لحظات قبيل رفع أذان المغرب في بلدية برج البحري بالعاصمة، تتحول حديقة مقر البلدية إلى مقصد عشرات الصائمين، ليس لتمضية الوقت تحت ظل الأشجار انتظارا لمغيب الشمس، وإنما استعدادا للإفطار الجماعي الذي تُعده جمعية البيئة والتنمية، تجسيدا لمشروع تطوعي وخيري شعاره “شباب الخير”. ولإنجاح المبادرة، انخرط 90 شابا من أبناء البلدية لتقديم قرابة 300 وجبة يوميا لفائدة عابري السبيل والعائلات المعوزة. “الخبر” شاركت الصائمين مأدبة الإفطار، وعايشت الأجواء الرمضانية التي ميزت المكان، حيث التف الصائمون الوافدون من مختلف الولايات على موائد الإفطار، وهم يتبادلون الحديث عن الظروف التي أجبرتهم على الصوم خارج الديار، منهم من جاء مضطرا بعد توقف حركة النقل العمومي باكرا وانقطعت به السبل، ومنهم من يعمل خارج ولايته، بعد أن جاءت بهم “الخبزة” لقضاء شهر رمضان بعيدا عن الأهل. ولضمان السير الحسن، انقسم القائمون على المشروع إلى 3 مجموعات، تضم كل واحدة 30 فردا يتناوبون على خدمة الصائمين، بالإضافة إلى تقديم الوجبات الجاهزة لمن هم في حاجة إليها، خاصة أن كل المطاعم أبوابها موصدة في شهر الصيام. وتقدم الجمعية لقاصديها وجبات كاملة بداية من الشوربة والطبق الرئيسي، بالإضافة إلى السلطة والمشروبات. ويبذل الفريق المتطوع كل ما في وسعه وطاقته لإنجاح المشروع وتحقيق هدفه النبيل، طيلة أيام رمضان. وفي هذا الصدد، يقول فارس، عضو بالجمعية، والذي انتهى من وضع الأطباق على الموائد الموزعة على كامل أروقة الحديقة: “رغم مشقة الصوم وتحضير أطباق الفطور، إلا أن النشاط التطوعي ينسينا التعب، ويغمرنا بسعادة لا مثيل لها”. ويسعى رئيس الجمعية، مولود رضوان، من خلال هذه المبادرة، إلى زرع ثقافة العمل التطوعي لدى شباب الحي، الذين أظهروا استعدادا كبيرا للانخراط في مثل هكذا مشاريع، مشيرا إلى أن غرس بذرتي التضامن والتآزر في نفوس الأطفال وتدريبهم على التفكير الجماعي بحيث يصبح سلوكا معتادا، من شأنه أن يعطينا في نهاية المطاف شخصا إيجابيا خادما لمجتمعه. وتابع المتحدث موضحا بأن الاستثمار الحقيقي يستهدف الأفراد وخاصة منهم الأطفال، باعتبارهم رجال المستقبل، وعليه فالرهان يكون عليهم للوصول إلى نسيج اجتماعي متماسك.