رابعة الوقفات قبالة محكمة بئر مراد رايس، التي وضعت في امتحان عسير، هذا العام، جرت في ظروف متميزة، لتزامنها مع شهر رمضان، حيث التساؤلات، بدأت يوم 25 ماي الماضي، لما أجل القاضي البت في القضية، بصفة فعلية، وأحال الجميع إلى يوم 8 جوان، هل نحضر أم أن الصوم سيحول بيننا وبين التضامن؟ اصطف المتضامنون، من جمعيات ومواطنين وعدد من الأحزاب، تحت ظل الأشجار المقابلة للمحكمة، تتقدمهم متاريس الشرطة، التي لم يطلها هذه المرة، تدافع يذكر، فالحرارة الشديدة والصيام دفع بالمتضامنين إلى الاصطفاف عبر الحائط والبحث عن ظل تحت أوراق الأشجار الخضراء، مترقبين منطوق حكم القاضي، بعد أن درج محامو “الخبر” على الوقوف أمام باب المحكمة، لنقل أخبار التأجيلات المتوالية. البارحة، كانت هناك توقعات ما، من أن القاضي لن يصبر أكثر مما صبر بشأن ملف محل جدال كبير، ويكتسي من الخطورة ما يدفع إلى التفكير مليا في مصير المشهد الإعلامي لاحقا، لذلك، امتزج “نعاس” الصيام مع نباهة ترقب الجديد في القضية، إلى غاية الساعة الحادية عشرة وبعض الدقائق، عندما تناقل خبر إصرار القاضي على الفصل في القضية أو دفعها إلى الاقتراب من النهاية، لكن ذلك لن يعرف قبل المساء. «عبودية الانتظار” لم تثن عشرات المتضامنين مع “القضية”، عن التشبث بالمكان، إلى غاية المساء، ووجد لوضع “الانتظار” تحت الشمس، جوابا من القيادي في حزب “عهد 54”، محمد صديقي، يفيد “ماكثون هنا، ليس ثمة مشكل في أن ننتظر إلى المساء”، ظهر صديقي كمن يبحث عن نهاية لمشكلة، تشوش ذهنه، حرصا منه على ترقب نهاية سليمة لمشكلة “الخبر” مع وزير الاتصال حميد ڤرين، يقول صديقي الذي شغل رئيسا للهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات التشريعية لعام 2012، “نحن هنا، متضامنون مع “الخبر”، نحن ضد خنق الحريات، لقد صار النظام يرى في “الخبر” خطرت عليه، هذه قناعتي، هؤلاء يقومون بالتضليل، لكني أرى أنه يستحيل غلق هذا المعلم الكبير”. لم تكن الوقفة تعيق حركة المرور، ذلك ما وفر على رجال الشرطة جهد إطلاق الصافرات، مثلما دأبوا عليه خلال الوقفات الثلاث الأخيرة، مثلما لم يكن بائع البنزين في محطة البنزين، قبالة الواقفين مع “الخبر”، تحت ضغط الزبائن، وبدا مسيرا ناجحا لحاله مع الصيام، ومع المشترين، وحال هذا الرجل ينطبق على تصريح محمد صديقي لما قال “إن صفقة “الخبر” تجارية، بين بائع ومشتر، ما دخل الوزارة ؟«. التقدم إلى الوراء.. لكن زميل المعارض فوزي رباعين، يعتقد أن من وراء مساعي إبطال صفقة “الخبر - ناس برود”، رائحة خنق الحريات بالنسبة لصرح يعتبر “صدى المظلومين في البلاد، وجريدة تكشف العيوب، وتتلقى وابلا من الهجمات، نحن بدلا من أن نتقدم، نوجد في وضع متأخر في بناء دولة القانون وصار لا أحد يبحث عن مستقبل البلاد، وإذا غابت حرية التعبير، غابت العدالة المستقلة واستشرى الفساد.. إن العدالة حقا في امتحان بسبب “الخبر”. رفعت الراية الوطنية، قبالة محكمة بئر مراد رايس، مثلما رفعت أعلام “الخبر”، ول«الخبر” قصة مع رجل نحيف وصل المحكمة ملتحفا الراية الوطنية، ويردد “متضامن الخبر، إني أعيش في سجن كبير وجئت إلى هنا مرات عديدة، وبالنسبة لي أنا كمن يلتحق بالشاطئ، كل مساء.. لا شيء أخسره، لكني أربح الخبر”. وللخبر أيضا قصة مع العسكر، أو هؤلاء الذين نقلت الجريدة انشغالاتهم ومآسيهم سنوات الإرهاب، وجاؤوا اليوم لرد الجميل الألف، بلافتات كتب عليها “نحن عسكر جرحى في إطار مكافحة الإرهاب، نساند الخبر”. وغير بعيد عن هؤلاء الجرحى الذين جاؤوا على كراس متحركة، مواطنان اشتعل رأسهما شيبا، يمثلان وقوفا أمام مدخل العمارة المقابلة للمحكمة، يحملان لافتات “كلنا الخبر، لا لقمع الحريات، الإعلام حق دستوري والمواطن المغلوب يحتمي بالخبر”. دويبي: الحريات الإعلامية دعامة للحريات السياسية وللمساندة، سجل الأمين العام لحركة “النهضة” حضوره رفقة وفد من الحركة، يقول محمد دويبي، وقدم لمساندته عنوانا كبيرا “نستمر في المطالبة بتكريس الحريات والمحافظة على المكتسبات التي تحققت في الجزائر، إننا مع الحريات الإعلامية التي هي دعامة للحريات السياسية، ولا يمكن الحديث عن نظام تعددي دون حرية الإعلام، وما تتعرض له وسائل الإعلام المحايدة من محاولات الضغط عليها وابتزازها، كي تخرس عن كلمة الحق، هذه القضايا تدل على أن ميدان الحريات لا زال يحتاج إلى جهود ونضال دون فقدان الأمل في جزائر تنعم بالحرية والكرامة”. محسن بلعباس: “إيماننا بحرية التعبير يفرض علينا التضامن” وقال محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إن حضوره لوقفة التضامن مع “الخبر” يأتي لإيمانه بأنها قضية عادلة ينبغي على كل الجزائريين المؤمنين بحرية التعبير التجند فيها. وأوضح بلعباس، في تصريح ل«الخبر”، أن دعم الأرسيدي لمجمع “الخبر”، يأتي أيضا “للتنديد باستغلال العدالة، فليس من حق وزير الاتصال إبطال صفقة “الخبر” مثلما يؤكده جل المختصين في القانون، لأن ذلك من اختصاص سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي رفض الوزير تنصيبها كي يستحوذ على صلاحياتها”. وانتقد بلعباس بشدة أصوات الموالاة التي تحاول توجيه قضية “الخبر” لخدمة أهدافها السياسية، مشيرا إلى أن “السلطة اخترعت شماعة الدياراس لتلقي عليها كل الشرور، لكنها تقع في تناقض صارخ عندما تحسب “الخبر” على “الدياراس”، فمعروف أن “الخبر” والصحافة المستقلة عانت من الدياراس أكثر من غيرها. غويني: .. لأننا نرفض الظلم والاستبداد أما فيلالي غويني، أمين عام حركة الإصلاح الوطني، فقد جدد تضامن حزبه مع “الخبر”، وقال: “نحن متضامنون مع “الخبر” لأننا نرفض الظلم والابتزاز، ومناضلون من أجل تكريس الحقوق والحريات”. وتابع غويني: “لم تستهدف “الخبر” إلا لكونها عصية، والسلطة سعيا منها لتصحير الساحة الإعلامية تريد استهدافها، وذلك لاستكمال ترتيبات المرحلة المقبلة”. وأضاف “هذه الجريدة صرح الكلمة الحرة ومنبر كل الجزائريين وموقفنا في الحركة رافض “لاستعداء الكلمة وتجريم الرأي المخالف وتشميع الحريات”. والتحق صحفيون بالمكان، أيضا، متضامنون وآخرون من أجل تغطية الحدث. لقد وجد الصحفيون، في وقفات “الخبر”، فرصة التقاء، فهم عادة لا يلتقون، على أرض مشتركة، إلا في التغطيات، لكن الأرض المشتركة التي تنتج ذلك المسار الذي منتهاه حفظ كرامة الصحفي وصون حقه في الوصول إلى المعلومة، ثم ضمان ديمومة عنوانه الإعلامي، لازالت تبحث لها عن مكان في عقول رجال الإعلام.