اختار الحزب الاشتراكي الحاكم الانسحاب من منطقتين جهويتين لوضع سد جمهوري أمام الجبهة الوطنية لليمين المتطرف، ويتعلق الأمر بكل من منطقة الشمال ب”بات كاليه بيكاردي”، حيث تتصدر رئيسة الجبهة الوطنية رأس القائمة، وكذا منطقة البروفنس بالجنوب الشرقي ”باكا بكوت أزور”، حيث توجد حفيدة جون ماري لو بان، ماريون ماريشال لوبان. أعلن رئيس الحزب الاشتراكي، جون كريستوف كومبادليس، أنه لن يكون للحزب الحاكم أي تمثيل خلال الخمس سنوات القادمة في هاتين المنطقتين في الشمال والجنوب، فيما تمسك رئيس حزب المعارضة، نيكولا ساركوزي، بموقفه الرامي إلى ”لا للتحالف ولا للانسحاب”، رافضا التكتل مع الاشتراكيين، ومفضلا فوز اليمين المتطرف على حساب هزيمة حزبه، كما قالها رئيس الحزب الاشتراكي، علما أن حزب الجمهوريين تحصل على أربعة مناطق جهوية، لكن بالتحالف مع حزبي الوسط الديمقراطي والوسط ”مودام” لفرانسوا بيرو، ولوحده لا يمكنه تحقيق أي فوز، ما يثير تساؤل العديد من المحللين السياسيين الذين يرون بأن إستراتيجيته خاسرة في الأساس، خاصة أن العديد من قياديي الحزب داخل بيته السياسي لا يوافقون على هذه الطبخة الساركوزية، على رأسهم منافسه في الدور الأول لرئاسيات 2017، رئيس الحكومة السابق وعمدة بلدية بوردو، آلان جوبيه، الذي لم يشارك في اجتماع عمل المكتب السياسي للحزب، نهار أمس، وذلك لرفضه هذه السياسة المعتمدة. وتجدر الإشارة إلى أن حزب الجبهة الوطنية فاز، أمس، في الدور الأول للانتخابات الجهوية في فرنسا بنتيجة كاسحة جعلته يتربع على رأس 6 مناطق جهوية من أصل 13 منطقة، وذلك بسحقه الحزب الاشتراكي الحاكم والجمهوريين، حيث حقق اليمين المتطرف أعلى نسبة مشاركة في كل من منطقتي بات كالي بيكاردي فاقت 40 في المائة، حيث تصدرت مارين لوبان رأس القائمة، مقابل نسبة 24 في المائة للجمهوريين، و18 في المائة للاشتراكيين، ثم فازت الجبهة الوطنية بنسبة قاربت 41 في المائة في منطقة ”باكا” بكوت أزور، حيث توجد ابنة شقيقتها ماريون ماريشال لوبان، وهي المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على رأس الأحزاب الكلاسيكية في فرنسا التي كانت تستهزئ باستطلاعات الرأي العام، التي كانت قد وضعتها في المقدمة، وهو بالفعل ما تحقق بحصول اليمين المتطرف نسبة وطنية فاقت 29 في المائة، بفارق كبير على المعارضة اليمينية الكلاسيكية والحزب الاشتراكي الحاكم، الذي تحصل على ثلاث مناطق جهوية فقط، والذي يعوّل على قلب الموازين في الدور الثاني المقرر إجراؤه الأحد المقبل، الموافق ل13 ديسمبر الجاري، خاصة على مستوى منطقة إيل دو فرانس، التي فازت بها مرشحة الجمهوريين فاليري بيكريس، أمام كلود برتولون، الذي لا تزال أمامه فرصة التحالف مع الأحزاب اليسارية الأخرى للظفر بمنطقة إيل دو فرانس في الدور الثاني، وهي المعادلة التي يرى المحللون بأنها ممكنة. أما فيما يخص المواطنين الفرنسيين، فإن توسع اليمين المتطرف ليس بالمفاجأة أمام خيبة الحزب الحاكم وفشل الجمهوريين، لاسيما فيما يتعلق بشريحة مسلمي فرنسا الذين لم يصدمهم الأمر في حالة الطوارئ التي يعيشونها منذ 13 نوفمبر، فالعواقب التي كانوا يخشونها هي بصدد التنفيذ على أرض الواقع، وسط سلسلة المداهمات والتفتيشات المستمرة، الأمر الذي دعا إلى نفور أغلبيتهم من هذه الانتخابات.