قال الحقوقي والرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، إن مصادقة مجلس الوزراء على تعديل قانون العقوبات من أجل تعزيز مكافحة العنف ضد النساء، وفرض عقوبات ضد الزوج المتهم بالعنف ضد زوجته، جاءت تلبية لمطالب الرابطة منذ سنوات، بتجريم العنف المنزلي عموما، مشيرا إلى أن العلاقات السرية والزوجبة لا تربطها القوانين، وإنما التسامح والمودة والرحمة بالنسبة للعلاقة بين الزوجين . وذكر المحامي غشير، في السياق، أن النص القانوني لا يحل مشكل العنف الأسري، وإنما لا بد من تهذيب الأخلاق والعمل على تغيير الذهنية السائدة في المجتمع تجاه المرأة، مضيفا أن العلاقات الزوجية لا تبنى بالنصوص القانونية، وإنما بالمودة والرحمة، والقانون لا يتدخل إلا في حال الإخلال بهذين المبدأين. وحول نفس النقطة، تساءل المحامي صادق شايب، عضو مجلس نقابة المحامين للعاصمة، والأمين الجهوي لإفريقيا الشمالية للاتحاد الدولي للمحامين ورئيس اللجنة الوطنية للاتحاد سابقا، إن كانت التعديلات التي أقرها المشرع فيما يخص العنف ضد المرأة مواكبة للقوانين الدولية، وهل حدد أعمال العنف ضد المرأة من حيث مدة الحبس والغرامة المالية، وهل هناك أركان لجريمة الضرب والجرح وأعمال العنف. وقال المحامي إن العلاقة الزوجية ترتكز على المودة والرحمة، ولكن من بين ما يعكر صفوها هو أعمال العنف كظاهرة عالمية لا تخص المجتمع الجزائري أو العربي أو الإسلامي، معربا عن تخوفه من التعسف في استعماله من قبل الزوجة التي قد تواجه تهمة التصريح الكاذب. وأبرز المحامي شايب، في الإطار ذاته، ضرورة توفير ميكانيزمات لتطبيق هذا القانون، مشيرا إلى أن الشرطة ليست لها صلاحيات التدخل في حالات إبلاغها بتعرض الزوجة للعنف من قبل زوجها ليلا، لأنها ستكون في مواجهة تهمة انتهاك حرمة منزل، مضيفا بالقول “نرحب بالتعديلات إذا كانت مرفوقة بثقافة الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة وحماية كليهما”. وفي نفس الاتجاه، لم يستبعد المحامي بوبنيدر رشيد تعسف الزوجة والمرأة عموما في تطبيق القانون المعدل، إذ قال “لابد من دراسة نفسية على المجتمع الجزائري قبل تعديل قانون العقوبات، فمن السهل تغيير نص قانوني وإعطاء صلاحيات للزوجة دون الزوج، علما أن الكثير من الأزواج لا يدخلون منازلهم بسبب تعرضهم للعنف النفسي من قبل الزوجة”، مضيفا في إثبات جريمة العنف ضد المرأة “الدليل في مثل هذا النوع من الجرائم مستحيل، والقاضي يستند لتصريحات الطرفين، أظن أن القانون المعدل انحاز للمرأة”. ومن وجهة نظر الأستاذ نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن المصادقة على مشروع تعديل قانون العقوبات لحماية المرأة من مختلف أشكال العنف سواء من الزوج أو في الشارع شيء إيجابي، خاصة أن الجزائر صادقت على الاتفاقية الدولية لحماية المرأة، لكن ذلك مرهون بتوفير ميكانيزمات وكذا شروطها حتى لا يتعسف الزوج في تطبيقه، على حد قوله. الأطفال ينتظرون تفعيل الآليات وبخصوص مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بحماية الطفل، ثمّن رئيس شبكة “ندى” للدفاع عن حقوق الطفل، عبد الرحمن عرعار، إنشاء جهاز وطني لحماية وترقية الطفولة، معتبرا أنه مكسب تحقق لأطفال الجزائر ليضمن لهم الحماية القانونية الكاملة، حيث “ستكون المصلحة الفضلى للطفل الفاصل في أي قرار قضائي، وتسمو حتى على القانون”. وقال عرعار، في اتصال مع “الخبر”، في قراءته الأولى للخطوط العريضة للقانون، بأنه سيؤمن لأطفال الجزائر الحماية الخاصة في شقها الاجتماعي والقضائي، خاصة من جانب اعتماد مندوب الطفل، وتعزيز صلاحيات قاضي التحقيق والوساطة الاجتماعية، والأهم الاعتماد لأول مرة على تصوير الفيديو عند الاستماع للأطفال ضحايا الانتهاكات الجنسية “وهذا كان من أهم مطالبنا”. وحول هذه النقطة أوضح عرعار: “سيتم الاستماع للطفل مرة واحدة، حيث ستسجل إفادته للرجوع إليها في أطوار التحقيق، لتجنيب الطفل معاناة تكرار رواية تفاصيل الاعتداء الذي يكون قد تعرض إليه، مراعاة لحالته النفسية”. وأبرز المتحدث أنه من بين أهم الآليات التي جاء بها القانون تعزيز صلاحيات قاضي الأحداث، مضيفا “قاضي الأحداث سيكون له الضوء الأخضر لاتخاذ أي قرار يرى أنه من مصلحة الطفل ضحية العنف، دون الرجوع إلى النيابة العامة”. وتحدث عرعار عن أهمية اعتماد مندوب الطفل، وهو تابع للجهاز الوطني لحماية وترقية الطفولة، حيث سيكون آلية مستقلة تتحدث باسم الطفولة لدى الهيئات الرسمية، تتبع الوزارة الأولى مباشرة وتستقبل الشكاوى إلا في حال القضايا الجنائية، مواصلا: “في حال أي انتهاك لحقوق الطفل سيكون المندوب هو الذي يتدخل وينوب عنه”. وأضاف المسؤول الأول في شبكة “ندى” أنه من بين النقاط المهمة التي جاء بها القانون هي أن كلمة الطفل سيكون لها وزنها وستكون الفصيل في أي قرار قضائي، موضحا: “إذا جاء في تصريحات الطفل أنه تعرض لاعتداء فلا مجال لتكذبيه حتى وإن كانت هناك شكوك، فإذ لم تأخذ تصريحاته بعين الاعتبار وثبت صدقها ستتم متابعة المسؤول عن ملفه، سواء أكان قاضيا أو عنصر أمن أو غير ذلك، وكل هذا من أجل حماية الطفل”. وتوقف عرعار عند المصادقة على مشروع قانون إنشاء صندوق النفقة الغذائية التي ستكون من مسؤولية الدولة حال إخلال الزوج بمسؤولياته، إلى أن يتم تسوية الأمر مع الأب “وهذا سيكون له انعكاس إيجابي على الأطفال ضحية الطلاق، المحرومين من حقهم في النفقة”. وشدد عرعار على ضرورة تجنب سوء الفهم المتعلق بهذا الجانب “هذا ليس له علاقة بقانون الأسرة وليس تشجيعا للطلاق مثلما قد يتم تأويله، بقدر ما هو حماية للأم وأطفالها لما ينجر عنه من تأثيرات سلبية بسبب الإهمال العائلي وإخلال الأب أو الزوج السابق بالنفقة، على صحة الطفل وتمدرسه وأخلاقه أيضا”. من جانب آخر، اعتبر محدثنا ترسيم يوم وطني للطفل يصادف تاريخ إصدار هذا القانون “بالمناسبة لتقييم كل مرحلة من مراحل تنفيذ القانون”، مؤكدا على ضرورة الإسراع في آليات التنفيذ. ”اليونيسيف” يعوّل على القانون الجديد من جانبه وصف المكلف بالاتصال في مكتب “اليونيسيف” في الجزائر، فيصل عولمي، المصادقة على مشروع القانون المتعلق بحماية الطفل، وإنشاء جهاز وطني لحماية وترقية الطفولة، بأنها “إنجاز مهم لمصلحة أطفال الجزائر وحمايتهم من كل أشكال الانتهاكات”. واعتبر عولمي أن المصادقة على القانون ستجعل من الجزائر بمثابة مرجع لدول ونموذج لباقي دول المنطقة التي لم تبلغ بعد هذا المستوى، مؤكدا أنه بمثابة استمرارية لما حققته الجزائر سابقا لحماية أطفالها، خاصة فيما يتعلق بالمخطط الوطني لحماية الطفولة، الذي تم اعتماده بالتنسيق مع “اليونيسيف”، “الجزائر قطعت أشواطا في هذا المجال، فلا يمكن تجاهل أن 98 بالمائة من أطفال الجزائر متمدرسون والمدرسة تضمن لهم الحماية، كما أن أغلبيتهم يستفيدون من التلقيح وغير ذلك”. وعن ما سيقدمه هذا القانون للأطفال ضحايا العنف والاعتداءات، أضاف عولمي بأنه يعوّل على هذا القانون لحماية أطفال الجزائر من كل أشكال العنف، وهو ما ينتظر أن تحققه الآليات التي جاء بها القانون، على غرار تعزيز صلاحيات قاضي التحقيق، جلسات الفيديو لضحاي الاعتداءات الجنسية، وغيرها. وأشار عولمي في الوقت نفسه إلى أهمية إيصال الرسالة إلى المجتمع، بوجود هذه القوانين التي تحمي الطفولة.