إذا كانت الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد مواقع “داعش” في سوريا والعراق، قد دفعت عناصر التنظيم للهروب إلى ليبيا، حسب تقارير رسمية استخباراتية غربية، فإن الضربات الجوية الأمريكية في سرت الليبية ضد عناصر “داعش”، من شأنها أن تزيد من متاعب الجيش الجزائري لمنع تسلل العناصر الإرهابية الهاربة باتجاه الحدود الجزائرية الليبية، وهي الحدود الأكبر مع دول الجوار. قال الرئيس الموريتاني، في مقابلة مع صحيفة “الأهرام المصرية”: “إننا لا نعفي الغرب مما يجري في منطقتنا من تدمير”. ورأى ولد عبد العزيز أن المشكلات في الدول الغربية “ترتبط بتدخلاتهم السلبية في بلادنا”، معتبرا أنه “لولا تدخل الفرنسيين في سوريا ما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في سوريا، ولا في فرنسا نفسها من جرائم إرهابية”، في إشارة إلى أن التدخل الأجنبي يجر دوما وراءه انعكاسات سلبية تدفع فاتورتها الدول العربية، وهو ما يتوقع حدوثه من وراء الضربات الجوية الأمريكية ضد تنظيم “داعش” في ليبيا. إذ حتى وإن كانت هذه الضربات قد جاءت بطلب من حكومة السراج، ومحدودة في المكان حسب البنتاغون (أي مدينة سرت التي تقع على بعد 450 كلم من العاصمة طرابلس)، ومرحب بها من قبل القاهرة وروما، غير أنها ستتسبب في متاعب لدول جوار ليبيا، وخصوصا الجزائر التي يربطها شريط حدودي طويل عريض يصعب مراقبته. ويتخوف العديد من المتتبعين من أنه إذا كانت الضربات ضد داعش في سوريا قد دفعت عناصر التنظيم إلى الهروب إلى ليبيا، فإن الضربات الأمريكية في سيرت من شأنها أن تدفع عناصر التنظيم إلى الفرار نحو دول الجوار على غرار تونسوالجزائر ومصر على الأرجح، وذلك لعدة أسباب ومعطيات محلية، بحيث تشير أرقام ليبية وأخرى أعلنت عنها تقارير استخباراتية، أن تنظيم “داعش” في ليبيا يتواجد به ما بين 5 إلى 6 آلاف عنصر ينحدر أغلبيتهم من تونس والمغرب، وبدرجة أقل من الجزائر وبعض دول الساحل، على غرار مالي، النيجر، نيجيريا، ما يعني أن هروب هذه العناصر من الحصار الجوي في ليبيا، سيعيدهم إلى منطقة التجنيد الأولى. وفي الوقت الذي قال وزير الخارجية الليبي، محمد الطاهر سيالة، في حوار مع قناة “الحرة”، إن “قرار الليبيين هو أن تكون المعركة على الأرض ضد الإرهاب معركة ليبية خالصة”، مبديا تفاؤله من أن “هزيمة داعش” في سرت وبنغازي ودرنة ستنهي “حلم” التنظيم بالسيطرة على ليبيا، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، من أن يقوم عناصر من تنظيم داعش يفرون من مدينة سرت، معقلهم الرئيسي في ليبيا، بتشكيل خلايا جديدة في مناطق أخرى من هذا البلد وفي شمال إفريقيا. وأعرب بان كيمون عن مخاوفه في تقرير سري إلى مجلس الأمن، يوم 19 جويلية الفارط، “أن الضغوط التي تمارس مؤخرا على تنظيم داعش في ليبيا قد تحمل عناصره بمن فيهم المقاتلون الأجانب، على نقل مواقعهم وإعادة التجمع في خلايا أصغر وأكثر انتشارا جغرافيا، عبر ليبيا وفي الدول المجاورة”. وبحسب التقرير، هناك ألفان إلى خمسة آلاف مقاتل من تنظيم داعش ينحدرون من ليبيا وتونسوالجزائر ومصر، وكذلك من مالي والمغرب وموريتانيا، موجودون في سرت وطرابلس ودرنة. وأشار التقرير أيضا إلى أن عشرات المقاتلين التونسيين عادوا إلى بلادهم، وفي نيتهم تنفيذ اعتداءات. كما ذكر نفس التقرير أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، النشط في مالي وكامل منطقة الساحل، ما زال يحصل على أسلحة وذخائر من ليبيا. وأشار التقرير أيضا إلى أن الجزائري مختار بلمختار، زعيم جماعة “المرابطون”، الناشطة في منطقة الساحل، ينتقل بسهولة إلى ليبيا، ما يعني أن الضربات الجوية الأمريكية التي تبقى نتائجها محدودة، ستجعل من الحدود الجزائرية الليبية ملتهبة وستزيد من استنزاف قدرات الجيش الجزائري الذي يراقب حدودا مترامية الأطراف، تسعى العناصر الإرهابية بمعية مهربي السلاح وتجار المخدرات إلى عبورها هروبا من طائرات البنتاغون في ليبيا.