مرحلة الشباب في حياة الإنسان هي الحلقة الذّهبية والقاعدة الأساسية لصناعة حاضره وبناء مستقبله وإثبات وجوده في معادلة الحياة، فعليها مدار الاستخلاف والتّعمير في الأرض، وبها يتحقّق تمكين الحقّ على الباطل والعَدل على الظلم والفضيلة على الرّذيلة. إنّ أهمية مرحلة الشّباب خَصّها الله عزّ وجلّ كواحدة من أهم نِعَمِه الّتي نسأل عنها يوم القيامة، ففي الحديث: ‘'لَنْ تَزُولاَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَة حَتّى يُسأل عَن أرْبَع:... وعن شبابه فيما أبلاه..''، وتكمن خطورتها في أنّها الأقرب إلى الانسياق وراء الفِتن والشّهوات والاستجابة السّريعة لوسوسة الشّياطين من الإنس والجن وحظوظ النّفس. لذلكم، جعل الله عزّ وجلّ أجر الشّاب الطّائِع التّقي الّذي يُجاهد نفسه أعظم من أجر الشّيخ الكبير الّذي لا إرب للشّيطان فيه، ففي الحديث القدسي: ‘'وأحبّ الطّائعين وحبِّي للشّاب الطائع أشدّ''، بل إنّه مِن السّبعة الّذين يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يوم القيامة: ‘'... وشاب نَشَأ في عبادة ربِّه''. ويُعبِّر عنها القرآن الكريم بالقوّة الّتي هي بين ضعفين كلاهما يحتاج لقوة الشّباب، فالطفولة تحتاج لرعاية غيرها والشّيخوخة أحوج في بعض الأحيان إلى شاب يافع بار، قال تعالى: {اللهُ الّذي خَلَقَكُم مِنْ ضُعْفٍ ثُمّ جَعَل مِن بَعْدِ ضُعْفٍ قُوَّةً ثُمّ جَعَل مِن بَعْدِ قُوّة ضُعْفًا وَشَيْبَةً}، فالشّباب ملاذ الطفولة الآمن وأمل الشّيخوخة الواعد. وحتّى يكونوا كذلك، فقد أعطى الإسلام عناية خاصة واهتمامًا كبيرًا، بتنشئتهم وتربيتهم وتوجيههم والتكفّل بانشغالاتهم واحتياجاتهم المادية والعقلية والنّفسية، حتّى يصير الشاب قويًّا في عقله وعلمه وبدنه، وبذلك يتحقّق المراد من وصف الله لمرحلة الشباب بالقوّة. ولشباب اليوم من أحفاد ديدوش وبن مهيدي، نقول: إنّ الحياة في سبيل الله أيضًا من قبيل الجهاد، وإنّ حلقة البناء تأتي بعد التّحرير، فقط عليكم أن تدركوا أنّه لا أحد غيركم يبني مستقبلكم وحاضركم، وأنّه لا وطن غير الجزائر الطيّبة الطّاهرة، فقط تسلّحوا بالعِلم وتزيّنُوا بالمكارم وتزوّدوا بالإيمان وحُسن الصِّلة بالله تعالى.