دخلت الكرة الجزائرية في أزمة حقيقية بفعل صراع الأجنحة أو صراع مسؤولين في الحقيقة هم غير مسؤولين، كل منهم يريد فرض منطقه في الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، من خلال المراهنة على مرشح لرئاسة الفاف التي أضحت مؤسسة تجارية بامتياز، في خزينتها أكثر من 745 مليار سنتيم وسجلت العام الماضي فقط فائضا ماليا بقيمة 125 مليار سنيتم. "الغاية تبرر الوسيلة".. من هذا المنطلق دخلت بعض الأطراف التي نصبت نفسها وليا شرعيا للكرة الجزائرية، "حرب" الظفر بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم، غير مبالية (الأطراف) لا بواقع وحال بطولتنا التي أصبحت تنجب لاعبين يتعاطون المخدرات والكحول، ولا بحال المنتخب الوطني المقبل على منافسات هامة في شهر جوان، ودخلت في صراع الظفر بالمؤسسة التجارية الناجحة التي تدر على أصحابها أموالا طائلة وجاها لا يقدر بثمن.
سهام ولد علي يقابلها روراوة بالصمت
وزارة الشباب والرياضة أعلنت "الحرب " على رئيس الفاف ومكتبه الفدرالي، منذ "نكسة" الغابون وخروج المنتخب الوطني في الدور الأول من الطبعة ال 31 لكأس أمم إفريقيا، وقامت بالإعلان عن رغبتها في التغيير، من خلال تصريحات الوزير الهادي ولد علي الذي طالب في العديد من المرات روراوة بالانسحاب، بعد فشله في قيادة المنتخب الوطني على الأقل إلى الدور نصف النهائي للمنافسة الإفريقية، وهو الأمر الذي لم يتجرعه الرئيس المنتهية عهدته الذي شعر وكأن الدولة تخلت عنه بعد أن عجز عن إخراج الشعب إلى الشارع كما فعله في ملحمة أم درمان. "نكران الجميل أو التنكر للعمل الذي قام به على مستوى الفاف وعلى مستوى المنتخب الوطني الأول ومركز سيدي موسى بالأخص".. جعل رئيس الفاف محمد روراوة هو الآخر يدخل "الحرب" من خلال قرار إقالة كل أعضاء طاقم المنتخب الوطني، غير مبال بعواقب هذا القرار الذي ضيع على "الخضر" تاريخ الفيفا المقرر في شهر مارس الجاري، والأكثر من هذا التزم الصمت ورفض الإعلان صراحة عن موقفه بشأن البقاء أو مغادرة الفاف، وهو ما أدخل الجميع في دوامة وفي حيرة من أمره، لأن الجميع كان لا يتحرك إلا بأمره ولا قرار يعلو فوق قرار "الحاج". التزام روراوة الصمت، جعل الوزير الهادي ولد علي يتحرك في كل جهة للإطاحة به بطرق شرعية، خوفا من "شبح" تدخل الاتحادية الدولية لكرة القدم التي ترفض أي تدخل للحكومات في تسيير الاتحادات، غير أن كل محاولاته باءت بالفشل، بدءا بال 300 مليار سنتيم التي منحها الوزير في هذا الظرف، لاستمالة أعضاء الجمعية العامة للفاف، خاصة رؤساء الرابطات الولائية التابعين إقليميا لمصالح الوزارة الوصية (مديريات الشباب والرياضة)، بدليل أن رؤساء الرابطات المعنيين رفعوا يوم27 فيفري المنصرم، جميعهم لافتات "كلنا روراوة" في أشغال الجمعية العامة العادية للفاف التي جرت بسيدي موسى، وهو ما اعتبرته أطراف فاعلة بمثابة صفعة للوزير الذي لم يرم منشفة الاستسلام وترك الأمور تسيير إلى غاية مجيء الفرصة المواتية.
زطشي.. الورقة الخاسرة للوزير
انشغال روراوة بالظفر بمقعد في اللجنة التنفيذية للكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وعدم إعلانه عن رغبته في البقاء أو مغادرة الفاف، تاركا الغموض يسود والأمور تتعفن، دون أن يظهر له أثر، بحكم غيابه وغياب جميع اللجان الهامة المسيرة للبطولة، ونقصد بها لجنة التحكيم التي كان يرأسها العضو الفدرالي السابق خليل حموم (لا علاقة لها بالرابطة المحترفة التي يرأسها قرباج)، كانت بمثابة الفرصة للوزير للاستثمار في الوضع ساعات إن لم نقل دقائق قبل غلق باب الترشيحات التي حددتها لجنة باعمر (12 مارس)، من خلال المراهنة على المرشح خير الدين زطشي. ووصل الأمر بالوزير لفرض منطقه أو منطق من وراءه، إلى حد إعداد قائمة أعضاء المكتب الفيدرالي التي وافق عليها زطشي من منطلق أن الدعم "الفوقي" الذي كان ينتظره قد استفاد منه من خلال وقوف الوزير إلى جانبه، لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، حيث تحركت الجهة المقابلة وأملت منطقها هي الأخرى من خلال "تفطن" جماعة باعمر أن انتخابات 20 مارس المقبلة ستكون غير شرعية، مستندة إلى قانون الفيفا الذي ينص في مادته ال 26 أن انتخابات الهيئة الكروية تجري 60 يوما بعد انعقاد الجمعية العامة العادية للرئيس والمكتب الفدرالي المنتهية عهدته، وهو ما جعلها تقرر تأجيل الانتخابات إلى يوم 27 أفريل المقبل.
مدوار يقود جماعة ثالثة ويخلط كل الأوراق
جهة ثالثة دخلت الصراع بعد غضبها من الرئيس المنتهية عهدته محمد روراوة ومن الوزير الهادي ولد علي، الذي راهن على زطشي لقيادة سفينة الفاف، ونعني بها جماعة الناطق الرسمي لأولمبي الشلف والنائب البرلماني عبد الكريم مدوار، التي أرسلت، قبيل غلق باب الترشيحات، ملف ترشحها إلى رئاسة الفاف عبر البريد الإلكتروني، وهو ما يعني أن زطشي لم يكن وحيدا في الصراع إذا وافقت اللجنة على الملف المودع، شأنه شأن مولدي عيساوي. وبين الجهات الثلاث المتصارعة وما تستعمله من وسائل مشروعة وغير مشروعة في هذه الحرب القذرة، تبقى الكرة الجزائرية رهينة أشخاص هدفهم المؤسسة التجارية وليس الكروية.