لا شك أن بوجرة حمس قد أعاد له الروح السياسية مقري بأخطائه السياسية التي بلغت حد الخطايا.. ولهذا بدا أبوجرة وكأنه مفتي الديار السياسية لحمس. أولا: مقري لا يلام على فتح الحوار مع السلطة، لأن الحزب السياسي وُجد من أجل الحوار والحوار وحده.. وإذا فقد الحوار من أي حزب، حل محله العنف أو التحجر أو الاضمحلال.. لكن ما يعاب على حوار مقري مع السلطة، هو أن يحاور من ليس له صفة المحاور باسم السلطة، لأن مقري طلب مقابلة الرئيس بوتفليقة ولم يطلب مقابلة من يفوضه الرئيس لمقابلته.. أحرى وأولى أن يكون المحاور باسم الرئاسة رئيس حزب في السلطة أو مع السلطة بالنيابة.. لو رفض مقري مقابلة أويحيى وأصر على مقابلة الرئيس بذاته، لكانت لفتته السياسية عظيمة جدا.. وربما أهم من الحوار مع من جاء في الرئاسة. ثانيا: التبرير الذي ذكره مقري بخصوص عدم مقابلة الرئيس له فيه هزال سياسي من حق أبو جرة أن يستخدمه ضد مقري.. إذ كيف يقبل مقري منطق أويحيى الذي نقله له على لسان الرئيس من أن استقبال حمس يعني فتح الباب لاستقبال كل الأحزاب السياسية، بمن فيها شلبية محجوبي.. وبدت هذه الحجة مقنعة لمقري، بدليل أنه قبل اللقاء ولم يرفضه.. والحال أن حزبه أصبح يساوي حزب شلبية! ومع الأسف لم يحس مقري بالإهانة ! ثالثا: لم يسأل مقري نفسه لماذا يستقبل الرئيس الغنوشي الإخواني التونسي لطلب الوساطة في أزمة مصر.. ولا يقبل مقابلة زعيم إخوان الجزائر لطلب الطلب نفسه! لماذا يثمّن الرئيس بوتفليقة إخوان تونس ولا يثمّن إخوان الجزائر؟ ! وقد سبق للجزائر في عهد بن جديد أن توسّطت لدى بن علي التونسي لأجل عدم إعدام النهضويين التسعة المحكوم عليهم بالإعدام من طرف بن علي، ولكن بن علي رفض الوساطة الجزائرية متهما الجزائر بوقوفها وراء إخوان تونس باستضافتها لزعيمهم الغنوشي. رابعا: أنا شخصيا سألت مقري عن لقائه بأويحيى: هل كان لقاء تكتيكيا أم لقاء استراتيجيا.. وأفضّل عدم ذكر إجابته هنا.. لأن حديث المجالس أمانات! لكن المشكلة ليست في لقاء مقري بأويحيى... بل المشكلة هي سوء الإدارة الإعلامية لنتائج هذا اللقاء من طرف قيادة حمس. وهنا لابد أن أذكر ذلك الهزال الرهيب الذي ظهر به زعيم حمس مقري، وهو يرد على تعليق صحفي لصاحبه لخضر الزاوي في إحدى الصحف الوطنية، وقد كان تعليق الصحفي أعلى بكثير من مستوى ما كتبه مقري في صفحته على الفايس بوك.. لعنة الله على هذا الفايسبوك الذي يكشف لنا ما لا نريد معرفته عن الرجال.. لتبقى لنا وعندنا تلك الصورة الجميلة ! لكن قمة سوء الإدارة الإعلامية لنتائج اللقاء الحمسي بالرئاسة، هو الحصة التي أذاعتها قناة البلاد، والتي قال فيها مقري إنه لا سامح الله ضرب هبلة وأصبح وزيرا! هل الوزراء مهابيل؟! كيف حال من يتحاور مع “البرانتي” “تاع” الذي عين هؤلاء المهابيل؟! إذا مقري بمبادرته هذه وسوء إدارة نتائجها إعلاميا، فقد مكانته في المعارضة ودون أن يكسب شيئا في السلطة.. وهو الذي أعاب على الأفافاس مبادرته في الاتصال بالسلطة. [email protected]