أبرقت وزارة العدل، مؤخرا، إلى جميع المجالس القضائية عبر الوطن، بمراسلات تقضي بالتعامل بحكمة مع ملف ممتلكات الأقدام السوداء في الجزائر، وذلك على خلفية تراكم عشرات الملفات المتعلقة بمحاولات عدد من هؤلاء استرجاع ممتلكاتهم عبر القضاء بتوكيل محامين لهم في الجزائر. صدور تعليمة المالية جاءت بعد أن لوحظ تمكين عدد من الأقدام ما يعتبرونه “أملاكهم” يتزامن هذا التذكير مع التعليمة الصادرة أيضا عن المديرية العامة لأملاك الدولة التي تمنع مديري أملاك الدولة ومصالح الحفظ العقاري في كل الولايات، من التعامل مع الأجانب، خصوصا فئة الأقدام السوداء الفرنسيين الذين يسعون بكل الوسائل إلى استرجاع ممتلكاتهم في الجزائر. وتقضي التعليمة منع إصدار أي وثيقة من الأرشيف تخص عقود ملكية وشهادات السلبية لعقارات يزعمون أنها ملك لهم. في ذات السياق، ذكّرت مراسلة وزارة العدل بالقرار القضائي الصادر عن القرار النهائي الذي أصدرته بتاريخ أول نوفمبر 2006 لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المحافظة السامية لحقوق الإنسان لدى هيئة الأممالمتحدة، القاضي بعدم قبول الشكوى رقم 1424/2005 التي رفعها الرعية الفرنسية المدعو أرمون أنتون، الممثل من طرف المحامي الفرنسي ألان غاراي، ضد الجمهورية الجزائرية. جاءت إرسالية وزارة المالية لمختلف المديرين الولائيين لأملاك الدولة عبر التراب الوطني، بعد أن لاحظت الحكومة أن الأقدام السوداء تمكنوا من الحصول على قرارات من طرف العدالة أصدرتها لصالحهم، وهي 26 قضية صدرت بشأنها أحكام وقرارات عن مختلف المحاكم خاصة بالعاصمة للأجانب الممثلين في الأقدام السوداء. وقد أمرت الوصاية، خلال هذه المراسلة، المسؤولين على أملاك الدولة عبر الولايات، القيام بإجراءات البحث والتحري في وجود هذه القضايا، حسب دائرة اختصاص الجهات القضائية التي تقع فيها مديريتهم، كما دعت الوزارة، في مراسلتها، للطعن ضد الأحكام والقرارات الصادرة في تلك القضايا المشار إليها آنفا، حسب الحالات المعروضة أو الاستئناف أو الالتماس أو التدخل في الخصومة. كما ألحّت مراسلة الوزارة على ضرورة موافاة الإدارة المركزية، والمتمثلة في المديرية العامة لأملاك الدولة، بتقرير نتائج البحث والتحري ونسخ من الطعون المسجلة مؤشَّر عليها بالختم الرسمي للجهة القضائية المعنية، بالإضافة إلى تزويد المديريات الولائية بكل دفع أو حجة قانونية أو قضائية تخص هذه الملفات من طرف الإدارة المركزية، لتدعيم أقوال المديرين الولائيين أمام أجهزة العدالة. وأكدت مديرية أملاك الدولة في تعليمة أخرى، أن التسوية النهائية لهذه الوضعية ستتم بفضل المادة 42 من قانون المالية لسنة 2010 الذي سجل نهائيا هذه الأملاك باسم الدولة الجزائرية. وسجلت السنتين الأخيرتين ارتفاعا في عدد الدعاوى القضائية التي رفعها معمّرون وأقدام سوداء “ضد الدولة الجزائرية” لاسترجاع ما يعتبرونه “أملاكهم”، خاصة بالعاصمة وضواحيها وبغرب وشرق البلاد، تضاف لنحو 900 ملف قديم ما زالت في أروقة المحاكم، بينما فصل القضاء في عدد قليل منها، يقال إن أصحابها “المعمّرين” استعادوا شققا أغلبها في العاصمة. وتقدّر عدد ممتلكات الأقدام السوداء بنحو 24300 بناية، وكان يفترض أن تصرّح بأنها شاغرة، وهو إجراء لم تنفّذه السلطات المحلية آنذاك. كما أن أملاك الأجانب الذين غادروا الجزائر بعد الاستقلال بقيت تحمل اسمهم، وحتى وإن حكمت المحكمة لصالح الدولة الجزائرية في 99 في المائة من الشكاوى المقدمة أمام العدالة، فإن بعض المستعمرين القدماء نجحوا، رغم ذلك في الظفر بالملكية النهائية لأراضيهم التي تخلوا عنها منذ عشريات خلت.