عمقت مشكلة الحمولة الزائدة لشاحنات نقل البضائع أضرار الطرقات الوطنية والسريعة، وأضحت هذه الظاهرة تهدد سلامة البنية التحتية لآلاف الكيلومترات التي استنزفت خزينة الدولة ملايير الدولارات بنسبة 90 بالمائة، ناهيك عما تشكله من خطر يمثل 10 بالمائة من مجموع حوادث المرور. 90 بالمائة من اهتراء الطرقات تسببه شاحنات نقل البضائع نبه الخبير في السلامة المرورية، نزيم خرشي، في حديث مع “الخبر”، الجهات الوصية إلى ضرورة التعجيل بإصدار مراسيم تنفيذية ونصوص تنظيمية تقيد حمولة شاحنات النقل البري للناقلين الخواص، وشدد على ضرورة ضبط ممارسات خطيرة تشكل عبئا يقدر بملايين الدولارات كل سنة على الخزينة العمومية، حيث قال إن وزارة النقل تحصي مليون و400 ألف شاحنة بمختلف أصنافها أضحت تهدد الطرقات وتقلص من سنوات صلاحيتها إلى النصف، خصوصا الطرقات السريعة والوطنية التي لم تصمد لأكثر من 5 سنوات بسبب الحمولة، بينما استهلكت ميزانيات ضخمة للصمود لفترات لا تقل عن 15 سنة. وتعمل وزارة الأشغال العمومية على دراسة حزمة اقتراحات قدمتها المنظمة الوطنية للناقلين الجزائريين شهر ماي 2016، من خلال إعداد نصوص تنظيمية تفرض على أصحاب المحاجر والمرامل ومؤسسات الموانئ تثبيت محطات تقييس ووزن الشاحنات المحملة قبيل خروجها نحو الطرقات، مع اعتماد بطاقة مسار تسمى خارطة طريق تتقيد بالمدة الزمنية بين نقطة الانطلاق والوصول نحو الوجهة، وجاء ذلك بعدما رافعت المنظمة لصالح التقيد بمعايير الحمولة والمساحة من أجل توزيع الثقل والتمركز على الطرقات. وبرأي الخبير خرشي، فإن اللجنة المختلطة التي اجتمعت مؤخرا لإثراء المراسيم التنفيذية الخاصة، تلقت توصيات تتعلق بضرورة تدعيم سرايا أمن الطرقات التابعة للدرك والشرطة بحقائب وزن الحمولة، وهي أجهزة أكثر فاعلية تحمل على سيارات مصالح الأمن وتشغل آليا في أي نقطة مرورية. ويفيد محدثنا بأن الحقائب يتم تثبيتها تحت محاور العجلات الأمامية والخلفية للشاحنات محل المراقبة وتعطي نتائج فورية، ما يسمح بمعاقة المتجاوزين، فيما أوضح أن المقترح الذي قدمته اللجنة المختصة ركز على إشراك السائق صاحب الشاحنة، صاحب البضاعة وصاحب المحجرة أو المشروع أو مؤسسات الموانئ في العقوبة، مع ضرورة تحيين النصوص لجعل العقوبة مضاعفة وفورية على أطراف السلسلة. وفي هذا السياق، طالب الرئيس الوطني لمنظمة “أونتا” للنقل، السيد حسين بورابة، وزير الصناعة والمناجم بفتح ملف ثقيل يتعلق بإغراق الحظيرة الوطنية بالحافلات الأقل من 10 سنوات، ذات النوعية غير المستوفية للمعايير الأوروبية، ويتعلق الأمر بشاحنات آسيوية ثبت أنها حائزة على شهادة المطابقة من السلطات الجزائرية استنادا منها عل الشهادة التي تمنحها الدول الآسيوية المصنعة لها والتي تقوم بتضخيم وتزييف الطاقة الحقيقية للحمولة، وبالتالي تتسبب هذه الحظيرة “الخردة” في الحوادث المرعبة، وفي تخريب طبقات الزفت بالنظر لتمركز الأثقال على محاور غير قادرة على توزيع الثقل على باقي أجزاء الشاحنة، حيث أضحت المنظمات الوطنية ومصالح الأمن والمركز الوطني للسلامة المرورية تطالب بإصدار مرسوم تنفيذي يحدد معايير جزائرية لاستيراد الشاحنات من الخارج والتفكير في تقليص حجم الحظيرة، لأن إغراق القطاع بأعداد كبيرة منها في إطار قروض “كناك” و”أونساج” أحدث تخمة في العرض، جعلت الناقلين ينشطون وفقا لمنطق المنافسة غير الشريفة على حساب الوزن المقنن، ناهيك عن افتقادهم لشهادات الإتقان في السياقة مثلما ينص عليه القانون 02/ 01 المتعلق بضرورة حيازة سائقي الوزن الثقيل شهادة زائد رخصة سياقة وهي نصوص غير مطبقة على أرض الواقع.