فشلت أحزاب المعارضة بالجزائر في الخروج بموقف موحد اتجاه التطورات الأخيرة التي أظهرت تقاربا بين بعض رموزها والسلطة، في أعقاب اللقاء الذي جمع مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي بزعيم حمس عبد الرزاق مقري. ورغم أن اللقاء هونشاط سياسي فردي يخص حركة مجتمع السلم دون سواها من باقي حلفائها في هيئة التنسيق، إلا أنه هز المعارضة التي ظلت متمسكة بشروطها لإحداث أي تقارب مع السلطة. حملة الانتقادات التي تعرض لها عبد الرزاق مقري خلال الساعات الأخيرة التي أعقبت لقاءه بأويحيى في رئاسة الجمهورية، دفعته إلى نشر توضيح للرأي العام على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، اعتبر فيه أن كل خطوات حمس أعقبت تشاورا مع شركائها، وأن قراراتها جاءت وفق تفاهمات معهم على أن الأحزاب حرة في اتخاذ مبادرات فردية تخص نشاطها السياسي. وبرر مقري التقارب بينه وبين المرادية بالقول أن جل حلفائه في المعارضة لازالت تربطهم صلة وثيقة بالسلطة ولم تثر بشأنها أي انتقادات أو زوبعة مثل تلك التي أعقبت لقاءه أويحيى في رئاسة الجمهورية، قبل أن يستدرك بالقول إن حجم حمس وتأثيرها في الساحة السياسية باعتبارها شعرة الميزان هو الذي يثير كل هذه الردود. لكن ما لم يشر إليه مقري في تحليله وتقديمه لأسباب التقارب بينه وبين رجال السلطة، هو مصير هذه اللقاءات واستراتيجية حمس في التعاطي مع المستجدات السياسية، هل هي مستعدة فعلا للتحالف مع بوتفليقة ورجاله مثلما كانت عليه سابقا، خصوصا وأن مقري أشار إلى أن السلطة كانت قوية عندما ظلت حمس بجانبها، مثلما قويت المعارضة بانضمام حمس لها، أم أن اللقاء الأخير هو مجرد نشاط سياسي عابر فرضته الأحداث الطارئة في غرداية، قبل أن يفرضه موقع حمس في الساحة السياسية واستجابت له السلطة لاعتبارات "قاهرة"؟! المعارضة ووفق الخرجة الجديد لحمس وجدت نفسها تعيش حالة تخبط غير معهودة، بين التريث في إصدار الحكم على خطوة حمس وبين تأجيل ذلك ربما إلى أن يلتقي مقري بشركائه في التحالف السياسي المعارض، مع الإشارة إلى أن السلطة وعلى لسان أحمد أويحيى أوضحت أن أبواب الرئاسة مفتوحة للمعارضة، كل هذا أدخل رموز المعارضة في نفق التخبط السياسي، وقد نرى عودة اللقاءات التشاورية مع السلطة بعد عيد الفطر المبارك، على أن يكون هذا الصيف حافلا بالمستجدات السياسية التي يمكن أن تغير المشهد السياسي برمته، خاصة فيما تعلق بالهيئة التنفيذية على ضوء تصريحات أحمد أويحي الأخيرة بشأن الحالة المالية والاقتصادية للبلاد، وقد تحدث بالأرقام وكأنه يقدم نفسه بديلا لحكومة عبد المالك سلال، عندما أشار إلى أن الوقت قد حان لمصارحة الشعب الجزائري بالوضعية الاقتصادية للبلاد، طبعا هذا الكلام جاء من رجل يقود الحوار مع أبرز رؤوس المعارضة، وقد ينتهي "الحوار" بأرضية مطالب أو تفاهمات تعجل بالتغيير الحكومي قبل الدخول الاجتماعي القادم، لكن وعلى ضوء هذه المستجدات، هل تحاور المعارضة السلطة وهي على قلب رجل واحد؟ أم تلج قصر المرادية فرقا ومذاهب؟