اشتهرت مدينة مازونة منذ أقدم العصور بمدرستها الدينية المتخصّصة في الدّراسات الفقهية، وقد عرفت بكثرة مجالسها ونجابة طلبتها وقريحة أشياخها، ولعلّ من أشهر شيوخ مازونة هو الشيخ محمد أبو طالب بن عبد الرحمان بن محمد المعروف بابن الشارف المازوني. ولقد ألحقت هذه المدرسة بمسجدها على أنها جزء منه منذ سنة 1029ه على يد سيّدي محمّد بن الشّارف [درّس به 64سنة إلى أن توفي سنة 1129ه، وخلفه نجله الّذي ترك خلفه ابنه محمّد أبو طالب عبد الرّحمن وابنه سيّدي هنّي]. وما زالت المدرسة [الّتي كانت منارة العلم والعلماء حيث كان العلماء من جامع الأزهر والزيتونة يأتون لمازونة للحصول على شهادة مشايخها] تحتفظ بالجزء الثاني من صحيح مسلم كمخطوط أهداه الباي عثمان سنة 1212ه لشيخ المدرسة، كما أنّها لازالت تحتفظ بخزانة من المخطوطات الثمينة كستة أجزاء كبيرة الحجم لشرح صحيح البخاري ومسلم، وكذلك احتفاظها على مقعد أثري تركي قديم. وقد شكّلت مازونة خلال الفترة الحديثة والوسطى محور العلم والتلاقح الثّقافي، حيث زخرت بمجالس العلم. وقد أشارت بعض المصادر إلى أحوال العلم بهذا البلد سواءً تعلّق الأمر بالرّحلات أو بتشجيع العلماء نحو هذا المركز العلمي والثقافي، ونظرًا لأهمية المجالس شهدت مازونة استقطاب الكثير من العلماء وأصبحت دار العلم والثقافة، ومن بينهم: [الشيخ أبو رأس المعسكري، والشيخ السنوسي، والشيخ محمد بالقندوزي المستغانمي، وسيّدي موسى بن شهيدة، وسيّدي عدّة بن غلام الله].