أثناء الاجتماع المنعقد يوم الخميس 17 جويلية 2014 بين وزارة الثقافة والمنتجين السينمائيين، أدان عدة متدخلين الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وكيفيات تدخلها في الإنتاج السينمائي. يسعى هذا البيان إلى توضيح دور الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي للرأي العام. الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي هي مؤسسة عمومية ذات طابع اقتصادي وتجاري، ولديها عدة مهام وفق قانونها الأساسي، أهمها ترقية الثقافة الجزائرية في الخارج واستقبال الثقافات الأجنبية في الجزائر، تضمن سير هذه المهام مساعدات مادية من الدولة لأنها تندرج ضمن الخدمة العمومية. للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، مهام تجارية أيضا، من بينها الإنتاج الثقافي (عروض، معارض، حفلات موسيقية وأفلام ...)، تأتي المهام التجارية للوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وفقا لقانونها الأساسي ولقائمة النشاطات لقانون التجارة. وعليه، فإن الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي مسجلة في المركز الوطني للسجل التجاري بصفتها شركة إنتاج وتوزيع سينمائي ونشاطات تجارية أخرى. تعمل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بصفتها منتجا سينمائيا أو منتجا سينمائيا مساعدا وفقا لدفتر شروط، كما هو منصوص عليه في ملحق المرسوم المعدِّل لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته، والذي يلزمها أساسا على أخذ حصص في حقوق الاستغلال السينمائي وفي ملكية الفيلم السالب، وعلى هذا الأساس تشترط الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في عقودها أن تكون مالكا مشتركا لحقوق الاستغلال وللفيلم السالب. وتضمن الدولة تمويل غالبية الأعمال السينمائية الجزائرية، والباقي يضمنه ممولون أغلبهم مجمعات كبرى في القطاع العام، تمنح الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي التي تعمل لحساب وزارة الثقافة، نسبة 97 % من حصة التمويل للشركات الخاصة للإنتاج السينمائي، ولا تتلقى سوى 3 % كمصاريف تسيير، طبقا لنصوص المرسوم المسير لصندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته، والتي يتم استغلالها في تمويل تكاليف التسيير (لاسيما القانوني والمالي) للإنتاجات، ولا تشكل في أي حال من الأحوال عائدا صافيا للوكالة. يأتي تمويل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي للإنتاجات السينمائية من أجل تغطية عدد لا بأس به من المصاريف بدءا بالتحضير وإلى غاية ما بعد الإنتاج، ومن بين هذه المصاريف أتعاب المنتجين الخواص كشركات (إنتاج تنفيذي)، وتلك المتعلقة بحقوق المؤلفين (كتاب السيناريوهات، المخرجون) وأيضا أجور الفرق التقنية والفنية، بما في ذلك المخرج بصفته تقني، وفي غالب الأحيان يكون المنتج الخاص هو كاتب السيناريو والمخرج في الوقت نفسه، مما يؤدي إلى دفع أتعاب لشخص مادي واحد عن عدة خدمات. يأتي تمويل الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في أقساط متتابعة حسب تقدّم إنتاج الفيلم، وهذه الطريقة مسيرة وفق تعليمات تسيير المال العام وتسمح بضمان الإنتاج الفعلي للفيلم. تفرض الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي في عقودها مع المنتجين الخواص على أن يلتزموا بقواعد الإنتاج المعمول بها في الصناعة السينمائية (مخطط عمل، التأمينات، احترام حقوق المؤلفين...الخ.) أغلب هؤلاء المنتجين هم منتجون منتدبون وبالتالي فالقرارات الفنية والتقنية في أيديهم بلا منازع، ويتم تصوير الفيلم على أساس السيناريو الذي وافق عليه صندوق تنمية الفن السينمائي وتقنياته وصناعته ويلتزم بذلك كل منتجي الفيلم بما فيهم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي. بصفتها منتج مشترك، تقوم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بالعرض الأول للفيلم وتضمن أيضا الترويج له في الخارج وهو ما لا يقوم به المنتجين الخواص بالرغم من أنهم في غالب الأحيان مكلفون باستغلال الفيلم، مما يزعج أغلب المنتجين أن الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي مالك مشترك لحقوق الاستغلال ومالك مشترك للفيلم السالب وأن لها إمكانية التحكم في استغلال الأموال التي تضعها تحت تصرفهم، وهو الدور الطبيعي لأي منتج مشترك بحكم قواعد الإنتاج في الصناعة السينمائية. وصف الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي على أنها طفيلية في قطاع الإنتاج السينمائي الجزائري يهدف إلى إضمار الرهان الرئيسي للمنتجين الخواص وهو الحيازة الاستثنائية لحقوق الاستغلال وملكية الأفلام السالبة، وهذا بالإضافة للموارد المالية المخصصة لهم مسبقا. صحيح أنه لا يمكن قيام صناعة سينمائية على القطاع الخاص فقط، ولكن لا يمكن قيامها أيضا في غياب مقاولين حقيقيين، هل يمكننا القول اليوم أن المنتجين الخواص يمكنهم النهوض بالسينما الجزائرية، مع العلم بأن عمل المنتج لا يمت بأي صلة بعمل المخرج، و أنه لا يوجد أي منتج اليوم يمكنه لوحده جمع كل الأموال اللازمة للسينما، وأخيرا، فإن التمويل الموجود حاليا وعلى المدى المتوسط يأتي من الدولة ؟ لكن يحاول المنتجون الخواص أن يروّجوا بأن لديهم حقوق على الدولة، ويتصرفون كأنهم يريدون أن تتحمل الدولة مخاطر إنتاج الفيلم الذي في حين أنها مسؤوليتهم هم، وفي غالب الأحيان يكون هؤلاء المنتجين هم المخرجين واعتادوا على الخلط بين هاتين الوظيفتين، فبصفتهم مخرجين أي مؤلفين لديهم الحق في الحصول على مساعدة الدولة التي تعدّ في هذه الحالة من واجباتها عليهم، ولكن بصفتهم منتجين فهم متعاملون اقتصاديون وليس على الدولة دعمهم، فهذا ليس من واجباتها ولا من حقوق المنتجين. يكمن الحوار الحقيقي مع السلطات العمومية في الإبقاء على تمويل السينما الجزائرية مع تحديد واضح ونهائي لحصة الدولة والحصة التي عليهم تحمّلها بصفتهم شركات إنتاج سينمائية، ويمكن القيام بهذا في إطار مخطط تعاون على التنمية. يبقى المشوار طويل للوصول إلى صناعة سينمائية وطنية، والتي يحملها المحترفون على عاتقهم بدعم من الدولة، ويجب إرساء حوارات صادقة بعيدة عن الاقصاءات التي لا تؤدي إلا لتأخير انطلاقة السينما الجزائرية التي طالما انتظرناها. الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي