يرى العديد من الخبراء والباحثين السياسيين والعسكريين أن "التحالف الإسلامي العسكري"، الذي أعلنت السعودية تشكيله، مساء الاثنين، ل"مكافحة الإرهاب"، "جاء لمنع روسيا وإيران من احتكار مكافحة الإرهاب واستغلاله لخدمة أهدافهما". وقال الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، مكرم رباح لوكالة الاناضول للانباء إن "التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، يمثل أهمية كبيرة لأنه يعني التزاما واضحا من الدول المشاركة فيه، بالاقتصاص من الإرهاب أينما وجد"، وأضاف رباح أن "السبب الحقيقي لهذا الحلف هو منع دول معينة من احتكار محاربة الإرهاب، وتوجيه العمل العسكري لخدمة أهدافها كما يحصل في العمليات العسكرية الروسية في سوريا"، معتبراً أن "الإعلان عن التحالف يعني اقتراب العمل العسكري على الأرض في سوريا، والتحضير لإيجاد غطاء سياسي ودولي"، ورأى رباح أن "الغموض بتعريف الإرهاب من قبل التحالف مقصود، وهو يحاكي الطريقة التي تعرف فيها روسيا الإرهاب من أجل أن يخدم ذلك المشروع السياسي لكل من تلك الأطراف المشاركة في الحلف"، وقال: إن "عمل هذا التحالف في مناطق تواجد روسيا وإيران في سوريا، سيكون عبر رسم خطوط حمراء، وقواعد اشتباك وليس عبر غرف عمليات مشتركة فقط".
من جانبه، قال نديم شحادة، مدير "مركز فارس لدراسات شرق المتوسط" في كلية "فلتشر" في بوسطن الأميركية، إن "ما يميز هذا التحالف ليس الجانب العسكري فقط، بل لكونه يمثل ثورة من قبل التيار الإسلامي المعتدل العريض ضد التيار الراديكالي وهذا بحد ذاته أمر هام"، وأضاف شحادة، أن "الراديكالية لا تعني تنظيم (داعش) و(القاعدة) فقط ولكنها تشمل الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التي شكلها"، مشيرا إلى أن الحرس الثوري الإيراني "بدأ يتغلغل داخل التيار الشيعي المعتدل العريض، في حين ما تزال القاعدة وداعش تنظيمان هامشيان في التيار السني"، وحذّر من أن "استمرار القتال بين الحرس الثوري، وداعش يجعل الجانبان ينتصران على التيار العريض غير الراديكالي لدى كل من الشيعة والسنة"، وفي ما يتعلق بساحات المواجهات العسكرية المحتملة المترتبة على التحالف الجديد، أضاف أن "هناك مواجهة بالواسطة على الأرض حيث يدعم السعوديون بعض المجموعات المسلحة في سوريا، بينما المواجهة المباشرة تنحصر في اليمن حاليا (...)، صحيح أن السعوديين يهددون دائما أنهم سيتدخلون في سوريا لكنهم في الحقيقة غير قادرين على ذلك"، وتابع "لا أتوقع أن يبقى الوضع على ما هو عليه بل سيتضمن مواجهة عسكرية مع روسيا تحديدا وهو أمر لا يمكن لتركيا القيام به حتى في ظل دعم حلف شمال الأطلسي لها".
من جهته، رأى العميد المتقاعد هشام جابر، الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب، ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة(غير حكومي)، أن "هذا التحالف لن يؤدي إلى تطور دراماتيكي على الأرض لكنه يشكل خروجا من الحلقة المفرغة من الصراعات بالنسبة للملكة العربية السعودية"، وقال جابر إن "ما دفع الرياض إلى إنشاء التحالف هو شعورها بأن مرحلة جديدة ستبدأ بعد الحل السياسي في اليمن وأن الحل السياسي في سوريا قيد التحضير"، ورأى جابر أن التحالف في الغالب سيكون "حبرا على ورق وستكون صبغته سياسية أكثر من كونها عسكرية"، لافتا إلى أن هناك "هشاشة" في هذا التحالف تتمثل بتشكله من دون تعريف واضح ل"الارهاب".
وأصدرت 35 دولة، مساء الاثنين من العاصمة السعودية الرياض، بياناً مشتركاً أعلنت فيه تشكيل "تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب"، بقيادة السعودية، وقررت الدول الموقعة على البيان، تأسيس مركز عمليات مشتركة مقره الرياض، لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب، والدول المشاركة في التحالف هي: السعودية، الأردن، الإمارات، باكستان، البحرين، بنغلاديش، بنين، تركيا، تشاد، توغو، تونس، جيبوتي، السنغال، السودان، سيراليون، الصومال، الغابون، غينيا، فلسطين، جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية، قطر، كوت دي فوار، الكويت، لبنان، ليبيا، المالديف، مالي، ماليزيا، مصر، المغرب، موريتانيا، النيجر، نيجيريا، اليمن، أوغندا.