لايزال فيروس الأنفلونزا الموسمية يحصد أرواح الجزائريين منذ انطلاق موسم الشتاء، آخرها طفلة، الجمعة الماضي، في ربيعها التاسع بقصر البخاري في ولاية المدية، لتضاف إلى قائمة الوفيات المسجلة بالفيروس، التي بلغت 4 وفيات في ولاية المدية وأزيد من 11 حالة عبر كامل التراب الوطني، أغلبهم من النساء الحوامل والأطفال والمسنين. شيع سكان قصر البخاري في ولاية المدية، عصر أول أمس، جنازة البرعمة الراحلة نور الهدى، ومشوا بجسدها النحيف الطاهر الذي فتك به فيروس الأنفلونزا الموسمية " آش1.آن1" نحو مثواها الأخير بمقبرة بن علية، في جو مهيب طغت عليه الأجواء الحزينة تضامنا مع عائلة الضحية، لترتفع حصيلة الوفيات بالفيروس إلى 4 حالات في ولاية المدية والحالة 11 عبر الوطن. لم تُطفئ نور الهدى شمعتها التاسعة بمناسبة عيد ميلادها قبل يومين من إصابتها بالفيروس، حتى انطفأ نورها كليا وفاضت روحها البريئة إلى مولاها تاركة فراغا رهيبا داخل بيت عائلتها الصغيرة. ولم تتوقف عيون والد نور المحمرتين عن ذرف الدموع ولم تندمل جراحه، بل وخارت قواه وانهار كليا أمام مدخل مقبرة بن علية بقصر البخاري، وراح يتذكر آخر كلمات قالتها فلذة كبده والدموع تتدفق على وجنتيه، واسترسل يقول للمعزين بصوت أجش ومتقطع: "لقد كانت زهرة البيت بامتياز.. عاشت بعقل أكبر من سنها". قبل أن يتابع: "لم أصدق بعد خرجتها الغريبة وغير المألوفة بمناسبة عيد ميلادها قبل يومين من إصابتها بالفيروس، إذ أحضرت قارورة عطر وقامت بتوزيع أوراق على كل أفراد العائلة قبيل التوجه للنوم، طالبة من كل واحد كتابة وصية وغلقها بإحكام داخل ظرف بريدي، على أن تقوم هي بفتحها بعد سنوات وقد سجلت في وصيتها عبارة أيها الزمن البعيد الطويل سأفتحها إن بقيت على قيد الحياة وإن مت فسيقوم بفتحها أي من أفراد العائلة". عمّقت تلك الوصية جراح الوالد وجعلته يزهد في الحياة، خاصة أن أقارب الضحية كشفوا ل"الخبر" أنها كانت تمتاز بالتفوق في الدراسة وحسن السلوك. وحسب مصادر "الخبر"، فإن الطفلة نور الهدى كانت نحيفة الجسم رقيقة العضلات، قبل أن يباغتها الفيروس الموسمي لتنقل في حالة متدهورة إلى مستشفى قصر البخاري، حيث تلقت أول تدخل مكثف من قبل طاقم طبي، لكن حالتها لم تتوقف عن التدهور، ليتم تحويلها إلى غرفة الإنعاش بمستشفى عاصمة الولاية عشية يوم 23 من جانفي، حيث وضعت تحت عناية طبية مكثفة محاولة لإنقاذ حياتها بعد أن دخلت في حالة غيبوبة جراء ضيق وصعوبة في التنفس انتهت بوفاتها وبمزيد من الارتباك في الوسط الطبي وشبه الطبي للمستشفيين اللذين يشهد والدها بأنها لقيت في كليهما العناية المطلوبة منذ بداية رحلتها الاستشفائية التي دامت خمسة أيام. "كنت شبه واثق من أول وهلة حلت فيها بالمستشفى بأن حالتها جد صعبة، ولذلك سارعنا إلى إرسال عينة للتحليل لمعهد باستور، حيث تم تأكيد إيجابية إصابتها بفيروس "آش1.آن1" ولم نتوان في التصريح بذلك لتوخي مزيد من الحذر وتكثيف الإجراءات الوقائية داخل المستشفى وخارجه"، يقول الدكتور دحماني بوبكر، رئيس المجلس الطبي لمستشفى قصر البخاري ورئيس مصلحة الأوبئة والطب الوقائي، الذي أشرف على أول عملية تدخل لإنعاش الطفلة ونقلها إلى عاصمة الولاية. وبوفاة الطفلة نور الهدى، ترتفع حصيلة الوفيات إلى 4 في ولاية المدية منذ انطلاق موسم الشتاء، فيما فاقت 11 عبر باقي ولايات الوطن. وسبق لوزارة الصحة أن أوضحت عبر بيان صحفي أن 10 حالات التي أحصتها سجل منها 5 حالات بولاية الجزائر العاصمة، منهم امرأتان حاملتان على مستوى مستشفى القبة وحسين داي، فيما لقي عون أمن يشتغل بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة حتفه جراء إصابته بالفيروس، في حين سجلت حالتان أخريان بولاية البليدة، ويتعلق الأمر بشخص مصاب بالقصور الكلوي وآخر يعاني من السمنة، وثلاث حالات أخرى بولايات تيبازة ووهران وسوق أهراس. كما تعرض أشخاص آخرون إلى تعقيدات حادة جراء إصابتهم بالفيروس ، على غرار المواطن، 45 سنة، بولاية برج بوعريريج، الذي تبين أنه يعاني من داء السكري دون علمه، حيث تم إدخاله المؤسسة الاستشفائية العمومية لمجانة، ثم تحويله إلى مستشفى عاصمة الولاية، ليتم تحويله إلى مصلحة الإنعاش بالمستشفى الجامعي لسطيف، حيث خضع للعناية المركزة.