البرامج بمنطق التاجر، وتجلى ذلك من خلال سعيه وراء تحصيل نقاط جيدة بأي وسيلة لإرضاء الأولياء. وأضاف المتحدث أن التربية ليست تقديم برامج مكثفة في وقت ضيق بقدر ما هي قناعة تتشكل في ذهن التلميذ، وهو ما عجزت عن تجسيده منظومة التربية الجزائرية. القدرة العقلية للتلميذ أهم عامل في فرنسا تستند وزارة التربية الفرنسية إلى عامل قدرة عقل التلميذ على استيعاب الدروس في جدول توزيعها للحجم الساعي المقرر، وقد تلجأ لتمديده لتمكين التلاميذ من استكمال دروسهم بعيدا على الضغط. وحسب الدليل التطبيقي لأوقات المدرسة الابتدائية بهذا البلد، فإن التوزيع الزمني في المؤسسات التربوية ليس أمرا موحدا مفروضا على المؤسسات بشكل دقيق، بل يتسم بالمرونة، وباستطاعة مسيّري المؤسسات تكييفه حسب خصائص المناطق التي تتواجد بها المدارس. ويشير الدليل نفسه إلى أن كل التلاميذ يقضون 24 ساعة في الأسبوع في مقاعد الدراسة و36 أسبوعا، أي 270 يوم مقابل 365 عدد أيام السنة، وهو التوقيت المتبع حتى في المدارس الخاصة الفرنسية. كما بإمكان رئيس البلدية تقديم مشروع يقترح تنظيم الوقت المدرسي، المتعلق بتنظيم الوقت المدرسي في مؤسسات الحضانة والابتدائي. وخصصت التعديلات المستحدثة على التوزيع الزمني الدراسي 36 ساعة تتعلّق بالنشاطات البيداغوجية التكميلية للتلاميذ الذين يواجهون صعوبات خلال عملية التكوين، وهذا بإشراف أساتذتهم وكذا بإمكان البلدية تعيين آخرين لتسيير هذه النشاطات، حسب ما ينص عليه القانون بتنظيم الوقت التعليمي والنشاطات البيداغوجية التكميلية في الدرجة الأولى.