تعكف جمعية "جزائر الخير" المتواجد مقره بحي دوزي ببلدية باب الزوار على تقديم وجبات ساخنة يوميا للصائمين، طيلة الشهر الفضيل. ويدخل هذا النشاط في إطار برنامج الخيري المسطر في رزنامة نشاطات الجمعية الخاص برمضان المعظم، إذ يهدف إلى مساعدة المحتاجين على إيجاد مكان ملائم ونظيف يفطرون فيه، بالإضافة إلى توفير أجواء أخوية لا تختلف كثيرا عن أجواء المنزل ما يجعل الوافدين إليهم يشعرون بأنهم في بيوتهم. في جولة قادت "البلاد" إلى جمعية جزائر الخير المتواجد ببلدية باب الزوار، للوقوف على سير العملية التضامنية التي أصبحت بالنسبة إليهم أحد أهم المبادئ الأساسية، تصادف تواجدنا مع متطوعين قدموا من من مناطق مختلفة وأول ما لفت انتباهنا أن جلهم شباب يافعون في مقتبل العمر، تجاوزوا ارتفاع درجة الحرارة التي تشهدها العاصمة هذه الأيام وتوافدوا الى مقر الجمعية من أجل تقديم المساعدة ومد يد العون لعابري السبيل والفقراء الذين لا يقدرون على توفير وجبات إفطار ساخنة في الشهر الفضيل. كما يعمل هؤلاء الشباب مع بعض أعضاء الكشافة الإسلامية على غرار فوج الشهيد سي الحواس ببرج الكيفان، الذين كانوا منهمكين في العمل غير مبالين بالتعب والإرهاق، على أن يكون الإفطار مثاليا لا يبتعد كثيرا عن أجواء المنزل. مشروع "مطاعم الخير" يلقى استحسان المتوافدين أكد عيسى بلخضر رئيس جمعية "جزائر الخير"أن جمعيته سطرت برنامجا ثريا بمناسبة شهر رمضان الفضيل حيث تصدرت مطاعم الخير أولوية أجندة الجمعية والمخصصة بالدرجة الأولى للعمال البعيدين عن أهاليهم والأجانب، قفة المحتاج، موائد الأيتام والوجبات عبر الطرقات، ستسهر الجمعية بكل أعضائها، مستعينة بأهل البر والإحسان على تحقيقه على أكمل وجه. هذا ويشمل نشاط الجمعية بغض النظر عن الجزائر العاصمة، التي تعتبر المقر الوطني للجمعية، عدة ولايات عبر التراب الوطني كالبرج، وهران، تمنراست، الجلفة وباتنة.. والتي ستحمل هذه السنة شعار "جزائر الخير، صوم وإحسان للغير". وكما تسعى جمعية "جزائر الخير" من خلال مشروع "مطاعم الخير"، إلى إفطار ذوي الحاجة من مساكين ومحتاجين وعابري سبيل وعمال أبعدهم السعي لتحقيق لقمة العيش عن ذويهم وأجبرهم على إمضاء رمضان في ظروف تفتقر إلى الجو العائلي، ولهذا تسعى الجمعية لخلق هذا الجو التضامني في قلوب هؤلاء. أما مشروع "قفة المحتاج"، والتي ضمنتها الجمعية كل ما يتطلبه الفطور الرمضاني من مواد أساسية على مدار الشهر الفضيل، فستوجه إلى العائلات المحتاجة والمعوزة وذوي الدخل الضعيف. أما عن التكفل باليتيم، فستقدم لفئة اليتامى مساعدات مادية ومعنوية، حتى وإن كانوا تحت كفالة عائلات مكتفية، إذ إنه بالرغم من اكتفاء اليتيم ماديا سيبقى بحاجة إلى الدعم المعنوي وإلى الجو العائلي، ولهذا تحرص الجمعية على حضور المتبرعين مع الأيتام، وأشار عيسى بلخضر إلى سعي "جزائر الخير" للوصول إلى 40 ألف يتيم، إما بالمساعدة الدائمة وإما بالمساعدة في المناسبات كرمضان والأعياد. وهناك أيضا مبادرة توزيع الوجبات عبر الطرقات التي تتكفل بها المكاتب المحلية للجمعية، والتي ستضمن إفطار أصحاب السيارات والشاحنات والمسافرين الذين أدركهم وقت الإفطار، إما في ازدحام السيارات أو في الطرقات النائية عبر مختلف الولايات والمدن النائية. كما سيتم فتح مطاعم الرحمة عبر كامل تراب الوطن، مشيرا إلى أن عدد هذه المطاعم فاق 60 مطعما، إضافة إلى مشروع قفة رمضان التي سيتم فيها تقديم المواد الغذائية الأساسية للفقراء والمحتاجين والأرامل، مضيفا أنهم يسعون إلى جمع أكثر من 40 ألف يتيم، من أجل تقديم المساعدة لهم، هذا بالإضافة إلى مشروع "كسوة العيد" تسعى الجمعية من خلاله إلى توفير ملابس للعيد لحوالي 50 ألف شخص. مسابقة "بلال" لأحسن أذان لم تنس الجمعية كعادتها، الجانب الثقافي والمعرفي في برنامجها المخصص لشهر الرحمة، من خلال مسابقة "بلال" لأحسن أذان، وستكون الجوائز المخصصة لأصحاب أحسن أذان عبارة عن حواسيب تشجيعا للمؤذنين، بالإضافة إلى مسابقات تربوية لفائدة التلاميذ، والتي تلقى استحسان أوليائهم كل سنة، ومشروع تكريم الأسر القرآنية، والذي يهتم بتكريم العائلات التي يهتم كل أفراد عائلتها بحفظ القرآن وخاصة الأبناء، لما للقرآن من تحصين ديني ولغوي، إلى جانب الاهتمام بالأمسيات القرآنية والإنشادية. كما أشار رئيس الجمعية في الأخير، إلى الدورات التأهيلية والتدريبية لشباب الخير وقسم نساء الخير. ووجه نداء للجهات الرسمية مركزيا ومحليا وكذا وسائل الإعلام من أجل التعاون على إنجاح هذا الموسم المتميز بطابعه الروحي والاجتماعي والتربوي. برنامج رمضاني جديد لإفطار الصوماليين والسوريين تميزت نشاطات الجمعية بالتنوع ويظهر ذلك من خلال مبادراتها العديدة التي أدمجتها الجمعية ضمن برنامجها الرمضاني الجديد بإفطار الصوماليين والسوريين، تتمثل في وجبة الفطور الساخن التي يقوم أعضاء الجمعية المتطوعون بتوزيعها على أكثر من 150 عائلة يوميا قبيل الإفطار. وتمس هذه العملية كافة الأحياء والبيوت المشتملة على عائلات معوزة ومحتاجة. كما استفاد من هذا النشاط أيضا، شريحة الأفارقة الصوماليين الذين تركوا وطنهم وهاجروا إلى الجزائر، سعيا لتحسين ظروف العيش، إذ قامت الجمعية في عملها بالتنسيق مع السلطات المحلية بتخصيص موائد للإفطار بساحة وسط المدينة، فيما تم تجسيد مشروع توزيع الوجبات عبر الطرق الذي يستفيد منه مستعملو الطرقات السريعة والنائية، الذين يدركهم موعد الإفطار بعيدا عن المدينة. وقد تم تسخير بولاية الجلفة دائما، العشرات من شباب الجمعية الخيرية التواقين للعمل الخيري والتطوعي، الذين يجوبون أحياء وشوارع المدينة لرصد المحتاجين والفقراء، والتثبت من مستوى احتياجات هذه العائلات الفقيرة، كما عرفت أيضا تنافس العديد من الشخصيات المثقفة على المشاركة لأخذ دورهم في العمل التطوعي. شباب كرسوا أنفسهم لفعل الخير أكد محدثنا أن الجمعية وضعت إعلانا من أجل استقطاب متطوعين من البلدية، وأنهم تفاجأوا بالأعداد الغفيرة من الشباب بمختلف شرائحهم الذين لبوا النداء ولم يتوانوا لحظة واحدة عن تكريس أنفسهم للعمل الخيري والتطوع من أجل العمل على إفطار أعداد معتبرة من المحتاجين وعابري السبيل. هذا الإقبال الكبير دفعهم للعمل وعدم الوقوف عند العثرات، وأنهم يحرصون على تقديم أحسن الوجبات، لذلك تمت دعوة طباخين متخصصين بمعية شباب متطوع يحرصون على المساعدة في إعداد الفطور وتحضير الطاولات وتنظيف وغسل الأواني وغيرها من الأعمال التي صغرت في أعين الشباب مقابل الأجر الذي يكسبونه في شهر رمضان الكريم. وعن مصدر المساعدات والمواد التي يطبخون بها فقد قال فريد خالف مسؤول الخدمات بالجمعية إن جلها عبارة عن مساعدات قادمة من طرف المحسنين حيث يعكف على توزيع 300 وجبة يوميا. وفي هذا لسياق أكد بعض الشباب المتطوع للطبخ بباب الزوار عن سعادتهم بمساعدتهم على إطعام المحتاجين، مؤكدين أنهم لا يترددون في تقديم يد العون والقيام بكافة الأعمال من مساعدة الطباخ في الصباح الباكر إلى غاية توزيع الوجبات، مضيفين أنهم توقفوا عن العمل في الشهر الفضيل لمساعدة الفوج في تحضير وتقديم الوجبات لعابري السبيل. ويعتبر هؤلاء الشباب مثالا راقيا عن الشاب الجزائري الذين لا يترددون في مساعدة إخوانهم في أحلك الظروف. وأعرب صيد صديق محافظ فوج الشهيد سي الحواس للكشافة الإسلامية في حديثه ل"البلاد" عن أنهم يعملون بالتنسيق مع جمعية جزائر الخير لتقديم 150 وجبة للفقراء ورغم ثقل وصعوبة العمل في الأجواء الحارة، إلا أن العمل الخيري يعطيني حماسا قويا للعمل بكل قوة، الأمر الذي وافقه عليه زميله راي زوبير. التحضيرات تبدأ منذ الصباح الباكر أشار صديق صيد بخصوص تحضير الوجبات إلى أنها تبدأ من الصباح الباكر في حدود الساعة 07.30 صباحا، حيث يأتي في هذه الساعة الشباب المتطوع إلى مقر الفوج من أجل مساعدة الطباخ في الأعمال وباقي التحضيرات. وتنحصر الأعمال التي يقومون بها، حسب المتحدث، في تقشير الخضر وغسلها وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى يد عاملة حتى يتم الانتهاء منها في حوالي الساعة 23 ليلا. وجبات لعابري الطريق السريع عند وصولنا إلى الفوج وقفنا على كل التحضيرات التي قام بها الشباب من غسل ووضع للأطباق وغيرها، تقدمنا رفقة المكلف بالإعلام على مستوى الجمعية السيد سعيد من مجموعة الشبان الذين كانوا يحضرون الوجبات الفطور، حيث كانت الطباخات يحضرن الفطور، فالطبق الرئيسي يتمثل في الشربة، والطبق الثاني عبارة عن كباب وسلطة مع التمر والخبز، بالإضافة إلى خبز الدار، ونحن نلاحظ كيفية سير عملية. اقتربنا من بعض المارة فأكدوا أنهم استحسنوا هذه المبادرة التي مكنتهم من الأكل. الإفطار والصلاة جماعيا.. بعد تقديم كل الوجبات، حيث كان أذان المغرب قد رفع، وعابرو السبيل وعدد من الشبان المتطوعين كانوا قد ملأوا الساحة من أجل الصلاة جماعة، بعد الانتهاء من الصلاة توجهوا إلى الإفطار على مائدة لم تختلف كثيرا أجواؤها عن أجواء المنزل، إذ تميزت إضافة إلى الطريقة النظيفة والمنظمة في وضع الأكل، بمشاعر التكافل والتلاحم والتآزر بينهم مما أضفى على المكان ميزة خاصة وفريدة يشعر بها كل من عايشها كما أنه يعتبر من المحظوظين. بعد الانتهاء من الأكل قام الشبان بتنظيف المكان وضحكاتهم تملأ المكان في شهر الإحسان والتوبة والغفران. وعن الوجبات التي تبقى بعد الإفطار، قال مسؤول الفوج إن هذه الوجبات تقدم للعائلات المعوزة حتى تأكلها في السحور