تنازل مكتب المجلس الشعبي الوطني باسم رئيسه، محمد العربي ولد خليفة، لضغوط مضادة مارسها نواب الأغلبية، الممثلين لحزب الأفالان، من أجل تمرير منحة نهاية العهدة التشريعية، بعد أن كان قد رفضها في مشروع ميزانية المجلس السنوية التي عرضها صبيحة أمس أمام لجنة المالية والميزانية، في جلسة توقفت أشغالها بعد تغيّب صاحب المشروع نائب رئيس المجلس، بهاء الدين طليبة. ثارت ثائرة نواب الأفالان، بعد اطلاعهم على بنود الميزانية السنوية للمجلس، وتأكدوا من إلغاء البند المتعلق بصرف منحة نهاية العهدة البرلمانية، ومارسوا ضغوطا مضادة على ولد خليفة من أجل إدراجها في شكل جديد، يقضي بصرف نصف المنحة. ويظهر أن ولد خليفة لجأ إلى هذا الإجراء تفاديا لعرقلة التصويت على مشروع قانون المالية اليوم، خاصة بعد تهديد نواب الأفالان بمقاطعة الجلسة، الأمر الذي يعقّد من مهمة ولد خليفة أمام الحكومة. وأصحاب هذا الاقتراح هم نواب الأفالان، فقد أصدر رئيس كتلتهم البرلمانية، محمد جميعي، ظهر أمس، بيانا جاء فيه أن "نواب جبهة التحرير الوطني وتفهما منهم للوضع الاقتصادي للبلاد، وتضامنا منهم مع هذا الوضع، يقررون التنازل عن نصف منحة نهاية العهدة ويطالبون مكتب المجلس بإدراج هذا المطلب ضمن مداولته في إعداد الميزانية". ويشار إلى أن الاجتماع، الذي كان مقررا صبيحة الإثنين، لم يكن ممكنا مواصلته بعد رفض النواب الذين طالبوا بنزول نائب رئيس المجلس المكلف بالمالية والإدارة، بهاء الدين طليبة، الذي كلف الأمين العام للمجلس بعرض الميزانية، التي لم تكن متضمنة للبند الخاص بالمنحة المذكورة. وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر في اللجنة أن النائب والقيادي في حزب العمال، جلول جودي، هو الذي بادر برفض مواصلة أشغال الاجتماع وأصر على حضور طليبة، معتبرا بأنه هو المسؤول الأول عن الميزانية وبالتالي عرضها أمام لجنة المالية، والأكثر من ذلك الإجابة على أسئلتها في ما يتعلق بأمور التسيير التي توصف بالكارثية. وفي اتصال معه، أكد جودي هذه المعلومات، مؤكدا بأن "طليبة مسؤول أمام البرلمان باعتباره المسؤول الأول عن تسييره، وكان الآمر بالتوظيف غير القانوني، وعن تجاوزات غير مقبولة من حيث التعسف في استعمال المنصب، علما بأن 50 بالمائة من موظفي وإطارات المجلس، يتلقون رواتبهم من دون أن يؤدوا أي مهمة". ويذكر أن ولد خليفة اجتمع بأعضاء مكتب المجلس، الأربعاء الماضي، ووافق على صرف المنحة، لكن في اليوم الموالي، انقلبت الأمور، بعد اتصالات من الوزير الأول، عبد المالك سلال، يدعو فيها المجلس إلى الكف عن استفزاز الشعب والتسبب في قلاقل الحكومة في غنى عنها، وفهم من تلك الرسالة أنه يتوجب على المجلس إعادة النظر في صرف المنحة. ويومين بعد ذلك، أعلن وزير الدولة مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، رفضه هو الآخر للمنحة. وتبعا لهذه التطورات ركب بعض نواب الأفالان الموجة وصرحوا بأنهم يرفضون المنحة، وكان من بينهم النائب طليبة الذي أعلن أنه من مؤيدي عدم صرف المنحة، ثم تلاه رئيس كتلة الأفالان، محمد جميعي. وبرأي جودي، فإن حزبه الذي رفض المنحة منذ عهدة 1997-2002، لا يجد مبررا لاستلامها اليوم خاصة والمواطنون يعيشون ظروفا صعبة، اقتصاديا واجتماعيا، وانهيارا كارثيا للقدرة الشرائية، تضاف إلى حزمة الرسوم والضرائب التي جاءت بها الحكومة وأخرى اقترحها نواب الأغلبية في اللجنة، ما سيرهق كاهل المواطن. وشدد جودي ل"الخبر" على أن المنحة تكرّس التمييز والتفرقة بين العمال والموظفين.