يطالب المواطن التبسي، منذ سنوات، المصالح الأمنية وهيئات محاربة تبييض الأموال بالتحقيق في البزنسة والتلاعب في تسيير المنحة السياحية، بعد أن “عبثت” بها مافيا تبييض الأموال وحرم منها المواطن، رغم قيمتها الزهيدة، مقارنة بدول أخرى. وقد كانت ل”الخبر” جولة على مستوى الوكالات البنكية في تبسة بغرض التقرب من المواطن والتعرف على أهم العراقيل في صرف المنحة السياحية التي لم تراجع منذ عدة سنوات، وقيمتها 130 أورو، أي لا تتجاوز حتى 50 بالمائة من دول أقل موارد مالية من الجزائر بعدة مرات. ففي وكالة بنك الفلاحة والتنمية الريفية وسط المدينة سيجد المواطن نفسه مضطرا للحديث عن كل شيء إلا تقديم طلب لصرف المنحة السياحية، فقد قال أحد هؤلاء في قاعة الاستقبال ب«بدر بنك”، إن الوكالة توقفت عن صرف “المحنة”، كما يحلو للمواطن التبسي تسميتها، منذ 2005، بمبرر عدم حصولها على “الاعتماد”، ما يعني أن كل جوازات السفر التي صرفت المنحة قبل 2005 كانت خرقا للقانون، ويطرح أيضا عدة تساؤلات، منها “هل يمكن أن تمنع وكالة بنك عمومي من ممارسة هذه الخدمة؟”. وبجانب وكالة “بدر بنك” ستجد إجابة واحدة لدى البنك الوطني الجزائري أيضا، وهي “لا توجد وثائق الصرف” أو “لا توجد عملة أجنبية أصلا”. ويجد قاصد الوكالة صعوبة كبيرة في الولوج إلى مكتب مديرها إذا تعلق الأمر بهذه القضية، وهو ما وقفنا عليه عندما دخلنا قاعة الاستقبال بالبنك الوطني الجزائري بجانب مقر المجلس القضائي، حيث أكد عون الوقاية والأمن أن “المدير أعطى تعليمات تأمرنا بإبلاغ طالبي المنحة بانعدام وثيقة صرف المنحة لدينا”. إضافة إلى ذلك، لا توجد عملة صعبة في وكالة البنك الخارجي الجزائري، حيث قيل لنا بأن المدير هو من يسيّر العملية ويتسلم بين 150 إلى 180 جواز كل أسبوع.. وهي نفس الوضعية بوكالة القرض الشعبي الجزائري، حيث قيل للمواطنين إن “وثائق صرف المنحة السياحية مفقودة وحتى وإن وجدت فالعملية تتم يوما واحدا في الأسبوع”. “.. عليكم بالسوق السوداء” لكن لمن يرغب في الحصول على الوثيقة، عليه أن يتوجه إلى السوق السوداء.. هناك كانت لنا جولة وقفنا فيها على حقيقة مؤسفة.. أن بعض “البزناسية” يتخذون من الوثيقة مصدر رزق بين ممارسي مهنة الصرف والبنوك وحاملي الجوازات، حيث يباع حق الصرف بالجواز.. وتمكنا بمساعدة صديق من شراء وثيقة لصرف المنحة السياحية بمبلغ 500 دينار، وهو ما يؤكد “فرضية البزنسة وتلاعب مافيا تبييض الأموال بمبالغ العملة الصعبة” المرصودة كحق دستوري للجزائري، في غياب تام للرقابة، ومقابل ذلك تبقى بعض العائلات الميسورة الحال، ممن لديها بعض المواعيد الطبية بتونس وفرنسا وغيرها، في حيرة من أمرها لتوفير مبلغ مالي يسمح لها بالتنقل للتداوي أو تلبية المواعيد الطبية خارج الوطن بعد عمليات جراحية مستعصية، بينما ترك الحابل على النابل لثلة من الرؤوس الكبار تنقل العملة الصعبة للخارج كما يحلو لها. منحة هزيلة والطلب لا يطاق ويأمل المواطن التبسي في تحقيق أمني لخلية الأموال بوزارة المالية، والمصالح الأمنية للدرك والشرطة المتخصصة في مراقبة حركة العملة الصعبة، في تدخل عاجل لوضع حد لهذه “الحڤرة” التي هبطت بكرامة المواطن إلى الحضيض الأسفل، حتى بسبب قيمة المنحة التي لا تكفي لتأجير غرفة واحدة لشخصين بتونس في فندق متوسط الدرجة، كما يأمل المواطن على المستوى الوطني القضاء على هذه “السرقة المقننة” بتكريس حق الصرف واقعيا، وإلغاء الوثائق التي أصبحت مبررا لحرمان المواطن، لأن تكنولوجيا الإعلام الآلي كفيلة بمعالجة عملية صرف لا تتعدى دقيقة.