تعد السيدة ليلى بلكحل سديرة من الفدائيات الخمس اللواتي مازلن على قيد الحياة بمدينة ابن باديس، تاريخها حافل خلال فترتي الاستعمار والاستقلال، حصولها على الحرية بعد صمود أمام الفرنسيين دفعها للمشاركة في تأسيس النواة الأولى للحركة النسوية مطلع الستينات ومواصلة نضالها السياسي والاجتماعي، على أسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بعد احتكاكها بالشيخ البشير الإبراهيمي والعربي التبسي اللذين كانا يترددا على منزل والدها أحد أعضاء الجمعية. تفوقت السيدة ليلى وهي في السبعين من العمر على شباب في زهرة العمر، إذ لا تكل ولا تمل من العمل والنشاط الخيري والجمعوي والتوعوي، بهمة عالية وقوة لا يجاريها فيها من هم في عمر أحفادها. الفدائية ليلي لعروسي من سكان المدينة القديمة لقسنطينة، ولدت بها وترعرعت في منزل والدها بلكحل لعروسي آخر رفقاء العلامة عبد الحميد بن باديس، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 106 سنوات. عوضت مكان الابن الذي لم يرزق به والداها ضمن 8 أخوات وعملت بالتجارة في سن 10 سنوات رفقة والدها، قامت إثرها بمزاولة دراستها الأولى على أيدي شيوخ الجمعية، فالمدارس الفرنسية، حيث بلغت المرحلة الثانوية في عهد العنصرية الفرنسية التي كانت تعمل على فصل أكبر عدد من الطلاب الجزائريين. إضراب 19 ماي 56 نقطة تحول بالنسبة لها، بعد أن استجابت لنداء الطلاب الجزائريين وتركت ثانوية “الحرية”. تمخضت فكرة إنشاء منظمة نسوية جزائرية بنشاط ثقافي وسياسي انطلقت بالشرق الجزائري، حيث أسندت لها في بادئ الأمر مهمة فتح مراكز تكوينية للتعليم والاعتناء بأرامل وأبناء الشهداء، أتت بعدها النشأة الفعلية للتنظيم النسوي بعقد المؤتمر الأول للمنظمة النسوية، وسمحت للجزائر برئاسة اتحاد النساء الإفريقيات سنة 1974، حيث اتخذت السيدة بلكحل حينها موقفا مشرفا كتبت حوله الصحافة الكندية أثناء انسحاب الوفود العربية من الندوة الدولية للنساء من أجل السلم التي عقدها مؤتمر الاتحاد الدولي للنساء الديمقراطيات، بعد اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية، حيث أخذت كلمة النساء العربيات وتحدثت إلى الدول المستعمرة آنذاك. الآن تواصل السيدة ليلى عملها ونشاطها التوعوي، وهدفها دفع الشباب قدما وخوض غمار تحديات الحياة.