شيع بعد ظهراليوم جثمان الشهيد الشاب خلاف مسعود،أحد ضحايا طائرة بوفاريك،بمقبرة مسقط رأسه قرية أولاد أمحمد في بلدية العزيزية شرقي المدية،في أجواء مهيبة،بحضور مئات القرويين وتحت أنظار وفد رسمي من السلطات المدنية والعسكرية مرفوقة بوالي الولاية،أين أدي له واجب التحية العسكرية،قبل أن يوارى التراب،أمام عيون والده وأشقاءه وأهل قريته المغرورقة بالدموع وبقلوب منقبضة لم يسعها سوى الإيمان بمشيئة الله وقضائه المحتوم. ولم تتوقف صيحات التكبير وهمسات التضامن مع عائلته ومواساة ذويه من طرف الحضور في مصابها،كون الشهيد الذي لم يتجاوز عمره 25 سنة ولم يمر سوى أربع سنوات عن أنخراطه في صفوف الدرك برتبة رقيب في تندوف فكان العائل الوحيد لعائلته الفقيرة . " كان أبا عصاميا لسبعة من أشقائه وشقيقاته، وسندا لوالده الذي يعاني من شح مصادر الرزق منذة سنوات طويلة و المصاب بداء ضغط الدم المزمن ،هو أيضا أخ لخمسة أخرين من جهة الأب من زوجته السابقة.ولذلك فإن فقدانه لم يكن هينا على عائلته، التي تعيش ظروفا إجتماعية قاسية،خاصة بالنسبة لوالده الذي بدا منهارا وللوالدة وللبنت الأصغر البالغة من العمر 13 سنة" يقول ع.إبراهيم أحد سكان القرية الذي لم يخف تأثره بحال عائلة الفقيد في مصابها. ووسط باقة ربيعية من عبق نبات الزعتر الذي غصت به أرض المقبرة إلى مختلف الأزهارمن نصاعة البابونج وحمرة شقائق النعمان،ودعت عائلة خلاف إبنها مسعود فيما آمتزج الجرح والألم بالزغاريد التي علت بيتها المتواضع الذي حصلت عليه في إطار إعانات البناء الريفي،على أمل أن تنال بصيرها على محنة فراقه رضا الله جل جلاله والدعاء له وذكر خصاله التي يشهد له بها زملائه وأهل قريته. " الفقيد كان قدوة لزملائه في العمل والمثابرة على الصلاة التي تمكن من هدي 26 من زملائه إلى سبيلها بشهادتهم له بأنه كان السبب في إنارة طريقهم نحو ركن عماد الدين داخل الثكنة وخارجها.كما كان بارا بوالديه وأشقائه" يقول عمه مجهشا بعد مواراته التراب. لتكون العزيزية بلدية أخرى عبر ولاية المدية تلتحق بركب بلديات قصر البخاري، أولاد عنتر،المفاتحة،البرواقية ،العمارية،الربعية وعين بوسيف التي تودع شهداء الطائرة المنكوبة وسط أجواء مفعمة بالإيمان والتضامن والجموع الغفيرة التي هبت تشييع جنازات شبان في عمر الزهور تشابهت بينهم وفي عمق جوارحهم هموم الحياة والوطن.