أول ملتقى وطني حول الأخطاء الطبية الضحايا يتكتلون لكسر الصمت المسلّط عليهم تزايد الحديث عن ضحايا الأخطاء الطبية خلال السنوات العشر الأخيرة التي تضمنت الكثير من الفضائح في قطاع الصحة، ابتداء من حادثة الختان الجماعي التي عرفتها منطقة الخروب بقسنطينة سنة 2005 والتي راح ضحيتها 17 طفلا قبل أن يمتد مسلسل الفضائح إلى سنة 2007، أين فقد 31 ضحية بصرهم في بني مسوس بالعاصمة، وفي 2009 تعرّض 8 ضحايا إلى اقتلاع أعينهم في مصحة “الأنوار” بقسنطينة. وقبل هذا، تم تسجيل العديد من الضحايا الذين ظلوا يعانون ويطالبون بحقوقهم بشكل فردي عبر أروقة المحاكم التي عمّقت مأساتهم باعتراف حقوقيين ومحامين على غرار فاروق قسنطيني ومصطفى بوشاشي، حيث صرحت مؤخرا وزارة العدل بوجود 20 ألف ملف لضحايا الأخطاء الطبية بالمحاكم، من جهتها صرحت المنظمة الوطنية للضحايا أن 90 بالمائة من هذه القضايا تصل إلى المحكمة العليا. هذا التهميش والصمت الذي قابلهم به المسؤولون، دفع بالضحايا للتكتل والتحرك، عن طريق التقرب من الإعلام في إطار المنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية، التي تمكّنت من إحصاء 1200 حالة عبر التراب الوطني، حسب تصريح محي الدين أبو بكر، ممثل عنها، فبدأت موجة اعتصامات الضحايا الذين قاموا سنة 2011 بتنظيم اعتصامين أمام رئاسة الجمهورية والبرلمان ووزارة الصحة أيضا، بمشاركة الأطفال للمطالبة بالتكفل بالحالات الاستعجالية ومحاسبة المتسببين في معاناتهم، من قطع للأعضاء، فقدان للبصر، الموت والتسبب في إعاقات وعاهات مستديمة، وفتح تحقيق لكشف ما أسموه بتواطؤ الأطباء الشرعيين الذين يتم تعيينهم من قبل القضاة من أجل تقرير الخبرة الطبية التي ترهن مصير ملفاتهم وحقوقهم، وهو ما جعل القضية تطفو على السطح وتنتقل إلى الجانب الأكاديمي، حيث من المنتظر أن تنظم كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة المدية ملتقى وطنيا، الأول من نوعه حول الأخطاء الطبية يومي 26 و27 نوفمبر القادم، حسب تصريح رئيس الملتقى الدكتور حاج الله مصطفى ل”الخبر”. وأكد المتحدث أن فكرة الملتقى جاءت نتيجة ما أسماه بالتزايد في عدد الأخطاء والضحايا في السنوات الأخيرة، حيث من المنتظر مناقشة القضية من قبل باحثين في علم الاجتماع وعلم النفس وبمشاركة أطباء ومختصين وممثلين عن الضحايا، من أجل تحديد مواقع الخلل في معالجة القضية من المنظور القانوني والجوانب الأخرى الفاعلة فيها. البروفيسور جيجلي ينتقد مستوى التعليم في الكليات “تراجع خطير لمستوى الطبيب الجزائري” دقّ البروفيسور جيجلي، رئيس النقابة الوطنية للأساتذة الاستشفائيين، ناقوس الخطر جراء التدهور اللاّفت لمستوى التعليم الخاص بالعلوم الطبية في السنوات الأخيرة، على مستوى جميع كليات الطب المتوزعة عبر الوطن. مضيفا بأن “الوضع وصل إلى حدود كارثية، مما يستوجب إجراءات تقويمية مستعجلة لتدارك الوضع. وحذّر المسؤول الأول على أعلى تصنيف لشريحة الأطباء الجزائريين، في تصريح أدلى به ل”الخبر” أمس، من استمرار الحالة التعليمية المتقهقرة التي آل إليها تدريس العلوم الطبية في الآونة الأخيرة نتيجة الانعكاسات السلبية التي باتت تظهر مؤشراتها على أهل المهنة في الميدان، لاسيما لدى المتخرجين الجدد، محملا مسؤولية ما يحدث على أرض الواقع إلى الاستراتيجية التي تسير وفقها المنظومة التعليمية المعتمدة أساسا على الكمّ ولغة الأرقام، على حساب نوعية وجودة الأطباء الذين تلفظهم الكليات باتجاه الممارسة الطبية والحياة المهنية نهاية كل موسم، الأمر الذي اضطرّنا مؤخرا إلى مطالبة وزير التعليم العالي والبحث العلمي بعقد لقاء مستعجل لفتح هذا الملف الحسّاس. وفي سياق تشريحه لهذه الأزمة التي ستكون عواقبها وخيمة جدا على قطاع الصحة مستقبلا، أوعز المتحدث أسبابها الرئيسية إلى مجموعة من العوامل يتقاسم مسؤوليتها ضعف التأطير المضمون في كليات الطب وقدرات الطلبة المحدودة، فضلا عن معضلة المنظومة التربوية برمّتها وضعف المصالح الإدارية. مضيفا بأن “السلطات الوصية مطالبة بإعادة النظر جذريا في نمط وطريقة التأطير إذا أرادت إنقاذ سمعة الطبيب الجزائري، لأنه من غير المعقول أن يفتح مجال التدريس لأي كان مثلما هو جار في الميدان”. وفي موضوع آخر، أكد البروفيسور جيجلي، بأن هيئته ستضغط بقوة خلال اللقاء المزمع عقده مع وزير القطاع في غضون الأيام القليلة المقبلة، من أجل تعديل الإجراءات المتعلقة بإحالة الأساتذة على التقاعد، مُعتبرا تمكين الأساتذة من نسبة 55 بالمائة فقط من أجورهم بعد التوجه نحو التقاعد ظلم كبير في حق هذه الفئة. وهدّد المتحدث السلطات العمومية بالمطالبة باسترجاع الاشتراكات التي يدفعها الأساتذة إلى مصالح الضمان الاجتماعي دون أن يستفيدوا منها أثناء إحالتهم على التقاعد بسبب القانون الذي يُسقّف قيمة أجر المتقاعد ب 15 مرة الأجر القاعدي المضمون كحد أقصى. مضيفا بأن الجهات الوصية مُخيّرة ما بين إرجاع هذه الاشتراكات لأصحابها أثناء تقاعدهم، أو تمكينهم من 80 في المائة من أجورهم على غرار باقي مستخدمي الوظيف العمومي، وذلك من خلال إلغاء القانون المحدد لسقف أجور المتقاعدين. وأضاف جيجلي، بأن هذا الموضوع سيكون في مقدمة الملفات التي سيتم فتحها مع الوصاية، من أجل تحسين الوضعية الاجتماعية للبروفيسور فور تقاعده عن العمل، مضيفا بأن النقاش سينصبّ أيضا حول مسألة البث النهائي في السن القانونية لخروج الأساتذة من الوظيف العمومي، مع إمكانية مواصلتهم العمل في حالة الضرورة دون تولي رئاسة المصالح. كما ستحرص النقابة حسب رئيسها جيجلي، على استفسار الوزير حول مصير هيئة التنسيق الوطنية للاستشفائيين الجامعيين التي تعيش جمودا مُحيّرا منذ تاريخ تنصيب أعضائها المنتخبين قبل سنة مضت، حيث لم يظهر أي أثر لهذه الهيئة منذ ذلك الحين، بالرغم من أهميتها الكبيرة في تحديد الاحتياجات الكبيرة التي يتطلبها القطاع والمسائل الاستراتيجية التي تحتاجها الصحة. وهران: محمد درقي ممثل المنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية ل”الخبر” “قضاة يتغاضون عن تزوير مفضوح في الخبرة الطبية” انتقد محي الدين أبو بكر، ممثل عن المنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية “الغياب المتعمّد” لحقوق ضحايا الأخطاء الطبية في قانون الصحة الجديد، وقال في حوار مع “ الخبر” إن المشرع ركّز على حقوق وواجبات عمال القطاع لكنه لم يقدّم شيئا لضحايا الأخطاء الطبية. صرحتم في وقت سابق أنكم تعلّقون آمالا كبيرة على قانون الصحة الجديد، ماذا وجدتم فيه؟ “للأسف قانون الصحة الجديد لم يقدّم لنا شيئا ولم يتحدث عن هذه الفئة إطلاقا، وأشير إلى أن قانون الصحة يخدم فقط عمال قطاع الصحة ولا يخدم المريض مطلقا، وأتساءل كيف يتحدث القانون الذي يضم أكثر من 400 مادة عن استيراد السجائر بينما يهمل فئة كبيرة كضحايا الأخطاء الطبية التي بلغ عدد الملفات التي قمنا بإحصائها حتى الآن 1200 ملف على المستوى الوطني، إنها مهزلة حقيقية. ويمكنني أن أستشهد هنا بتصريح وزير الصحة، الذي أكد في وقت سابق أنه يناقش القانون مع 19 نقابة التي من الطبيعي أن تدافع عن عمال القطاع، في حين تم إبعاد كامل للجمعيات المدافعة عن المريض الجزائر هي البلد الوحيد الذي ليس لديه قانون خاص بهذه الفئة، التي لا تلقى أي اهتمام من قبل المسؤولين، بالرغم من الهزات العنيفة التي عرفها قطاع الصحة والاعتصامات المتكررة التي قمنا بتنظيمها منذ سنة 2011 أمام مقر رئاسة الجمهورية والبرلمان ووزارة الصحة أيضا، عكس باقي الدول. فعلى سبيل المثال مدينة دبي بالإمارات العربية، تحتضن كل ثلاثة أشهر ملتقى دوليا حول ضحايا الأخطاء الطبية، وتوجد بها محاكم خاصة لمعالجة قضايا هذه الفئة، وفي السعودية أيضا يتم سنويا تنظيم ملتقى باسم أحد الضحايا، بينما لم نحصل نحن حتى اليوم على وصل الاعتماد لمنظمتنا بالرغم من إيداعنا الملف شهر مارس الماضي”. من يقف وراء هذا الصمت في رأيكم؟ هذا الصمت متعمد، وهو راجع إلى غياب الشجاعة لدى المسؤولين وعلى رأسهم وزير الصحة والأمين العام بالوزارة لفتح ملفات الأخطاء الطبية لأنها تكشف جرائم مخيفة تمس القطاع.. إنهم لا يعترفون بنا كضحايا ويخاطبوننا كمرضى، بينما نطالب نحن بفتح تحقيقات في ملفاتنا. وسبق وأن طالبنا بتخصيص هيئة على مستوى وزارة الصحة تهتم بمشاكلنا، لأن الوزارة حاليا تدافع على الأطباء وتتستر على جرائمهم، مثلما صرح وزير الصحة مؤخرا أن الوزارة تخصص محام لكل قابلة متابعة قضائيا، بينما لم نجد هذا الاهتمام بالنسبة للضحايا الذين تحولوا إلى ضحايا عدالة. فمثلا عندما نواجه الطبيب المسؤول عن المأساة يقول لنا اذهبوا للعدالة بلا خوف، لأنه يعرف أنه يتمتع بالحصانة. وهنا أؤكد أن العدالة لا تقوم حتى باستدعاء الطبيب للتحقيق معه، وفي الغالب تحكم بالبراءة وفي أسوإ الأحول بالرقابة القضائية لا أكثر وهو ما حوّلنا إلى ضحايا عدالة، أين تستغرق القضايا حتى 15 سنة كاملة، وتصريح وزارة العدل بأن قضية 20 ألف قضية أمام العدالة دليل على أنها لا تعالجها”. القضاة يقولون إنهم يستندون إلى تقارير الخبرة الطبية عند الفصل في هذا النوع من القضايا، ما تعليقكم؟ “أؤكد أن العدالة تعمل على إخراج الطبيب من القضية مثل الشعرة من العجين. بعض القضاة يقومون بحفظ الملف دون تعيين طبيب خبير ويحكمون بأنفسهم على عدم وجود خطأ طبي وهذا اعتداء صارخ على القانون. غير هذا، فإنهم يتغاضون عن التزوير الواضح في تقارير الخبرة الطبية، مثلا عملية نزع الماء باستعمال الإبرة، منطقيا لا يمكن أن تترك آثار جروح بطول 2سم، ثم يأتي الطبيب الشرعي ويصرح أن الجروح نتيجة عملية نزع الماء بالإبرة. من جهة أخرى، شخصيا رفعت دعوى قضائية لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، ولأنني كنت أملك كل الأدلة، فإن الطبيب الشرعي لم يتمكن من نكران وجود خطإ، غير أنه بالمقابل لجأ إلى تقليص حجم الضرر، فبدل الاعتراف بأنني أجريت عمليتين جراحيتين، كتب أنني أجريت واحدة فقط، من جهة أخرى قام بتزوير الخبرة على أساس أنه خطأ استشفائي وليس طبي، أضيف نقطة مهمة، فالقضاة يقومون في كل مرة بتعيين الطبيب الشرعي، ولو كان الأمر يتعلق بقضية في جراحة العيون، أو تعرض امرأة أثناء الولادة مثلا لخطإ على مستوى الرحم، لا أفهم ما علاقة الطبيب الشرعي بهذا”. وشهد شاهد من أهلها بقاط: “أطباء شرعيون لكن خبراء في كل التخصصات” مع استمرار نداءات ضحايا الأخطاء الطبية، المطالبة بالتكفل بهم ومحاسبة المسؤول عن مأساتهم، وأمام المسؤولية التي حملها حقوقيون ومحامون للعدالة التي أزّمت الوضع بتركها لملفات الضحايا عالقة بالمحاكم، تبقى الكثير من الأسئلة والشكوك تحوم حول تقارير الخبرة الطبية التي تلجأ إليها العدالة من أجل تحديد وقوع الخطأ الطبي من عدمه ومن ثم معالجة الملف بناء على ذلك. حول تقارير الخبرة الطبية التي يقول الضحايا أن أغلبها غير منصفة وتؤدي في الغالب إلى حفظ الملف على مستوى العدالة، قال رئيس عمادة الأطباء بركاني بقاط، في اتصال مع “الخبر”، إن تحديد الخطأ الطبي في الجزائر لا يتم كما يجب، حيث يلجأ القاضي عادة إلى تعيين طبيب شرعي من أجل تحديد نوع الخطأ بغض النظر عن نوعية التخصص المرتبط بالقضية التي يجب أن يحقق فيها لتحديد مدى صحة ارتكاب الطبيب المتهم للخطأ، مصرحا: “مثلا يتم تعيين طبيب شرعي لا علاقة له بالجراحة من أجل التحقيق في عملية جراحية قلبية، بينما كان من المفروض تعيين طبيب مختص في جراحة القلب ليتمكن من فهم حقيقة ما جرى”، مشيرا إلى أن هذا التقييم من قبل الطبيب الشرعي مازال يخضع إلى ميكانيزمات تقليدية لا تراعى فيها عملية التخصص بالنسبة للخبراء، وهناك من هم غير مؤهلين أصلا لهذه الخبرة. وأضاف بركاني بقاط أنه توجد مجموعة من الأسماء ثابتة هي التي يتم تعيينها دائما وفي كل مرة وفي كل الحالات بالرغم من اختلافها ودون احترام التخصص الذي وقع فيه الخطأ. مؤكدا “هناك مجموعة من الأسماء دائما تعيّنهم العدالة كخبراء، مع أنهم ليس لديهم علاقة بالجراحة وبالكثير من التخصصات”. وأوضح ذات المتحدث أن الطبيب الخبير يعتمد عادة على طرق معينة في التقييم تستند إلى الطريقة المعتدلة التي يجب أن يتم اتباعها في العملية الجراحية مثلا، إلا أن الطب فن، معبرا: “لو لم يكن كذلك لكنا اخترعنا أجهزة لتجري العمليات” أي أن الطبيب قد يجد نفسه مضطرا إلى اتباع طريقة مخالفة لضمان نجاح العملية وذلك حسب طبيعة المريض وحالته، وعند فشل العملية، فإن الطبيب يكون ملزما بالإجابة على أسئلة الخبير لدى استجوابه، وهنا قد تكون أجوبته مقنعة وقد تكون عكس ذلك، ولهذا يجب أن يكون الخبير متخصص لاستيعاب هذا التغيير بما يسمح له بكتابة التقرير الصحيح. وفي سؤال حول ما يتم تداوله حول تضامن الأطباء وإدلائهم بتقارير لفائدة زملائهم، نفى بركاني الأمر كون القانون يعاقب عليه، مصرحا: “في العادة يتم تعيين خبيرين مع مراعاة الفوارق، فإذا كان الأول من القطاع الخاص يكون الثاني من القطاع العام، ويشترط أن تكون النتيجة متوافقة للأخذ بها”. وأشار بركاني بقاط إلى أن الأخطاء الطبية جد محتملة وواردة جدا، معتبرا أن الطبيب ملزم بالعملية وليس بالنتيجة، لأن أي عملية جراحية قد تترك آثارا غير متوقعة إطلاقا. وعن نوع الأخطاء الطبية التي تقع في الجزائر، كشف أنها لا تتعدى تلك التي تقع في بلدان العالم الأخرى خاصة في مجال الجراحة، غير أن السبب الأساسي في ارتفاع معدلها لا يرجع فقط للطبيب، وإنما لنقص الإمكانيات والتجهيزات الطبية الحديثة والمتطورة. مصرحا: “الأطباء الجزائريون ليسوا مجرمين، وفي حالات نادرة يتعمّد الخطأ، هنا ترجع إلى المسؤولية الشخصية”. وعن التكفل بالحالات الاستعجالية في حال ثبوت الخطأ الطبي أكد بركاني: “اقترحنا وضع صندوق وطني تموّله الدولة خاص بالحالات التي أثبت أنها ضحية خطأ طبي بغض النظر عن المسؤول، وتعويض الضحية بصفة مبكرة من أجل تدارك ما يمكن تداركه”. مؤكدا أن الدولة هي المسؤول الأول عن التكفل بالمريض محليا أو تحويله إلى الخارج. البروفيسور مصطفى خياطي “البيروقراطية تتحكم في منحة التكفل” أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، خياطي مصطفى، لجريدة “الخبر”، أن 400 طبيب متابع قضائيا في ملفات الأخطاء الطبية. مشيرا إلى أن لجنة الخبراء التي تقوم بتحديد وقوع خطأ طبي من عدمه محلفة، وتقوم بتقديم تقاريرها إلى القضاء الذي يتولى فيما بعد الفصل في الملف. معتبرا اللجنة تابعة للعدالة أكثر منه إلى الأطباء لمنع ما يسمى بالتضامن مع الزملاء، مضيفا: “عمادة الأطباء لديها فرق ولجان محلية في عدة ولايات تسهر على معالجة هذه المسألة وتقييم الأخطاء”. وأشار المتحدث أنه في حال ثبوت الخطأ الطبي، فإن القضاء مطالب بإرغام الجهة المسؤولة عن التكفل بالضحية وعلاجه وحقه في التعويض المالي، أما عن رخصة العلاج بالخارج فأكد المتحدث “هناك إجحاف في منح هذه الرخص التي تتحكم فيها البيروقراطية”. هذا وأشار المتحدث أن الأطباء في البلدان المتقدمة، يلجأون إلى التأمين لأنهم معرّضون لارتكاب هذه الأخطاء التي تكلّفهم كثيرا، كما أن كل طبيب لديه محامي خاص به نتيجة الإجراءات الصارمة. وأوضح المتحدث أن تفاقم مشكل الأخطاء الطبية راجع إلى زيادة عدد الأطباء، مقابل عدم الرسكلة وتحيين المعلومات الطبية أي عدم خضوعهم لتكوين متواصل، مشيرا إلى لجوء الدول المتقدمة إلى الاعتماد على منح شهادة عمل للطبيب يتم تجديدها بصفة دورية كل 4 سنوات، أي بعد خضوعه لتكوين من أجل تحيين معلوماته الطبية. الدكتور رضوان بن عمر “الطبيب الشرعي يجب أن يكون من نفس المحيط أيضا” في الوقت الذي طالب فيه أطباء أن يكون الطبيب الشرعي المعيّن من أجل الكشف عن الخطأ الطبي متخصصا، قال الدكتور رضوان بن عمر عضو التكتل النقابي المستقل للأطباء المقيمين سابقا، في اتصال مع “الخبر”، إن الطبيب الشرعي لا يكفي أن يكون من نفس التخصص فقط الذي يعتبر أمرا ضروريا، وإنما يجب أن يكون من نفس المحيط أيضا. وأوضح رضوان بن عمر المختص في أمراض الكلى: “الظروف المختلفة قد تؤذي إلى أخطاء مختلفة، ويجب مراعاتها في تقرير الطبيب الشرعي، مثلا عندما كنت أعمل في مستشفى “مايو” بالعاصمة كنا نستقبل من 20 إلى 50 حالة استعجاليه في الليلة الواحدة، وهذا يرفع الخطأ مقارنة بعملي الآن في مستشفى باتنة حيث يوجد ضغط أقل”.وبناء على هذه الظروف، فإن محرر التقرير يجب أن يكون حسب المتحدث من نفس البيئة من أجل مصداقية وصحة ما يصل إليه، دون أن يضع حق الطبيب ووضعه في حالة محرجة أمام القضاء، أو تضييع حق المريض أو ضحية الخطأ الطبي. وأشار رضوان بن عمر إلى أن بعض الأخطاء الطبية ترتكب مع وجود نية وقصد في الفعل، غير أن هناك عوامل أخرى خارج نطاق الطبيب مثل وجود خطأ في التحاليل المخبرية أو صور الأشعة وفي هذه الحالة يكون الطبيب في حد ذاته ضحية. رئيس الجمعية التأسيسية للقضاة المفصولين “بإمكان القاضي اكتشاف التقارير المزورة” قال محمد بختاوي، رئيس الجمعية التأسيسية للقضاة المفصولين، أن الأطباء الشرعيين المسؤولين عن الكشف عن الخطأ الطبي، يقدمون تقارير مزورة ومنهم المرتشين، غير أن هذه المسؤولية تبقى لدى القاضي. موضحا: “بإمكان القاضي الذي لديه ضمير عند شكه في التقرير تعيين خبير آخر في ولاية أخرى”، أي أنه لو قدّم له تقرير من طبيب شرعي بوهران وأثار شكوكه، يطلب تقريرا آخر من طبيب بالعاصمة أو بجاية وهذا من كامل صلاحيته، إلى أن يتوصل إلى الحقيقة. وفنّد محمد بختاوي أن يكون سبب ضياع حقوق هذه الفئة بسبب فراغ قانوني أو صعوبة تكييف الملف بالعدالة، مؤكدا أن المنظومة القانونية واضحة، وهناك ما يسمى بالاجتهاد القانوني الذي يلجأ إليه القاضي على مستوى المحكمة العليا في الحالات الاستثنائية، مصرحا: “القضاة تنقصهم الشجاعة في تطبيق القانون والفصل في هذه الملفات، لهذا يلجأون إلى تأجيل الحكم أو إلى استعمال حجة عدم الاختصاص وغيرها”. رئيس نقابة القضاة “نعتمد على ملف بأسماء الأطباء الشرعيين المحلّفين” أكد جمال عيدوني في اتصال مع “الخبر”، أن القضاة يعتمدون في قضايا الأخطاء الطبية على ملف خاص بأسماء الأطباء الشرعيين المحلفين، وفي بعض الأحيان يلجأون إلى أطباء آخرين بعدما يقومون بتحليفهم، مؤكدا “كقضاة نحن نلجأ لأصحاب الخبرة، فالأطباء هم الذين يقومون بتحديد المسؤوليات، ونحن لدينا ثقة كاملة وتامة في الأطباء الشرعيين”. كما كشف أن الأطباء الخبراء ممن يرون أنفسهم مؤهلين يمكنهم تقديم ملفاتهم من أجل تحليفهم واللجوء إليهم في الحالات الضرورية. وأشار المتحدث إلى أن قضايا ضحايا الأخطاء الطبية تتم على مستوى الأحكام الجزائية أو على مستوى الدعوة المدنية، فقد تكون القضية ضد المستشفى الذي يتحمل نتيجة التقصير في توفير الإمكانيات وما شابه وقد تكون ضد الطبيب، أين تصل أحيانا إلى المحكمة العليا، وكل هذه الإجراءات تأخذ وقتا طويلا، مضيفا: “يجب تجاوز مشكلة الوقت هذه، وحاليا توجد لجنة دراسة على مستوى الوزارة من أجل إعادة النظر في قانون الإجراءات”. حالات الطفل عبد الرحمن ملاح من تبسة قطعت يده لأنه حقن بمادة خاطئة عند ولادته الطفل عبد الرحمان ملاح، 5 سنوات من العمر، تم حقنه عند ولادته سنة 2009 بمستشفى خالدي عبد الرحمن بتبسة من قبل الممرضة بدواء خاطئ، تسبب في قطع يده. وقدّم والد الضحية ل«الخبر” التقرير الطبي الذي تضمن التصريح التالي: “الطفل تعرض لتعفن في اليد نتيجة استخدام دواء خاطئ تسبب في حرق الأنسجة مما يستدعي قطع اليد”. وبالرغم مما ورد في تقرير الطبيب الشرعي، غير أن والد الضحية أكد في سؤالنا حول قضية الطفل في المحكمة، أن القاضي قام بحفظ الملف وظل الطفل بلا أي تكفل. وأضاف جد الضحية ل”الخبر”: “لقد قمت باستلاف مبلغ من المال من أجل إجراءات ملف العدالة وفي النهاية يتم حفظه دون أي وجه حق”، مضيفا أن الدولة تنظر إليهم كمتسولين وليس كأصحاب حقوق. الطفل سعيدون حمزة من بوفاريك نزع عينة من الدم أدت إلى بتر رجله الطفل سعيدون حمزة، تعرض إلى بتر رجله وعمره 6 أشهر نتيجة خطأ طبي بمستشفى بوفاريك بولاية البليدة عندما تم إدخاله إلى المستشفى نتيجة إصابته بالإسهال، فقام الممرضون بنزع عينة من الدم من رجله بدل الذراع، مما أدى إلى حدوث مضاعفات خطيرة، استوجبت فيما بعد قطع الرجل. ويقول والد الطفل ل”الخبر”: “رئيسة مصلحة الاستعجالات بالمستشفى قالت لي بصراحة وقحة “افعل ما تشاء واشتكي لمن تشاء”. وأضاف الأب الذي فقد عمله بسبب حالة ابنه، أن حمزة ما زال يعاني، وهو يتألم بسبب نمو العظم، مما يستوجب إجراء كل 3 سنوات عملية جراحية على رجله. متسائلا عن مصير طفله بعد أن تم حفظ ملفه على مستوى المحكمة وعن حقه في العمل والدراسة، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بالتعويض ولكن بالتكفل. وسام من تيزي وزو تشخيص خاطئ أفقدها الغشاء الخارجي للقلب وسام فتاة تبلغ من العمر 16 سنة، من ولاية تيزي وزو، أجرت سنة 2011 عملية جراحية، وبسبب تشخيص خاطئ، قام الطبيب المسؤول بنزع الغلاف الخارجي للقلب. وتقول والدة الفتاة ل”الخبر” أنها قامت بنقل ابنتها إلى مستشفى مصطفى باشا، أين اتضح أنها فعلا ضحية خطأ طبي، وبعد معاناة طويلة تمكنت الوالدة من الحصول عن رخصة لعلاج ابنتها خارج البلد وذلك سنة 2013، وتضيف المتحدثة: “لقد حصلت على الرخصة في وقت متأخر، أخبرني الأطباء أنه فات الأوان”. صبرينة من بومرداس الطبيب كسر ذراعها لأنه لم يطلع على صور الأشعة الشابة صبرينة من ولاية بومرداس، تحدثت ل«الخبر” عن حالتها، حيث تعرضت في شهر فيفري سنة 2014 إلى كسر على مستوى الذراع بعدما قام الطبيب بفحصها وتحريك ذراعها قبل اطلاعه على الأشعة لأنها كانت تعاني من آلام في كتفها أضاف إليها الطبيب كسر بالذراع، مما خلق لها حالة نفسية جد متأزمة. وتقول صبرينة، أن سبب أزمتها يعود إلى عدم مهنية الطبيب الذي لم يستوعب العدد الكبير من المرضى الذين يقبلون على العيادة، ما يجعله يبحث فقط عن السرعة في الفحص. وتضيف المتحدثة: “وجدت نفسي متورطة، فمن جهة أنا أعاني من البطالة ومن جهة أخرى أنا بحاجة إلى تمارين من أجل التأهيل الوظيفي للذراع، لأني لا أستطيع تحريكه وكل هذا بسبب طبيب متهور يبحث عن الربح المادي فقط”. الطفل سعيد أحمد من بومرداس 1.5غ من السكر حوّله إلى معاق سعيد أحمد يبلغ 19 سنة من العمر، دخل إلى مستشفى حسين داي بالعاصمة وعمره 7 سنوات بسبب ارتفاع نسبة السكري لديه إلى 1.59غ. وبعد مبيته في المستشفى تقول والدته تم حقنه بمادة “الأنسولين” وبمادة “الفاليوم” مما أدى إلى تعرضه للشلل وفقدان الكلام والبصر. وعن الحادثة تقول والدته: “كان عمره 7 سنوات، قمنا بإدخاله إلى المستشفى نتيجة ارتفاع السكر وفي الصباح وجدناه معاقا”. من جهته، أكد والده ل«الخبر” أن الطبيب اعترف بالخطأ ووعد بالتكفل به، لكن بلا جدوى، مضيفا أن الطفل الذي خسر دراسته يحتاج إلى التكفل من أجل ممارسة الرياضة وإعادة التأهيل من أجل التمكن من المشي على الأقل، خاصة أنه مازال فاقدا للكلام. السيدة خيرة من العاصمة عملية بسيطة سبّبت لها العمى السيدة خيرة، فقدت بصرها سنة 2009 وذلك بعد خضوعها لعملية جراحية على مستوى العين من أجل نزع قطرات مائية وذلك بالمركز الاستشفائي الجامعي لحسين داي، أين أكد لها الطبيب أن العملية سهلة وبسيطة جدا. السيدة أكدت ل”الخبر” أن الطبيب اعترف بأنه أخطأ وأصابها في العين، مما جعلها تفقد البصر وبعدها وعدها بأنه سيتكفل بها وسيجري لها عملية زرع القرنية، غير أنه لم يفعل شيئا. وفي الأخير طلب منها أن تعالج في مكان آخر ورفض أن يوقّع لها طلب الحصول على منحة التكفل بالخارج. مضيفة: “بعد هذه الحادثة اكتشفت أنني لم أكن الضحية الوحيدة لهذه العملية بالرغم من سهولتها فقد تعرضت سيدة أخرى لنفس الخطأ في نفس اليوم على يد الطبيب نفسه”.