رصدت كتابة الدولة الأمريكية، في تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم، قائمة طويلة من التجاوزات التي قالت إن السلطات الجزائرية ارتكبتها في حق أحزاب ووسائل إعلام والناشطين الحقوقيين الرافضين للعهدة الرابعة. تطرق التقرير الصادر، أول أمس، إلى تعرض مواطنين للاعتقال من قبل مصالح الشرطة، منهم صحفيون كانوا يغطون وقفات لمعارضين للعهدة الرابعة أمام الجامعة المركزية بالعاصمة، دعت إليها حركة “بركات”. وأوضح أنه “برغم من وجود ضمانات دستورية لممارسة حرية التعبير والصحافة، فإن الحكومة تحد من هذه الحريات”. وتكررت في الوثيقة الأحكام النمطية الواردة في تقارير سابقة، بأن المواطنين غير قادرين على انتقاد السياسات الحكومية، وواجه مواطنون الاعتقال بسبب انتقاداتهم في توجيه النقد، ما جعل آخرين يحجمون عن ممارسة النقد علنا. وتعرضت أحزاب المعارضة خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات السابقة لحملات تشويه وتشهير من مسؤولين حكوميين، كما اشتكت حركة “بركات”، التي تراجع وجودها في الساحة، في حينه من ترهيب قوات الأمن وانتهاك الخصوصية والضغط السياسي. وفي مجال حرية الصحافة، تناول التقرير مصير صحف راحت ضحية للقيود الحكومية في مجال الإشهار، وتم منع يومية “الجزائر نيوز” مثلا بسبب مواقفها المعارضة لاستمرار الرئيس بوتفليقة في السلطة، كما توقفت 8 صحف عن الصدور بسبب شح مواردها الإشهارية. واتهمت كتابة الدولة الحكومة الجزائرية بعدم اتخاذ خطوات للحفاظ على سلامة واستقلالية الصحافة، ويجري اعتقال وسجن صحفيين، وهوجم صحفيون بسبب كتاباتهم، وأن الصحفيين كانوا هدفا لقوات الأمن خلال تجمعات المعارضة. وأعطت نماذج على هذه المضايقات، ومنها ما تعرضت له قناة “الأطلس” التي منعت من العمل قبل الانتخابات الرئاسية، كما حجزت معداتها من قبل مصالح الدرك، واعتقال صحفي “الوطن” في فندق بباتنة، حيث كان يعتزم تغطية احتجاجات شعبية على تعليقات ساخرة لمدير حملة الرئيس ووزيره الأول عبد المالك سلال. وتمارس الحكومة رقابة على شبكات التواصل الاجتماعي وخلال فترة الانتخابات الرئاسية، تم اعتقال مدونين، وحجب بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب التقرير، الذي لاحظ أن الأنترنت توفر للجزائريين وخصوصا الشباب منهم، مجالا للتعبير عن آرائهم بخصوص قضايا الفساد والفقر والبطالة. ووقف التقرير عند استمرار القيود على حق التجمع وإنشاء الجمعيات رغم وجود الضمانات الدستورية التي تكرس هذا الحق، واستدلت على ذلك باستمرار حظر المسيرات والتجمعات في الساحات العامة العاصمة الجزائرية، واشتراط التراخيص للقيام بناشطات داخل القاعات، غير أنه سجل أن السلطات تغض النظر عن بعض الاحتجاجات السلمية غير المرخصة، في انتظار الفصل في مطالب المحتجين. وحمل التقرير نفس الملاحظات الواردة في التقارير السابقة، ومنها ما تعلق بانتشار ظاهرة الحط من الكرامة الإنسانية عبر التعذيب، مستندة هنا إلى تقارير أعدتها منظمات غير حكومية دولية وجزائرية، ولاحظت كتابة الدولة أن السلطات ترفض زيارة مقررين أمميين منهم المقرر الأممي الخاص بالاختفاء القسري، وانتقد التقرير إجراءات منح اللجوء السياسي للأفارقة والتي تتسم، حسب كتابة الدولة، بعدم الوضوح، رغم المعاملة الجيدة التي يلقاها اللاجئون وخصوصا السوريون الذين تم وضعهم في هياكل استقبال لا يحق لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دخولها. وعرج التقرير على قضايا الفساد الذي يعد من المشكلات التي تواجهها الجزائر، مثلما تبينه بيانات البنك العالمي، وشفافية دولية، وفسرت انتشار الظاهرة ب”غياب الشفافية في تسيير الشأن العام وثقل الجهاز البيروقراطي”. ولم يغب في التقرير الإشارة إلى شبهات الفساد التي طالت وزير الطاقة والمناجم الأسبق، شكيب خلال، المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الذي صدر في حقه أمر دولي بالقبض، لكنه ألغي بسبب أخطاء إجرائية، ولاحظت أن السلطات لم تُعد توجيه التهم لخليل. وتكررت الانتقادات الواردة في تقارير سابقة للقيود المفروضة على نقابات العمل المستقلة ووضعية المرأة والطفولة والحريات الدينية. ولم يحمل التقرير المطول في قسمه الخاص بالجزائر، والذي جاء في 37 ورقة، أشياء يغفلها الجزائريون، لكنه سيحرم السلطة وتوابعها من استغلاله، لأن الإشارات الإيجابية قليلة وغالبتيها مجاملات.