انتقل إلى رحمة الله تعالى، فجر اليوم، العلاّمة الشّيخ الدكتور محمّد الشّريف قاهر، تغمّده الله برحمته الواسعة وألهم ذويه الصّبر والسّلوان، عن عمر ناهز 83 سنة، قضاها في خدمة العلم وطلابه، وتخرّج على يديه الكثير من إطارات الأمّة ونخبها من قضاة وأساتذة جامعات ومدارس. وستقام عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة بحي الزغارة بأعالي العاصمة. والشيخ محمّد الشّريف قاهر، من كبار فضلاء وعلماء الجزائر. وُلد في 05 رمضان 1351ه الموافق ل 02 جانفي 1933م، بقرية تامقرة، من عائلة محافظة تعيش على الفلاحة. بدأ تعليمه في سن مبكرة في مسجد القرين، ثمّ في زاوية سيدي يحي العيدلي أين حفظ القرآن الكريم، وأخذ المعلومات الأولية. وفي عام 1952م رحل إلى تونس لجامع الزيتونة طلبًا للعلم، فتحصّل على الأهلية في جوان 1954، وتحصل على البكالوريا في جوان 1957، وعلى الشهادة العالمية في الشريعة في 1959، ليُختار في بعثة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى العراق بكلية الآداب ببغداد، فنال البكالوريا في الأدب عام 1962. ومن أبرز مشايخه العلامة الشّيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله (بتونس)، وفقيه الجزائر العلاّمة الشّيخ محمّد الطاهر آيت علجت حفظه الله. والشّيخ محمد الشّريف قاهر مجاهد عضو في جيش التحرير الوطني، وعضو في جبهة التحرير قبل التحاقه بالجيش، وقد ناضل وشارك في الثورة التحريرية المباركة حتى الاستقلال المبارك. وعاد إلى الوطن بعد الاستقلال ليُعيّن أستاذًا بثانويات: ابن تومرت ببوفاريك، وعقبة بالجزائر العاصمة. وفي عام 1969م انتدب إلى المعهد التربوي لتأليف الكتب المدرسية، تحت إشراف الأستاذ الشيخ عبد الرّحمن شيبان رحمه الله.
وتحصّل على الدكتوراه في الأدب الأندلسي لجامعة الجزائر عام 1972م، ليتمّ تعيينه أستاذًا بكلية الآداب بجامعة الجزائر، ثمّ أستاذًا مكلّفًا بالمحاضرات، ودرس المقررات: الأدب الجاهلي، الأدب الأموي، الأدب الأندلسي، الأدب المملوكي والعثماني، الأدب المغربي القديم، وأخيرًا علم القرآن والحديث إلى اليوم. وعيِّن مديرًا بمعهد العلوم الإسلامية، ثمّ مديرًا للمعهد الوطني العالي لأصول الدّين، وأستاذًا في المدرسة العليا للقضاء. وفي فيفري عام 2000م تحصّل على شهادة دكتوراه الدولة، وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه وغيرها. إلى جانب عضويته بالمجلس الإسلامي الأعلى منذ الثمانينات، وأستاذ مادة علوم القرآن والحديث، وعضو في اللجنة الوطنية للأهلة، ورئاسة لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى منذ عام 1992 إلى غاية وفاته. شارك الشّيخ قاهر في أكثر من عشرين من ملتقيات الفكر الإسلامي، الّتي نظمتها وزارة التّعليم الأصلي والشّؤون الدّينية آنذاك، كما شارك في الملتقيات الدولية الّتي عقدها المجلس الإسلامي الأعلى منذ 1998م إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى المشاركة الدائمة في المناسبات الدّينية والوطنية، وكان له حضور إعلامي، كحلقات المذاهب في إذاعة القرآن الكريم، وإذاعة القناة الثانية بالأمازيغية، ومشاركة إيجابية بعشرات المقالات في الجرائد والمجلات. وألّف رحمه الله عددًا من الكتب في الفقه والأدب والسِّيرة، منها: ديوان لسان الخطيب، الصيب والجهام، والماضي والكهام (دراسة وتحقيق)، الأنوار في آية النّبيّ المختار في ثلاثة أجزاء للشيخ عبد الرحمن الثعالبي (دراسة وتحقيق). كما شارك في كتاب "مشاهير المغاربة" ضمن لجنة البحث التابعة لجامعة الجزائر.