تشير الإحصائيات الرسمية على مستوى وزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، إلى ولادة حوالي 3 آلاف طفل غير شرعي سنويا، في الوقت الذي أكدت جهات أخرى أن العدد الحقيقي أكبر بكثير وأنه تجاوز ال 45 ألف حالة جديدة كل عام، يولد غالبيتهم خارج المستشفيات والعيادات العمومية. أوضحت مصادر مطلعة على ملف كفالة الأطفال المسعفين، أنه رغم ارتفاع أعداد الأطفال غير الشرعيين على مستوى المستشفيات، يوجد رقم أسود أكبر بكثير مما تحصيه سنويا مختلف مستشفيات الوطن، هؤلاء لا يتم استقبالهم بمراكز الطفولة المسعفة، بل قليل منهم فقط يحطّ بتلك المراكز، لأن هناك شبكات تعمل على استرجاعهم، فالأم لم تعد تتخلى عن طفلها غير الشرعي وتفضل أن تسلمه لمربية نظير مقابل مادي شهري على أن تسترده متى ما أرادت، خلافا لما كان سائدا من قبل أين كانت تمنح للأم العازبة مهلة لا تتجاوز ال61 يوما “أي ثلاثة أشهر ويوم واحد”، حددها القانون كفترة مراجعة للنفس يمكن خلالها لتلك الأم أن تسترجع خلالها ابنها، ليستحيل بعد مرور الفترة المحددة التواصل معه من جديد أو استرجاعه. وتضيف مصادرنا، التي طلبت عدم ذكر اسمها، بأن هناك من تلجأ لبيع صغيرها بعد ولادته نظير مبلغ مالي معتبر، وأن هناك شبكات مختصة في المتاجرة بهؤلاء الصغار. وتجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي تحصي الجهات الرسمية المكلفة بهذا الملف، وهي وزارة التضامن والأسرة وقضايا المرأة، عدد 3 آلاف طفل يولدون خارج نطاق الزواج، تشير جهات أخرى إلى أن هذا الرقم لا يمثل العدد الحقيقي لهذه الشريحة من المجتمع. وحول هذه المسألة، تقول المحامية فاطمة الزهراء بن براهم إن “أرقام الوزارة ترجع إلى 10 سنوات مضت، ولم يتم تحيينها”، مضيفة أن العدد الحقيقي في تزايد متواصل وأنه تم إحصاء أكثر من 45 ألف حالة جديدة سنويا للأطفال المسعفين، موضحة بأن أغلبية تلك الولادات تتم خارج أسوار المستشفيات، مع الاشارة إلى وجود شبكات تتاجر بعدد كبير من هؤلاء الأطفال. ولا تتفق المحامية بن براهم مع تسمية هؤلاء الصغار بال«مسعفين”، لأن المسعف، حسبها، شخص سارع الغير إلى نجدته وإنقاذه من واقع ما مزري، وتقول في هذا الصدد “إن الواقع غير ذلك، لأنهم صغار تخلى الجميع عنهم، بدءا من آبائهم البيولوجيين، إلى رجال القضاء، وإلا كيف نفسّر عدم وجود قانون يحميهم”. الجزائر: ص.بورويلة
دار الحضانة بحجوط في تيبازة ملجأ الرضع المتخلى عنهم وعائلات تطالب بالكفالة تشير الإحصائيات الرسمية بولاية تيبازة إلى أن دار الحضانة بحجوط، بطاقة استيعاب 24 طفلا، استقبلت إلى غاية سبتمبر 2014 ما لا يقل عن 18 طفلا تم التخلي عن أغلبهم بالمستشفيات، وذلك بالتنسيق مع الجمعية الوطنية للطفولة وعائلات الاستقبال المجاني، حيث تم استرجاع 5 أطفال، منهم من طرف الأم البيولوجية، و5 آخرين محرومين من العائلة وضعوا في إطار الكفالة، فيما بقي 8 في الحضانة. وتشير أرقام حركة الأطفال للفترة ما بين 2011 إلى 2014، إلى تراجع في عدد الأطفال المتخلى عنهم المتواجدين بالحضانة، حيث سجل 51 طفلا متخلى عنه بالحضانة سنة 2011، ليرتفع العدد سنة 2012 إلى 54، قبل أن ينزل إلى 18 سنتي 2013 و2014، مع أن من بين ما يفسر هذا التراجع هو أن إحدى الولايات المجاورة كانت تحول أطفالها نحو الحضانة. وتكشف مصالح مديرية النشاط الاجتماعي بولاية تيبازة، على سبيل المثال، أن عددا من الأمهات البيولوجيات يترددن على الحضانة لطلب استرجاع أطفالهن بعد مرور المدة القانونية لتواجدهن في الحضانة، والتي على أساسها يحدد التخلي النهائي عن المولود والمقدرة بثلاثة أشهر ويوم واحد. سجلت حضانة حجوط 53 طلبا لكفالة الأطفال المتخلى عنهم سنة 2011، وذلك بالنسبة للعائلات في داخل وخارج الوطن، وتراجع العدد سنة 2012 ليبلغ 24 طلبا، غير أن الطلب عاد ليرتفع مجددا، حيث كشفت مصالح مديرية النشاط الاجتماعي بتيبازة أن ما يفسر عدد الطلبات هو تحوّل في نظرة المجتمع لظاهرة كفالة هؤلاء الأطفال وتفهمهم لحاجة هؤلاء الأبرياء في العيش وسط عائلة تضمن كرامتهم. تيبازة: ب.سليم
الباحث في علم الاجتماع حبيب بوخالفة “التخلي عن الرضع حالة مرضية يعيشها المجتمع” يرى الباحث في علم الاجتماع، الدكتور حبيب بوخالفة، أن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي طرأت على المجتمع الجزائري أدت إلى تغيير نسق العلاقات البشرية من تقليدية محافظة، إلى حديثة معاصرة، وبذلك تأثرت الروابط الاجتماعية والعائلية. ويعتبر بوخالفة هذه الظاهرة مؤشرا واضحا على تفكك المجتمع، في ظل سياسات نظام فاسد لا يواكب تلك التغيرات. أما العوامل والأسباب التي أدت إلى انتشارها، قد تكون أساسا أخلاقية واقتصادية، أولا الخوف من المحيط العائلي والمجتمع، وثانيا اتصالية والبحث عن علاقات جنسية غير شرعية بعد فوات فرصة الزواج بالنسبة للفتاة، وفقدان الأمل في بناء أسرة. وعن تزايد أعداد الأطفال المتخلى عنهم، يقول بوخالفة إن هناك تزايدا ملحوظا في العدد، فقد تلجأ الأمهات العازبات إلى التخلص من فلذات أكبادهن برميهم، سواء أحياء أو جثثا، بالمفرغات والشوارع والأماكن العمومية لطمس آثار الخطيئة التي تعتبر جريمة في القانون الجزائي الجزائري. ويتابع محدثنا موضحا بأنه كان شاهدا على حالتين، ما دفعته الرغبة في فهم أسباب هذه الظاهرة من الجانب النفسي والاجتماعي. ففي الحالة الأولى، اكتشف جثة رضيع ميت مرمي في مزبلة بجوار سوق “المكسيك” بمدينة القليعة، وقد تعفن جزئيا، ما أثر سلبا على نفوس الحاضرين الذين اشمئزوا وتألموا كثيرا للمنظر. والحالة الثانية كانت بالعاصمة، بالقرب من حي “الساعات الثلاثة” بباب الوادي، فقد اكتشف مع مجموعة من المواطنين رضيعا وضع في سلة تم التخلي عنها في أحد أزقة الشارع. نتائج وخيمة ويقول بوخالفة إن الآثار المترتبة عن هذا السلوك وخيمة على المجتمع، لأن الظاهرة لا تزال من الطابوهات الأكثر كبتا ولم يسلط عليها الضوء من طرف المختصين، وحتى رجال الدين، إذ بقي الجميع يندد ويستنكر دون أن تكون هناك دراسات موضوعية واتخاذ السلطات مواقف حاسمة. وأضاف أن المجتمع يعيش مرحلة انتقال من مجتمع تحكمه العادات والتقاليد الدينية، إلى مجتمع حديث تحكمه المعاصرة، ولكن في حالة هذه الظاهرة لا تزال القيم التقليدية تؤثر في الحكم القاسي على الأم العازبة التي قامت بعلاقة جنسية غير شرعية دون النظر إلى ظروف الفعل وأسبابه. ويعطي تفسيرا آخر لارتفاع عدد المواليد غير الشرعيين، والذي ينجم عن طريقين، الأول يقتصر على الزواج العرفي، أي عقد القران بتلاوة الفاتحة بدون تسجيله لدى مصالح البلدية وتنصل الجاني عن مسؤوليته كأب، والنوع الثاني هو العلاقات الجنسية المؤقتة المرتبطة بالاسترزاق عن طريق الدعارة والمتعة. وتبقى المرأة في جميع الحالات مذنبة، رغم أنها هي الضحية الأولى والأخيرة بسبب العقلية السائدة في المجتمع. تيبازة: ب.سليم
رئيسة جمعية “الطفل البريء” وهيبة تامر ل “الخبر” “القانون والمجتمع يدينان الأطفال غير الشرعيين بذنب لم يقترفوه” ترى السيدة وهيبة تامر، رئيسة جمعية “الطفل البريء”، في هذا اللقاء، أن القانون والمجتمع معا يدينان الأطفال المولودين خارج نطاق الزواج، ويغرقونهم في مستنقع الجريمة التي لم يقترفوها، بل ويكبرون وهم معقدون من عبارة “أولاد الحرام”. ظاهرة الأطفال غير الشرعيين من الظواهر المسكوت عنها وسط المجتمع الجزائري، لماذا؟ يجب أن نعرف أنه رغم السكوت الذي يتراءى للجميع، إلا أنه نسبيا وليس سكوتا مطلقا مقارنة بسنوات مضت، أين كان الحديث عن الطفل المسعف من ضمن الطابوهات المحرّم ذكرها، ويكفي أن نقول إن هناك من بات يتحدّث علنا عن هذه الفئة، مستهدفا كسر طابو “وليد الحرام” التي ارتبطت بصغار لا ذنب لهم، وأفتح هنا القوس لأقول إنني اخترت عمدا تسمية الجمعية التي أترأسها بجمعية الطفل البريء، لأن الأطفال الذين يولدوا من آباء مجهولين، أبرياء، ومع هذا يقف القانون والمجتمع في وجههم ليدينهم بذنب لم يرتكبوه. ما مصير هؤلاء الأطفال وأين هو تكفل الدولة بهم؟ أود أن أوضح في هذا المجال أن هؤلاء الصغار هم أبناء الجزائر ولا بلد لهم غيره، والمشكل المطروح هو أن عددهم في تزايد متواصل في ظل انعدام قانون ينظّمهم ويكفل حقوقهم المدنية. في سنوات السبعينات والثمانينات، أين كان يسود الجهل بالمسألة ولتداعياتها الاجتماعية، كان عددهم قليلا. أما اليوم ومع اكتساب تقدم نوعي في مختلف المجالات، لا زال الأمر مسكوتا عنه مع تزايد ملحوظ في عدد الولادات غير الشرعية سنويا، وتزايد موازي في معاناة هؤلاء مستقبلا خاصة، فضلا عن أن حقوقهم مجهولة، إذ يكفي أن نعرف أنه عند بلوغ الطفل المسعف سن 18 سنة يتركه المركز لوجهة مجهولة، ولن يجد سوى الشارع ورفقاء السوء ليتلقفوه، ولكم أن تتصورا كيف سيكون مصيره. كجمعية، بم تطالبون لحل هذه المعضلة؟ نطالب بسن قانون يحمي حقوق هؤلاء الأطفال بعد بلوغهم 18 سنة، وأود من كل قلبي أن يتم نهائيا كسر الطابوهات التي تحوم حول وضع الطفل المسعف على أساس أنه حرام الخوض فيها، رغم أن “الحرام” الحقيقي هو المعاناة المزدوجة التي يعانيها هؤلاء الأطفال. إذ وعلاوة على معاناتهم من تخلي آبائهم البيولوجيين عنهم، يعانون كذلك نظرة المجتمع القاسية لهم، والتي نود أن تتغير، لأنهم بشر مثلهم مثل الآخرين، لديهم مشاعر وأحاسيس وهمهم الوحيد هو ضمان عيش كريم. الجزائر: حاورتها ص.بورويلة
ترمي رضيعة أنجبتها من ابن شخص أواها من التشرّد غالبا ما تُحرّر حوادث العثور على رضع حديثي الولادة ضدّ مجهول لغياب دليل يفضح فاعله، خاصة إذا كان الرضيع متوفّى، في حين تكشف التحريات الأمنية عن تفاصيل مريعة تنفضح بتقفي أثر جريمة ترتكب بكل برودة دم. فبعد قصة الرضيع “أشرف” التي شغلت الرأي العام، تجلّت قصة أخرى بطلتها ثلاثينية ولدت من عشريني أواها والده من التشرّد. حيثيات القضية تعود لجويلية الماضي من السنة الحالية، عندما عثر مواطنو مدينة بوعرفة في البليدة على حقيبة اشتبه فيها، كانت مرمية بالقرب من ابتدائية شامي بن يوسف، قبل أن يتفاجأوا لدى فتحها بوجود رضيعة حديثة الولادة تبيّن أنّها لا تزال على قيد الحياة. كما أفضى تفتيش الحقيبة من طرف مصالح الدرك الوطني لكتيبة البليدة، إلى العثور إلى جانب ملابسها على ورقة بيضاء مكتوب فيها “هذه البنت أمانة إلى صورية”، وهي الخيط التي كشفت هوية الوالدة الحقيقية، واستُهلت التحريات بالبحث عن الاسم اللّغز “صورية” في سجلات الأمهات اللّواتي استقدمن أطفالهنّ الرضع إلى المستشفيات، مع الحرص على تقّفي أثر الفاعل، وهو ما كان. فبعد الاشتباه في إحدى السيدات تدعى “صورية”، كانت قد استقدمت رضيعة حملت مواصفات الضحية نفسها، ظهرت الأم البيولوجية مُتخفّية بمستشفى حسيبة بن بوعلي تستفسر عن فلذة كبدها بعدما بلغها نبأ العثور عليها، ومكّن تفطّن العمال في إمكانية وجود علاقة المشتبه فيها بالحادثة من توقيفها من طرف عناصر الدرك، ليتبيّن أنّ والدة الرضيعة البالغة ثلاثين عاما أقامت علاقة غير شرعية مع شاب في العشرين من عمره لدى مكوثها بمنزل والده الذي أواها من التشرّد، بعد أن تخلى عنها أهلها المنحدرون من ولاية عين الدفلى لدى كشفهم لفضيحة نتجت عن علاقة غير شرعية مع صديق لها. وبالرغم من التستر عليها من طرف عائلة آوتها، تضم الأب المتزوج من زوجتين، غير أنّها استمرت في الخطيئة، فقد نسجت علاقة مع ابن صاحب المنزل، قبل أن ينفضح أمرها مع بروز علامات الحمل من طرف والدة الشاب التي اتّخذت حلّ التستّر على ابنها بالتبني خوفا من غضب والده. وتمت عملية الولادة في بيت لدى سيّدة ومكثت لأيام عندها، غير أنّ غياب أمّ الرضيعة عن البيت العائلي حرّك شكوك زوجة والده الثانية التي اكتشفت لدى عودتها وجود رضيع داخل الغرفة وتدخلت لطمس الفضيحة بتسليمه إلى سيدة تدعى صورية، رفضت الاحتفاظ بالرضيعة ولم يجدن حلاّ إلا رمي الرضيعة. البليدة: ع. رزيقة