بعد فوز أردوغان في الدور الأول هل سيعدل الدستور لزيادة صلاحياته كرئيس؟ تغيير الدستور بيد رئيس الجمهورية، ولكن الصلاحيات التي يملكها رئيس الجمهورية موجودة ويكفي أردوغان استعمال هذه الصلاحيات، فرئيس الجمهورية لديه الصلاحيات مثلا لإقالة الحكومة، كما أنه يترأس مجلس الوزراء، وهذه الرئاسيات ستمهد الطريق لتغيير النظام البرلماني في تركيا إلى نظام رئاسي مثلما هو الحال في الولاياتالمتحدةالأمريكية أو نظام شبه رئاسي مثل فرنسا، لكن تعديل الدستور لن يكون بعد وقت قصير، بل سيترك أردوغان الأمر ليناقش على مستوى الرأي العام التركي في الصحف وفي هيئات المجتمع المدني، وعندما يرى أن الشعب يرغب في تغيير نظام الحكم، فسيمضي في هذا الطريق، وإذ لم يلمس حماسة لدى الشعب للتغيير فسيكتفي بالصلاحيات الممنوحة له في الدستور الحالي. ما الفرق بين الصراع السياسي خلال الانتخابات البلدية في مارس الماضي والانتخابات الرئاسية الحالية؟ الفرق كبير بين الانتخابات المحلية والرئاسيات الحالية، ففي الانتخابات البلدية كل الأحزاب شاركت بمرشحيها، ومع ذلك فاز الحزب الحاكم ب45 بالمائة، أما في الرئاسيات فلا يشارك سوى ثلاثة مرشحين، ففي هذه الانتخابات اتفقت أحزاب المعارضة (حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومي بالإضافة إلى الأحزاب اليسارية الصغيرة) ضد أردوغان وقررت ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو. حزب السلام الكردي فاز بأصوات الأكراد في الانتخابات البلدية الأخيرة، لكن مرشح الأكراد في الرئاسيات هو من حزب الشعب الديمقراطي، كيف ذلك؟ حزب الشعب الديمقراطي هو الحزب الكردي الوحيد الممثل في البرلمان، ومن شروط الترشح للرئاسيات أن يحصل المترشح على توقيع 20 نائبا في البرلمان، وعلى هذا الأساس تم ترشيح صلاح الدين دميرطاش من حزبه، والأكراد يعرفون أنهم لن يفوزوا برئاسة تركيا، ولكنهم يريدون أن يعرفوا كم سيحصلون من أصوات المعارضة، وهذه أول مرة يترشح فيها كردي لحكم كل تركيا، ويطلب فيها الأصوات من غير الأكراد، وهذا جاء بعد المفاوضات التي فتحها أردوغان مع الأكراد، ويعتبر هذا تطورا جديدا في المسألة الكردية في تركيا، لأن الأكراد أصبحوا يطمحون للوصول إلى أعلى المناصب بدل الانفصال. هل كانت الحملة الانتخابية شديدة الحماسة مثلما كان عليه الحال في انتخابات مارس الماضي أم أنها عرفت فتورا على أنها محسومة مسبقا لأردوغان؟ حضور الحزب الحاكم في الميادين لا يقارن مع بقية الأحزاب والمرشحين الآخرين، وحشد الحزب الحاكم أنصاره بأعلى درجة مثل الانتخابات البلدية أو أكثر، وفي هذه الانتخابات اعتبر أردوغان أنه ينافس مرشح الأجانب، واعتبر هذه الرئاسيات بمثابة الاستقلال الثاني لتركيا، حيث استطاع أن يحشد في إسطنبول لوحدها مليوني شخص. اتهام أردوغان منافسه أكمل الدين بأنه مرشح الأجانب، هل يعني أن دولا إقليمية وعالمية دعمت مرشح المعارضة فعليا؟ التدخلات الدولية لا تكون بالبيانات السياسية، ولكن سياسة أردوغان غير مرغوب فيها في العديد من الدول مثل إسرائيل ودول الخليج وإيران بسبب مواقفه من فلسطين ومصر وسوريا، لذلك فهذه الدول لا تحبذ فوزه في الرئاسيات، لأنه تقوى أكثر. فتح الله كولن زعيم جماعة الخدمة أعلن دعمه لأكمل الدين إحسان أوغلو، هل دفع ذلك جزءا من الإسلاميين في تركيا إلى دعمه ضد أردوغان؟ جماعة الخدمة مشكلة أخرى في تركيا، وقد قرر أردوغان تطهير مؤسسات الدولة من التنظيم الموازي، سواء في الشرطة أو الجامعات أو الإدارات، وكولن لم يعلن في بياناته دعمه لأكمل الدين إحسان أوغلو لكنه تمنى فوزه، بل هو (كولن) هو الذي جاء بأكمل الدين إحسان أوغلو كمرشح لأحزاب المعارضة، لأنه كان من المستحيلات السبعة اتفاق حزب الشعب الجمهوري (يسار) مع الحركة القومية (أقصى اليمين) وفتح الله كولن (إسلامي) على دعم مرشح واحد، وحتى الأحزاب الصغيرة استجابت لطلب كولن ودعمت أكمل الدين إحسان أوغلو. كما أن إعلام جماعة الخدمة كان يغطي جميع نشاطات مرشح المعارضة.