شرعت البنوك، مؤخرا، في إجراءات صارمة لوقف ''البزنسة'' في المنحة السياحية السنوية، حيث أصبح كل شخص مقبل على السفر ملزما بتقديم إثبات على أنه استهلك فعليا آخر منحة تحصل عليها، كشرط للحصول على قيمة 150 أورو التي تقدمها المؤسسات المصرفية. ويأتي هذا الإجراء تحسبا لقرار رفع قيمة هذه الأخيرة إلى حوالي 500 أورو، ومنع التلاعب بها، نظرا لانتشار السوق الموازية للعملة الصعبة وتعدد مصادر تمويلها. شدد المستشار الاقتصادي المستقل، عبد الرحمان بن خالفة، في تصريح ل''الخبر''، على ضرورة التعجيل في فتح تحقيق ودراسة معمقة حول السوق الموازية للعملة الصعبة، بعد أن تحولت إلى ظاهرة اقتصادية غير صحية، تطعن في مصداقية وسمعة الهيئات والمؤسسات الرسمية للدولة، حيث أصبح تداولها أمرا عاديا على طول الأرصفة وأمام مرأى أجهزة الأمن والمراقبة. وحذر محدثنا من عمليات غش كبيرة تحصل في هذا الإطار، لأن المعاملات والصفقات التي تتم على مستوى السوق الموازية غير متحكم فيها، ولا بد إذن، يضيف، من معرفة مصادرها وحجمها وآلياتها، ما دامت المبالغ المتداولة كبيرة جدا، وتثير الشكوك حول هوية أصحابها الحقيقيين ومن يقف وراءهم ويغذيهم، وهل يتعلق الأمر بمتعاملين صغار أم بارونات العملة الصعبة، الذين استغلوا انفلات الوضع من يد مصالح المراقبة للتحكم في سوق الصرف. وفي اعتقاد بن خالفة، فإن عدم فتح مكاتب الصرف، رغم مرور 15 سنة على صدور القانون، يطرح أيضا العديد من التساؤلات، وحان الوقت، حسبه، للتحقيق في هذه المسألة ودراسة انعكاسها على الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن الإقبال الواسع على السوق الموازية للعملة الصعبة إشكالية كبيرة من اللازم دراستها قصد احتوائها والتحكم فيها، من خلال التعجيل في تطبيق القانون، وخلق مكاتب صرف كبديل لها. وفي تعليقه على الإجراءات الصارمة التي شرعت في تطبيقها المؤسسات المصرفية، من خلال تشديد الرقابة على الاستفادة من المنحة السياحية السنوية، قال المستشار الاقتصادي المستقل إن التطور الذي تعرفه التكنولوجيات الحديثة والاستغناء عن التذكرة الورقية وتعويضها بالتذكرة الإلكترونية يحول دون مراقبة ما إذا كان صاحبها قد استهلك فعليا منحته السنوية المقدرة ب150 أورو، على مستوى وكالة السفر، لأن القانون يجبر أي شخص اقتنى تذكرة سفر دون أن يسافر فعليا، إعادة قيمة المنحة السياحية إلى البنك. وبسبب هذا التطور، أصبح العديد من الأشخاص يتعمدون اقتناء تذكرة سفر فقط للحصول على المبلغ، ثم تعويض سعرها ما دامت لا توجد أية رقابة. أما في حالة تزوير التذاكر أو التواطؤ مع وكالة السفر للحصول على المنحة السياحية، فإن الحالات المسجلة ليست كبيرة، يقول محدثنا، بسبب هامش الربح الضعيف الذي ينتج عن البزنسة بقيمتها المقدرة ب150 أورو، غير أن الحديث عن قرار رفع هذه القيمة إلى 500 أو 600 أورو، يفسر تشديد الرقابة على عمليات الاستفادة من المنح السياحية على مستوى البنوك، كي لا تتحول هذه المؤسسات المصرفية إلى مصدر آخر يغذي السوق الموازية التي تعرف رواجا لا بد من التحكم فيه.