اعترف البنك المركزي بانخفاض قيمة الدينار الجزائري واستمرار وتيرة التراجع منذ قرابة السنة، عرفت خلالها أسعار النفط انهيارا لم تقف تداعياته عند تراجع المداخيل الوطنية من العملة الصعبة المرتبطة مباشرة بعمليات تصدير ما تنتجه الآبار الجزائرية من المواد الطاقوية، لتمتد إلى إسقاطات اقتصادية أخرى أبرزها التأثير سلبا على قيمة الدينار الجزائري. تكشف أرقام بنك الجزائر أن سعر الصرف المتوسط للدينار مقابل الدولار قد انخفض إلى 93.24 دينارا نهاية مارس 2015 مقابل 77.9 دينار المسجلة في نهاية الثلاثي الأول من السنة الماضية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع خسائر الخزينة العمومية بالدينار مقابل العملة الأمريكية، بالنظر إلى خضوع العملة الوطنية إلى ما يطلق عليه ”نظام التعويم الموجه” الذي يجعل من قيمة الدينار ”لصيقة” بسعر نفط في البورصة العالمية، لاسيما أن الاقتصاد الوطني غير منتج ويعتمد بشكل شبه كلي على تصدير المواد الخام التي تحكم أسعارها العديد من التجاذبات والمصالح الاقتصادية والجيوسياسية. ورغم أن البنك المركزي يلجأ دوريا إلى مراجعة سعر الصرف ”الاسمي” للدينار، حيث يكون سعر الصرف ”الفعلي” عند مستوى توازنه الذي تحدده أساسيات الاقتصاد الوطني، من خلال تطبيق معادلة سعر النفط وفارق التضخم وفارق الإنتاجية بين الجزائر وشركائها الأجانب، إلا أن القيمة الحقيقية للدينار الجزائرية مرهونة بمعطيات خارجة عن الاقتصاد الوطني، إذ تحكمها مصالح الدول الكبرى والبلدان المهيمنة على تصدير البترول القادرة على التلاعب بالأسعار، في ظل عجز الاقتصاد الوطني عن إيجاد بدائل ملائمة عن صادرات الريع لتحصيل المداخيل وتغطية النفقات العمومية. ومن ناحية مقابلة، يفرز تخفيض قيمة الدينار مقابل العملات العالمية، على غرار الدولار الأمريكي، ارتفاعا في أسعار المواد الأساسية المستوردة، والتي تنهك الخزينة العمومية بأعباء إضافية نتيجة تواصل سياسة الدعم من الدولة، الأمر الذي سيرفع فاتورة الواردات الوطنية من الحبوب والحليب بالدرجة الأولى ويؤدي إلى ”انفجار” فاتورة الدعم، في وقت تحاول الحكومة تقليص الإنفاق العام ضمن تجسيد خطتها للتقشف أو الترشيد. ويسعى بنك الجزائر إلى ”إحداث التوازن بين هدفين متعاكسين، هما الحد من الواردات والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن”، بالإضافة إلى عدم التخلي عن المشاريع المبرمجة والنفقات ذات الطابع الاجتماعي، يضاف إليه الرغبة في تضخيم حصيلة الميزانية والمداخيل المقدرة بالدينار، حيث يساهم خفض قيمة الدينار مقابل الدولار بالخصوص في تقليص اصطناعي للعجز في الميزانية والخزينة والتي فاقت 48 مليار دولار، فضلا عن تقليص قيمة العجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتعظيم قيمة الاحتياطي المقدر بالدينار.