دفعت العديد من المستجدات التي ظهرت على الساحة السياسية والاقتصادية، وما رافقه من ارتباك في أعلى هرم السلطة جراء انهيار أسعار البترول، مع استمرار فقدانه لقيمته في الأسواق الدولية، وكذا تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال التي أعلن فيها على ضرورة التقشف لتجاوز الصدمة، بالكثير من الخبراء والمحللين وفعاليات المجتمع المدني بعاصمة الذهب الأسود حاسي مسعود، إلى التفاؤل بخصوص قضية رفع التجميد بشكل نهائي عن المدينة. النقطة الأولى التي يتخذها المحللون كمنطلق لبداية تخلي الدولة عن قرارها المتعلق بتصنيف مدينة حاسي مسعود كمنطقة ذات أخطار كبرى، هو التأخر في انطلاق بناء المدينة الجديدة التي تبقى مجرد حبر على ورق رغم تأكيدات المسؤولين، أن تشييد مدينة بمواصفات عالمية خيار لا رجعة فيه، إضافة إلى الضبابية في التعامل مع ملف تعويض السكان في حال نقلهم إليها، وتضارب المعلومات حول مصير الآلاف من قاطني أغنى بلدية على مستوى الوطن ممن لا يحوزون على وثائق الملكية لمنازلهم. ثاني نقطة يرتكز عليها العارفون بخبايا التسيير في المنطقة هي تخلي الدولة عن كبرى المشاريع لمواجهة منحى انخفاض سعر برميل النفط، ما سينعكس حتما على مشروع المدينة الجديدة الذي سيلقى مصير توقيف الأشغال به. وفي هذا الصدد يقول الناشط السياسي والحقوقي محمد شريف، إن ميزانية 06 ملايير دولار مرصودة للمدينة الجديدة ستعود بالسلب على ميزانية الدولة إذا ما قررت المضي قدما في هذا المشروع، كما يرى الناشط أنه لا بد على الحكومة الالتفات إلى المدينة الحالية وتحسين ظروف العيش بها وهو ما يمرّ عبر رفع التجميد وإطلاق مشاريع لبناء حصص سكنية يمكن لميزانية البلدية أن تتحملها بسهولة تامة. أما ثالث نقطة فهي الضغط الشعبي على الاحتجاجات الأخيرة التي عرفتها حاسي مسعود والتي شهدت غلق مقر الدائرة وشل النشاط بقسم الإنتاج 24 فيفري التابع لمجمع سوناطراك، ورفع شعار “ارفعوا عنّا التجميد نهائيا”، مما أدى إلى وقوع مشاداة بين المحتجين وقوات الأمن وسقوط جرحى، الأمر الذي جعل الدولة تستشعر خطر انزلاق الأوضاع بفعل تواجد أغلب المؤسسات البترولية بالمنطقة، فسارعت إلى إيفاد مبعوثين لمؤسسة النفط التي تقضي مهامها بمعاينة مناطق التوسع العمراني وإعطاء توصيات بصلاحية البناء فيها من عدمه، وهو ما اعتبره السكان بادرة خير في طريق رفع تجميد جثا على صدورهم لعشرية كاملة، والبدء في إعادة وجه المدينة الحقيقي المفقود، بفعل قرارات غير مدروسة، عادت بالسلب على المواطنين.