رغم تحذيرات الأطباء والمختصين من خطر التعرّض لأشعة الشمس خاصة خلال موجات الحر الشديد التي تميز شهر أوت من كل عام، لا تزال فئة كبيرة من المواطنين تصنع الحدث بتعمّد الخروج في أوقات الذروة، مما يعرّضهم لمضاعفات صحية خطيرة، بدليل أن أغلبهم وخاصة كبار السن يتم إسعافهم على مستوى الأسواق الشعبية والطرقات العمومية. وفي هذا الصدد يقول الدكتور صايم عبد الله اختصاصي في الإسعافات الأولية، أن أصحاب الأمراض المزمنة والأشخاص كبار السن، والأطفال والنساء الحوامل هم الفئة التي تتضرر أكثر من موجات الحر التي أصبحنا نسجلها خلال كل صائفة. من جهته، أوضح البروفيسور امحمد غرينيك رئيس مصلحة استعجالات مستشفى مصطفى باشا الجامعي أن لكل فصل مميزاته وبفئة المرضى الخاصين به، وخلال فصل الصيف الذي يتميز بالحر الشديد خاصة خلال هذه الأيام، نستقبل فئة معينة من المرضى ممثلة في المصابين ببعض الأمراض المزمنة مثل القلب وارتفاع الضغط الشرياني وضيق التنفس. وأضاف أن الحر الشديد يؤدي إلى موت خلايا الجسم وأن درجة الحرارة التي تقارب 40 درجة أو تزيد عنها تشكّل خطرا على الصحة، خاصة وأن درجة حرارة الجسم محددة ب37 درجة، وبالتالي فما فوق ذلك يعني حالة غير طبيعية ويجب مراقبتها. مشيرا إلى أن مصالح الاستعجالات تستقبل خلال فترات الحر الشديد المئات من الحالات. علما بأن مستشفى مصطفى باشا لوحده يستقبل ما بين 300 إلى 500 شخص يوميا يشتكون من مضاعفات صحية وكبار السن، ويشكل أصحاب الأمراض المزمنة على غرار داء السكري وارتفاع الضغط الدموي والربو 50 بالمائة منهم. من جهته، أوضح الدكتور محمدي البشير طبيب مختص في الأمراض التنفسية بأن عددا كبيرا ممن يقصدون مصالح الاستعجالات بالمستشفيات والمستوصفات لا تستدعي حالاتهم التنقل إليها وإنما تحتاج الى رعاية منزلية بسيطة، غير أن فكرة مجانية العلاج هي التي جعلت “كل من يحس بأدنى شيء يتقرب من المستشفى”. وفي جولة إلى مصالح استعجالات مستشفيات العاصمة، لاحظت “الخبر” الإقبال الكبير للمواطنين الذين استسلموا لتأثيرات الحر، وشهدت مصلحة الأشعة بمستشفى مصطفى باشا على سبيل المثال حركة كثيفة بسبب توافد المواطنين المرضى بالقلب وارتفاع الضغط الشرياني، لإجراء فحوص بأشعة السكانير بعد إصابتهم بنوبات قلبية أكدت المعاينات الطبية أنها جراء الحرّ الشديد. بالإضافة إلى مرضى القلب، شوهد أشخاص يشتكون من حالة الجفاف الحاد وهؤلاء تم إخضاعهم لحصص إعادة التمييه. وفي هذا الصدد قال أحد الأطباء إن الأمر يتعلق بإجهاد حراري أصابهم بسبب فقدان أجسامهم لكميات كبيرة من السوائل، مما أدى إلى حدوث اضطراب في وظائف الجسم. مشيرا إلى أن العدد كان مرشحا للارتفاع، لو تزامنت موجة الحرّ هذه مع أيام الأسبوع المفتوحة (غير يومي الجمعة والسبت) بسبب تردد الأشخاص على أماكن عملهم. ويرى البروفيسور غرينيك، أن ما يجب فعله في مثل هذه الحالات خاصة بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، هو البقاء في بيوتهم وعدم الخروج إلا في آخر النهار بعد أن تبدأ درجات الحرارة في التراجع. الصيدلية.. وجهة إجبارية من جهتها، كانت العديد من الصيدليات قبلة لكثير من المواطنين الذين أقبلوا على اقتناء أملاح إعادة التمييه لصغار وكبار السن أثّرت عليهم موجة الحر جراء تعرضهم للجفاف. كما عرفت الأدوية المضادة للحمى وضربات الشمس إقبالا، حيث قال أحد الصيادلة أنه باع في يومين كمية كان يتم تصريفها عادة خلال أسبوعين مرجعا السبب إلى شدة الحر. لتضيف من جهتها بائعة بإحدى صيدليات بحي سعيد حمدين المداومة مدة على مدار ال24 ساعة أنهم استقبلوا خلال ليلة الجمعة إلى السبت عددا كبيرا من الزبائن الذين طلبوا أدوية مضادة للإسهال خاصة بالأطفال وأملاح إعادة التمييه ومضادات الحمى والكريمات المخففة لضربات الشمس لمن قصدوا الشواطئ يوم الجمعة.