يحيّر فريق وفاق سطيف كل المتتبعين بقوة شخصيته وقدرته على الصمود أمام أخطر المنعرجات التي واجهته طيلة مسيرته الحافلة خلال المواسم الأخيرة، وتواصلت مع بداية هذا الموسم، حينما قررت إدارة النادي اللعب على ثلاث جبهات. كانت الجبهة الأولى مع المنافسة الإفريقية في دور المجموعات، والثانية تمثّلت في حتمية البحث عن اللقب الذي تخلى عنه سنة 2014. أما الثالثة، فكانت البحث عن المعشوقة الأولى لجماهير الوفاق، السيدة الكأس.. ورغم أن المهمة كانت في غاية الصعوبة، إلاّ أن الوفاق رفع التحدي وقبل بقوانين اللعبة، وهو ما جعله يظهر بمراحل متباينة في الدوري الجزائري لهذا الموسم، وهو الدوري الأكثر غرابة وتشويقا في تاريخ الكرة الجزائرية، ليتمكّن من تحقيق اللقب السابع، وهو اللقب الذي جعل من الرقم سبعة يميز أهم محطات الفريق في دوري هذا الموسم. ست جولات بسبع نقاط ومرتبة أخيرة محيّرة لم تكن بداية الوفاق في الدوري المحترف لهذا الموسم قوية، بمستوى القوة التي ظهر بها الفريق في دور المجموعات من رابطة أبطال إفريقيا، إذ لم يتمكن الفريق من تحقيق سوى سبع نقاط من ست مباريات، جاء بأربع منها من خارج الديار أمام كل من اتحاد الجزائر في الجولة الأولى حينما عاد من العاصمة بنقطة التعادل بهدف في كل شبكة، وفوزه في “داربي” الولاية ال19 أمام “البابية” بالعلمة بهدف نظيف. فيما سجل ثلاثة تعادلات بملعب الثامن ماي أمام كل من اتحاد بلعباس ونصر حسين داي ومولودية بجاية في الجولات الثانية والرابعة والخامسة على التوالي، قبل أن ينهزم في الجولة السادسة بوهران أمام الجمعية المحلية بهدف نظيف، رغم ان الفريق كان قد حقق معجزة المرور إلى الدور النهائي من رابطة أبطال إفريقيا، وكان يتأهب للتنقل للعب ذهاب النهائي أمام فيتا كلوب الكونغولي. الجولة السابعة.. وعودة الفريق إلى السكة الصحيحة انتاب أنصار الوفاق خوف كبير من انشغال فريقهم بالمنافسة الإفريقية، وإهماله لوضعيته الكارثية في ذيل ترتيب الدوري الجزائري، رغم أن الفريق كانت تنقصه ثلاث مباريات مؤجلة. وما زاد من خشية مسيري الوفاق على فريقهم، هو الفوز برابطة أبطال إفريقيا والخوف من بقاء أذهان اللاعبين في السماء معانقة للقب الإفريقي، ونسيان أمر الدوري الجزائري، وهو ما جعل الطاقم الفني للفريق يحاول التركيز على الجانب النفسي لإعادة اللاعبين إلى الأرض، والتفرغ لإخراج الفريق من وضعيته الحرجة، بداية من الجولة السابعة، حينما تنقلوا إلى ملعب 20 أوت بالعاصمة لمواجهة الشبيبة القبائلية، وتمكنوا فعلا من العودة بنقطة كانت بمثابة الانطلاقة الحقيقية للبطل القادم. سبع جولات تطير بالوفاق من الذيل إلى القمة عاد الوفاق إلى طبيعته بداية من الجولة الثامنة، حينما تنقل إلى بشار لمواجهة الساورة، وتمكن من العودة بالزاد كاملا بعد أن أنهى المباراة بفوز بهدفين لهدف، قبل أن يواجه الحراش في سطيف ضمن مباريات الجولة التاسعة. وكان الوفاق أمام تحدي فك عقدة التعادلات بملعب الثامن ماي التي لازمته منذ بداية دوري هذا الموسم، وفعلا تمكن من الفوز بهدفين نظيفين، وينهض النسر الأسود من سباته ليبدأ عملية التحليق نحو القمة، فكان التعادل الثمين الذي عاد به من الأربعاء في الجولة العاشرة، ثم خسارة لم تكن منتظرة أمام الشلف بملعب بومزراڤ بهدفين لهدف. ليعود الفريق إلى سلسلة الانتصارات، بتغلبه على شباب بلوزداد بسطيف بهدف نظيف، ثم بقسنطينة بهدفين لهدف، جعلته يحتل الوصافة مع كل من مولودية بجاية واتحاد العاصمة ب24 نقطة، وبفارق نقطة واحدة عن المتصدر آنذاك فريق اتحاد الحراش. سبع جولات انتهت بخروجه من الريادة واصل الرقم سبعة ملازمته للوفاق، وكأن القدر كان يحمل للفريق مفاجأة سارة مع نهاية هذا الموسم، سيكون الرقم سبعة عنوانا لها. وكانت آخر جولة من مرحلة الذهاب أمام مولودية وهران مبرمجة بملعب الثامن ماي، وكان على الفريق السطايفي الفوز بها من أجل الالتحاق بالرائد مولودية بجاية، غير ان نهاية المباراة جاءت معاكسة تماما لتطلعات الفريق وأنصاره حينما انهزم بثنائية لهدف، أمام خيبة أمل واسعة لجماهير “الكحلة” الذين لم يفهموا السقوط غير المنتظر لفريقهم بعد عودة قوية في آخر سبع جولات سبقت هذه المباراة. غير أن النسر الأسود تمكّن من تجاوز هذه المرحلة بسرعة بعد أن تمكن من تحقيق فوز “هتشكوكي” على اتحاد العاصمة في أول مباراة من مرحلة الإياب بثلاثية لهدفين، جعلت الفريق يعود للمرتبة الثانية وبفارق نقطة وحيدة عن المتصدر مولودية بجاية. كما تمكن الوفاق من العودة بالنقاط الثلاث من تنقله إلى بلعباس، ثم تعثره بميدانه امام مولودية العلمة في داربي الولاية 19، قبل أن يعود بنقطة من تنقله إلى العاصمة حينما واجه فريق نصر حسين داي، قبل أن يمطر شباك فريق الساورة بثلاثية نظيفة بسطيف، وينهي مشوار السبع جولات هذه بهزيمة مذلة أمام شريكه في الريادة مولودية بجاية بثلاثية نظيفة وبأداء كبير من تشكيلة “ياما ڤورايا”، جعلت الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام تطرح على الأداء المخيب لأشبال المدرب خير الدين ماضوي، وقدرتهم على مواصلة الحلم باللقب السابع. سبع جولات نصّبت الوفاق رائدا جاءت حصيلة السبع مباريات الأخيرة من الدوري قبل مباراة الفصل في اللقب ضد شباب قسنطينة، في صالح وفاق سطيف، رغم أنه كان يرفض في كل مرة فرص تعميق الفارق وحسم اللقب قبل جولات عديدة من نهاية الدوري. ومع أن الفريق أمطر شباك مولودية وهران بخماسية مقابل هدفين بملعب الثامن ماي لحساب الجولة 22 من الدوري، أنست الأنصار مرارة الهزيمة المذلة أمام الموب، ثم يخسر الوفاق المباراتين المواليتين أمام كل من مولودية العاصمة بحمادي وجمعية الشلفبسطيف، رافضا الخدمة التي قدمها له فريق أمل الأربعاء الفائز على مولودية بجاية، للانفراد بالصدارة، قبل أن يتمكن من تحقيق فوز على الشبيبة القبائلية بسطيف مكّنته هذه المرة من تصدر الدوري بمفرده لأول مرة، وحافظ عليه خلال الجولة الموالية، رغم خسارته أمام الحراش بهدف نظيف، لكون الموب خسر هو الآخر أمام شبيبة القبائل. وجاءت مباراة أمل الأربعاء التي تمكّن الوفاق من الفوز بها بصعوبة كبيرة، وسرق ثلاث نقاط من الضيوف الذين كانوا الأحسن من كل الجوانب، وأنهى الوفاق مسيرة السبع جولات الأخيرة بالعودة بنقطة ثمينة من بلوزداد، مكّنته من الإبقاء على فارق الأربع نقاط، قبل موقعة حسم اللقب بملعب الثامن ماي أمام شباب قسنطينة. الوفاق يتوّج باللقب السابع ويحلق في السماء السابعة وانتهى مشوار البطل بمباراة القمة التي جمعت الوفاق بشباب قسنطينة ضمن داربي الشرق، وما سبقه من حديث وتجاذب بين الفريقين، جعل السوسبانس يسود الأيام التي سبقت اللقاء، غير أن مجريات المباريات كشفت بأن البطل كما في أفلام الفن السابع، لا يمكنه إنهاء الفيلم إلا بطلا مرصعا بذلك قميصه بالنجمة السابعة، ومطلقا العنان لنسره الأسود ليحلق في السماء السابعة.