لا تسمع في الأحياء الجديدة التي رحلت إليها المئات من العائلات منذ منتصف شهر جوان الماضي في هذه الأيام الرمضانية غير ضجيج ”الشينيول” والمطارق، وحركة دؤوبة للبنائين والرصاصين والحدادين الذين شرعوا في إتمام ما لم ينجزه المقاولون الذين كثيرا ما يسلمون سكنات غير مكتملة، غير آبهين بما قد يعرضهم للعقوبات. 1600 عائلة رحلت خلال أسبوعين في وهران حياة جديدة بدأت في رمضان 2014 تغيرت حياة أكثر من 1600 عائلة وهران بين جوان الماضي وجويلية الحالي، بعد أن تخلصوا من كابوس تهديد انهيار أسقف المنازل التي كانوا يقيمون بها فوق رؤوسهم، مثلما حدث لتلك العائلة المتكونة من 4 أفراد التي رحلت عن الدنيا فجرا في حي ”كارطو” بعد أن ردمها حائط وهي نائمة. كانت تلك الحادثة الدافع الأساسي لانطلاق أكبر عملية ترحيل في مدينة وهران، بعد تلك التي شهدتها عندما كان يزيد زرهوني على رأس وزارة الداخلية سنة 2008 وقام بترحيل أكثر من 3 آلاف عائلة بالقوة من حي بلانتور نحو المجمع العمراني الجديد حي الصباح الذي تتقاسمه بلديتا بير الجير وسيدي الشحمي. فقد اتخذ والي ولاية وهران عبد الغني زعلان قرارا بترحيل 82 عائلة تقيم في بنايات تعود إلى بداية القرن الماضي نحو حي الياسمين، وتبين أن كثيرا من تلك العائلات لم تكن محل إحصاء من طرف مصالح بلدية ودائرة وهران، وهي العملية التي تبعتها حركة احتجاجات ”موضعية” في الأحياء التي يملك سكانها قرارات استفادة مسبقة منذ 4 سنوات لكنها تنتظر الترحيل أو الموت تحت الردم في أحياء الحمري، المدينة الجديدة، سانت أنطوان، سانت أوجان، أسامة الدرب وغيرها. هذه العائلات لا يعرف عددها إلا الله، أما ما يتوفر من أرقام حول العدد الحقيقي للمستفيدين من القرارات المسبقة فيفوق حسب مصادر رسمية عدد السكنات الجاهزة والموجه إليها، حيث وزعت مصالح ولاية وهران في عهد الوالي السابق أكثر من 6 آلاف قرار مسبق للاستفادة، في حين أن عدد السكنات الجاهزة والموجهة إلى هذا الصنف من المؤهلين للترحيل لا يتجاوز 3500 سكن، وهو ما وضع السلطات المحلية في مأزق، حيث إنها إذا بادرت بترحيل جزء منهم ينتفض الجزء الذي لم يتم ترحيله، وهو ما حدث في منتصف جوان الماضي، إلا أن مصالح الولاية بالتعاون من الأمن استطاعت أن تقنع المحتجين أن دورهم في الترحيل سيأتي قبل نهاية السنة الجارية في انتظار الانتهاء من كل أشغال إنجاز العمارات التي ستأويهم، خاصة التفاصيل التي تسبب في كل مرة احتجاجا وغضبا في الأحياء الجديدة مثل انعدام الماء، والكهرباء والغاز. وشهدت عملية ترحيل 400 عائلة من حي باب الحمراء و ”دي.أن.سي” في حي الصنوبر، غضب سكان حي سيدي الهواري العتيق الذين خرجوا إلى الشارع مرات متتالية، وهم الذين يعرفون أن الذين لجؤوا إلى تلك المواقع في أعالي جبل المرجاجو ليسوا كلهم من السكان القدامى لمدينة وهران، وأن كثيرا ممن شيدوا ”برارك” في مجمع ”دي.أن.سي” نازحون جدد ضمتهم مصالح بلدية وهران إلى سكان البنيات الهشة الواجب ترحيلهم، وبمجرد رحيل هؤلاء السكان إلى مدينة وادي تليلات (حوالي 20 كم شرقي وهران) اندلعت مواجهات بين المرحلين وجيرانهم في وادي تليلات حول السيطرة على حظائر السيارات. أما العملية الكبرى المتمثلة في ترحيل 1200 عائلة من مختلف العمارات المهددة بالانهيار في أحياء مدينة وهران، فيمكن القول إنها تمت في ظل تحكم السلطات المحلية في العملية، ويقول سكان وهران إنها جرت تحت ”دعاوي الخير” لكونها شملت مجموعة من العائلات التي شردتها أحكام قضائية في الشارع، منها العائلتان اللتان طردتهما جميعة مسيحية وهمية في حي يغموراسن (سان بيار)، وعاشتا فصل الشتاء تحت خيمة في الشارع، حيث استفادتا من الترحيل إلى سكنات جديدة. وعلى خلاف ما كان متوقعا من بروز بؤر للتوتر في حيي الياسمين والصباح اللذين رحلت إليهما الغالبية الساحقة للعائلات، فإن الأجواء طبيعية في الأحياء الجديدة، لأن العائلات التي رحلت إليها متعودة على العيش في العمارات والبنايات الجماعية. ولم تشهد الأحياء الجديدة ما وقع في وادي تليلات أو في مجمع ”السبالة” في الجزائر العاصمة من تناحر ومعارك بين المرحلين، كما أن سابقيهم إلى تلك الأحياء أرسوا تقاليدهم في 8 سنوات الأخيرة. ولا تسمع هذه الأيام في المجمعات التي رحلت إليها 1200 عائلة وهرانية غير أصوات ”الشينيول” وحركات الرصاصين والحدادين الذين شرعوا في تركيب الأسيجة الحديدة. وهران: ل. بوربيع
حي 3216 مسكن بالشعايبية في بئر توتة ”البرابول”.. كابوس يؤرق المرحلين الجدد يجمع المرحلون المستفيدون من السكنات الجديدة بحي الشعايبية ببئر توتة على أن الأمر بمثابة استقلال حقيقي، وهم الذين كانوا يعيشون في بيوت الصفيح وأحزمة البؤس و ”الميزيرية” بامتياز، وحتى تتواصل الفرحة، يقولون، لابد على ديوان الترقية والتسيير العقاري أن يلتفت من حوله لتزويد الحي بجهاز يعوض الهوائيات المقعرة تمكنهم من متابعة مباريات مونديال البرازيل، ويبنى لهم مسجدا لأداء صلاة التراويح في رمضان. عندما دخلنا حي الشعايبية الجديد ببئر توتة الواقعة جنوب العاصمة، ما كنا نتوقع أنه حي بحجم مدينة يتربع على 3216 مسكن ومتوسطة ومدرستين ابتدائيتين، تقيم به منذ 15 يوما عائلات كانت تقيم في شاليهات وبيوت صفيحية في زرالدة، معالمة، الحراش، باب الواد، بوزريعة وغيرها. الاستقلال.. واعتبر نور الدين وهو رب عائلة استفاد من سكن من 3 غرف، أن استفادته من هذا المسكن يعد استقلالا حقيقيا، ”أنا اليوم أحمد الله، كنت أعيش في وضع وانتقلت إلى وضع آخر جديد، كنا نواجه الأمراض يوميا جراء غياب النظافة، غياب الماء، بل نواجه الجرذان، فضلا عن الخوف من الطبيعة، فعندما تمطر لا أنام خوفا من أن يجرفنا الواد”. بينما يعترف سعيد رب عائلة آخر استفاد من سكن من 3 غرف أن الحياة داخل بيوت الصفيح ”مس بكرامة الإنسان، فهناك لا يوجد معنى للحياة، وخاصة عندما يصاب أولادك بأمراض الحساسية والربو وغيرها، فاليوم أصبح لدينا الماء والكهرباء والحمام ونشعر بالأمان والطمأنينة”. حي الشعايبية حي تستوي على أرضه مساحات خضراء وفضاءات أخرى للأطفال ومتوسطة ومدرستان ابتدائيتان ومساحات أخرى مخصصة لإنجاز مشاريع عمومية أخرى، فيما لم تفتح المحلات بعد أبوابها، ما فتح الباب لأصحاب العربات لعرض مختلف السلع في مساحات هامة من الحي، كالأثاث، الخضر والفواكه وغيرها. في غمرة ذلك، كان فرع ديوان الترقية والتسيير العقاري بالحي غاصا بالمواطنين ممن كانوا يقدمون تظلمات شفوية للقائمين على تسيير هذه المصلحة الإدارية تتعلق بنقائص خاصة بالأبواب وأخرى بنوع الطلاء واستفسارات أخرى عن موعد تزويد الحي بالإنترنت وأخرى بتأخر إيصال الغاز، ولكن الانشغال الأكبر الذي يحمله أغلب سكان الحي هو عدم تمكنهم من مشاهدة مباريات المونديال على شاشة التلفاز، لأن ديوان الترقية والتسيير العقاري منعهم من تثبيت هوائيات مقعرة في الشرفات خشية تشويه منظر المسكن والحي بشكل عام، ”عندما طلبنا بحقنا في متابعة مباريات المونديال قاموا بوضع شاشة عملاقة على أحد الجدران ووعدونا بأنهم سيقومون بوضع جهاز يمكن كامل السكان من رصد القنوات الفضائية”، يقول كمال. 35 ألف دينار غرامة ”البرابول” وكانت رغبة الجزائريين في مشاهدة فريقهم بالبرازيل أكبر، ما جعل بعضهم يقوم بتثبيت صحون على أسلاك في شرفة منزله من غير أن يقوم بإحداث ثقوب بالجدار. ويقول مسؤول بفرع ديوان الترقية والتسيير العقاري ممن كان يراقب الحي رفقة زميله، ”يمنع على أي كان أن يقوم بإحداث ثقوب في الجدار لأجل وضع صحون مقعرة، لأن ذلك يعرضه إلى عقوبة دفع غرامة بقيمة 35 ألف دينار، حتى لا يتحول الحي إلى حي صفيحي”، وأشار إلى أن هناك مشروعا لتزويد سكان الحي بالإنترنت عن طريق إقامة شبكة من الألياف البصرية، على أن يتم تزويد الحي بجهاز يمكن السكان من رصد القنوات الفضائية على شاشات التلفزيون. ولم يخف أسفه لإتلاف مساحات خضراء بالحي نتيجة غياب الحس المدني، مشيرا إلى أن الديوان يتولى يوميا تحسيس السكان بأهمية الحفاظ على محيط الحي. نطالب ببناء مسجد والزائر لحي الشعايبية بوسعه أن يلاحظ أفرشة وضعت في الهواء الطلق من قبل السكان لأداء صلاة التراويح، وهو واحد من أهم الانشغالات التي يطرحها السكان قبل العيادة المتعددة الخدمات، ”نحن حاليا نعكف على ضبط لائحة بأسماء موقعيها قصد تقديمها إلى وزارة الشؤون الدينية، نطالب فيها بتخصيص قطعة أرض لبناء مسجد”. وفي إحدى واجهات حي الشعايبية الجديد ما تزال إلى غاية اليوم واحدة من اللافتات التي كتب عليها ”سكن جديد في عهد الحكم الراشد”، أي أن حيازة الناس على هذه السكنات هو محصلة لسياسة الحكم الراشد المتبعة، ولو أن المستوى الثاني من قراءة هذه اللائحة هو ”نحن أصحاب الحكم الراشد وأنتم احتياطي انتخابي”، طالما أن الحي الجديد يتربع على 3216 مسكن، أي ما يقارب 10 آلاف ناخب أو يزيد. الجزائر: نوار سوكو
فرحة المستفيدين من السكنات بأم البواقي لم تكتمل لا ماء ولا كهرباء وترميمات فاقت 10 ملايين عرفت السكنات الجديدة التي تم توزيعها في الآونة الأخيرة مشاكل عديدة عبر تراب ولاية أم البواقي، هذا في الوقت الذي استغرقت فيه عملية دراسة الطعون من قبل اللجنة الولائية أشهرا عديدة، جعلت المستفيدين يفقدون الصبر، لتصطدم أحلامهم بعد طول انتظار بسكنات تفتقر لأبسط ضروريات الحياة الكريمة، خاصة أن ولاية أم البواقي لم توزع السكنات منذ أزيد من 4 سنوات كاملة نتيجة التعطل الكبير في تجسيد برنامجها السكني. وأقدم المستفيدون من حصة 252 وحدة سكنية ذات طابع اجتماعي إيجاري ببلدية فكيرينة بولاية أم البواقي بحر الأسبوع المنصرم، على غلق الطريق الوطني الرابط بولاية خنشلة، وذلك للمطالبة بتجسيد باقي الأشغال التكميلية، إذ تفتقر السكنات إلى ربطها بالماء والكهرباء، ما جعل المستفيدين الذين تنقلوا إلى سكناتهم الجديدة هروبا من ضغط الكراء يقضون ليالي عديدة في الظلام الدامس دون وجود قطرة ماء في حنفيات سكناتهم. وقد طالب هؤلاء بضرورة الصرامة والكف عن التلاعب بالمواطن من خلال تسليمهم مفاتيح سكنات لم تكتمل بها الأشغال، لتضيع بذلك فرحة المواطن البسيط الذي انتظر الاستفادة من سكن لائق سنوات عديدة، أضف إليها أشهرا عديدة لدراسة الطعون، إلا أن الوضع الكارثي الذي وجدت عليه سكناتهم الجديدة جعلت الكثيرين يفضلون البقاء في الوضعية المزرية على الانتقال إليها خاصة في شهر رمضان، هذا وقد تدخلت السلطات أثناء عملية غلق الطريق من أجل إقناع المستفيدين بالصبر والعمل على اتخاذ جل الإجراءات من أجل توفير ضروريات الحياة التي يطالب بها هؤلاء. من جانب آخر، تم في أواخر شهر جوان المنصرم تسليم المفاتيح ل747 مستفيد من سكنات جديدة ذات طابع اجتماعي إيجاري بعين مليلة، و320 مستفيد آخر بمدينة مسكيانة من بينهم 250 إسكان نهائي، غير أن هذه المشاريع السكنية بدورها لا تستجيب لمتطلبات السكان من خلال تسجيل العديد من النقائص المسجلة فيها، والتي تستوجب قيام المواطن البسيط بالعديد من الأشغال التكميلية التي تفوق 100 ألف دينار، وهي أعباء لا يتحملها طالب السكن الاجتماعي الذي عانى الويلات للحصول على سكن لائق، في وقت تنعدم فيه التهيئة والإنارة العمومية وغيرها من المتطلبات الضرورية. الغريب في الأمر أنه وبمدينة عين كرشة، تعرضت العشرات من السكنات الجاهزة ذات صيغة السكن الاجتماعي الإيجاري إلى تخريب شبه كلي من الداخل من قبل مجهولين، في ظل التماطل الكبير في دراسة الطعون من قبل اللجنة المعنية، حيث لم يتم الإفراج عن القائمة النهائية للمستفيدين قرابة 9 أشهر، بعد أن تم الإفراج عن القائمة الأولية للمستفيدين من 390 وحدة سكنية اجتماعية شهر ماي 2013. غير أن التماطل الكبير في دراسة الطعون وتعطل عملية تسليم المفاتيح لأصحابها كلف تخريبا كليا للسكنات من الداخل، ما اعتبره المستفيدون إتلافا للمال والممتلكات العامة. أم البواقي: س. مونيا