هيرفي "رونار" هو اسم على مسمى، فهو ثعلب وداهية في مجال التدريب، كيف لا وهو ويوفق في إعادة أسود الأطلس للمونديال، بعد انتظار دام عقدين من الزمن، ليضيف هذا الإنجاز إلى سجل حافل مع منتخبات زامبيا وكوت ديفوار، يجعل منه أحد أفضل الفنيين الذين شهدتهم ملاعب القارة السمراء على الإطلاق، ويزيد بالمقابل من حسرة تجاهل المسؤولين عن كرة القدم الجزائرية لهذه الكفاءة، رغم أنه كان ذات يوم أقرب بكثير إلينا من المغرب الذي تحتفي به اليوم وبأشباله. من العدم تقريبا انطلق رونار الذي كان مدافعا مغمورا في مشواره الكروي كلاعب، فتسلح بالإرادة والمعرفة والتجربة التي اكتسبها مع مواطنه كلود لوروا، الذي كان مساعدا له، قبل أن يشق طريقه بمفرده رغم كل العراقيل والصعوبات والانتقادات التي طالته، بعد أن تم تعيينه مدربا أول لمنتخب زامبيا قبل عشر سنوات من الآن، الكل تساءل وقتها كيف لجامع قمامة (وظيفة سابقة اشتغل عليها رونار إلى جانب دراسته للتدريب) أن يصبح مدربا لمنتخب الرصاصات النحاسية، القدر منح رونار فرصة وأحسن استغلالها فحقق نتائج أكثر من موفقة في تجربة أولى ليعود ويحقق المعجزة في الغابون، لما قاد زامبيا للتتويج بكأس إفريقيا 2012، بعد أن حوّل لاعبيها إلى وحوش التهمت كل المنتخبات المنافسة، وآخرها فيلة كوت ديفوار في النهائي، ليطلق يومها تصريحه الشهير: "كنت أجمع القمامة قبل 8 سنوات والآن أنا بطل إفريقيا وأجمع الألقاب، ما رأيكم"، كان ردا مفحما لكل من انتقدوه وشككوا في إمكاناته في وقت سابق، ومنهم مدربون ومسؤولون ولاعبون جزائريون استهانوا به وبعمله لما خاض تجربة التدريب في الجزائر مع اتحاد الجزائر قبل ذلك بعام. 3 سنوات بعد ذلك، يعود صاحب القميص الأبيض إلى نهائيات "الكان" مع منتخب كوت ديفوار، ليؤكد بأن ما حققه سابقا مع زامبيا لم يكن ضربة حظ، وإنما ضربة معلم، وهذا لما قاد "الفيلة" إلى الكأس التي أعجزت كل الأجيال الرائعة من اللاعبين التي مرت على المنتخب البرتقالي منذ 1992 إلى غاية وصوله. حاول رونار التأكيد على علو كعبه في التدريب في مسقط رأسه بفرنسا، لكنه سرعان ما عاد إلى أدغال إفريقيا بعد تجربة فاشلة مع نادي ليل، ويحط الرحال بالمغرب في مهمة إعادة الاعتبار للأسود، البداية لم تكن موفقة، خاصة بعد مردود هزيل في المباريات الأولى، ودية كانت أم رسمية، ويومها ترددت أخبار عن محاولة رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم سابقا، محمد روراوة، استغلال ذلك من أجل تحويله لتدريب الجزائر، كانت مجرد أضغاث أحلام الجمهور الجزائري الذي أراده بقوة مسؤولا عن الخضر.. وقتها تمسك المغاربة بمدربهم، وبعد تجربة متوسطة في نهائيات أمم إفريقيا الأخيرة بالغابون (الخروج من الدور ربع النهائي أمام مصر) عاد الأسود إلى الزئير بفضل الثعلب لما تسيّدوا مجموعتهم في تصفيات المونديال، وينهونها في الريادة، ومعها تأشيرة التأهل إلى العرس الكروي العالمي، بعد فوز بطولي على أرض منافسهم الأول منتخب كوت ديفوار.