دعا وزير الدفاع وقدامى المحاربين في مالي سابقا، سومايلو بوباي مايغا، إلى إخضاع اتفاق السلام الموقّع بالجزائر العام الماضي، إلى تصويت أعضاء البرلمان المالي. ورأى بأن تطبيقه كما هو حاليا غير ممكن، بحجة أن الدولة عاجزة عن بسط نفوذها في كامل تراب البلاد. وخصصت صحف تصدر بباماكو، أمس، مساحة كبيرة لندوة صحفية عقدها مايغا الذي يعدّ من أشهر خبراء الأمن والشؤون العسكرية بمنطقة الساحل. فقد ذكر بأن مسار المصالحة والسلام في مالي، المنبثق عن اتفاق الجزائر المتعثر حاليا “لا يمكن تفعيله كما يجب في الميدان، طالما أن الدولة غير قادرة على بسط سيادتها على كامل تراب البلاد. وستكون الفوضى هي دائما سيدة الموقف في شمال مالي”. ودعا إلى “الاستحواذ على هذا الاتفاق من كل أبناء الشعب المالي”. وقال إنه يفضّل الحديث عن “اتفاق من أجل السلام في مالي، لا يمس بهيكلة الدولة”. في إشارة إلى رفضه منح مناطق الشمال حكما ذاتيا تطالب به بعض تنظيمات المعارضة المسلحة، بينما تريد أخرى استقلالا عن الدولة المركزية. وذكر مايغا أن الحركات المسلحة “ترتكز على عناصر من الداخل لنشر العنف. ففي أعقاب العملية العسكرية سيرفال (حملة عسكرية شنتها القوات الفرنسية ضد الجماعات الإرهابية في جانفي 2013)، غادرت بعض التنظيمات المسلحة المنطقة بينما بقي البعض فيها وهو الآن يعيش وسط السكان”. وهاجم وزير الدفاع الأسبق، الكثير التردد على الجزائر، بحدّة جماعات المعارضة المسلحة وربطها بالمنظمات الإرهابية النشطة بالشمال الحدودي مع الجزائر. وقال بالتحديد: “رغم المساحات التي تفرّق بينهما، لكن توجد صلات وثيقة بين الجماعات المسلحة في شمال مالي”. وخصّ بالذكر “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” و«حركة أنصار الدين” و«القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي”، و«الحركة العربية الأزوادية” و«الحركة الوطنية لتحرير أزواد”. وقدم مايغا وضعا سوداويا عن الحالة في الشمال، فقال: “كل الحركات المسلحة النشطة في الشمال (معارضة وإرهابيين)، التي ظنت السلطات المالية أنها أضعفتها، طفت إلى السطح من جديد وهي تتسبب في أضرار كبيرة”. مشيرا إلى أن مناطق نشاطها تعرف توسعا من يوم لآخر. وهذه الحركات التي جعلت من الشمال نقطة انطلاق، نقلت أعمالها إلى الجنوب مرورا بالوسط. أما المدن التي أصبحت مسرحا لعمليات هذه الحركات، حسب مايغا، هي: تومبوكتو وغاو وموبتي وسيغو وسيكاسو. وحذر وزير الدفاع الأسبق من نقل نشاط هذه التنظيمات إلى البلدان المجاورة لمالي. وقال بأن تهريب السلاح وتجارة المخدرات، يشكلان مصدر التمويل الأساسي لهذه التنظيمات. ففي مالي، درت المخدرات عليها حوالي مليار أورو عام 2015 حسب مايغا، الذي قال إن 38 رعية غربي تعرضوا للاختطاف ببلدان إفريقية بين 2008 و2011، كلهم تم احتجازهم كرهائن فوق تراب مالي وتحديدا في شماله. واقترح مايغا مجموعة من التدابير الميدانية لمواجهة خطر الجماعات الإرهابية، وتحالفها (على حد تعبيره) مع تنظيمات المعارضة. ويأتي على رأس المقترحات إنعاش القوات المسلحة النظامية بجعلها قوة استباقية متنقلة. واقترح أيضا ضرورة أن تتعامل الحكومة مع كل التنظيمات التي تحمل السلاح، معارضة وإسلاميين متطرفين، على أنها مجموعات غير شرعية تستحق المطاردة للقضاء عليها. ويرى مايغا أن جهود إعادة بناء الدولة (وجهة نظر عرضها على الرئيس إبراهيم بوبكر كايتا)، ينبغي أن تقوم على ثلاثة محاور ذات أولوية، حسبه، وهي: ترشيد الحكامة الوطنية والاستجابة للتطلعات الجهوية، والتعاون الدولي. وأضاف: “على مالي أن تعيد النظر في هيكلتها الترابية بعد أزمة الهوية الثقافية التي هزتها عام 2012”.