كشف مشروع قانون المالية لسنة 2019 عن ارتفاع محسوس لميزانية التسيير حسب القطاعات الوزارية، وعن تراجع الحكومة عن آلية التسقيف التي كانت معتمدة من قبل، فقد قاربت ميزانية التسيير سقف 5000 مليار دينار أو ما يعادل 42 مليار دولار. اعتمدت الحكومة عددا من المؤشرات في مشروع قانون المالية 2019 الذي تميز بإقرار مستوى عال نسبيا في مجال التحويلات الاجتماعية ورفع ميزانية التسيير واستقرار ميزانية التجهيز، أي أن الحكومة لم تعتمد نظام تسقيف الميزانيتين كما كان معتمدا من قبل في حدود 2500 و4500 مليار دينار، وأبقت الحكومة بالمقابل على مستوى معتبر في مجال التحويلات الاجتماعية حفاظا على السلم الاجتماعي في مرحلة حساسة وقامت الحكومة بتخصيص أكثر من 64 بالمائة من قيمة التحويلات الاجتماعية، لفائدة العائلات والسكن والصحة، وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المقررة في موازنة العام المقبل 1772 مليار دينار، ما يمثل 2,8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل غلاف مالي يقدر ب760.1 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية لسنة 2018. ومن بين المؤشرات التي أقرها المشروع تسجيل ارتفاع محسوس في ميزانية التسيير التي بلغت 4928.8 مليار دينار أو ما يعادل 42 مليار دولار، ومثل قطاع الدفاع الوطني أكبر حصة ب1230 مليار دينار أو ما يعادل 10.36 مليار دولار، وقد كان يقدر في قانون المالية 2018 ب1118.60 مليار دينار أو ما يعادل 9.43 مليار دولار. بالمقابل، فقد عرف قطاع التربية الوطنية تراجعا طفيفا، حيث قدر ب709.558 مليار دولار أو ما يعادل 5.98 مليار دولار مقابل 709.649 مليار دولار في قانون المالية 2018 بما يعادل 5.97 مليار دولار. وفي المقام الثالث، عرفت ميزانية وزارة الداخلية والجماعات المحلية انخفاضا، حيث تم تخصيص برسم ميزانية التسيير 416.297 مليار دينار مقابل 425.706 مليار دينار في قانون مالية. أما رابع ميزانية فهي خاصة بالصحة التي خصص لها 398.970 مليار دولار، بينما بلغت 395.323 مليار دولار في قانون المالية 2018، فيما قدرت ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي 317.336 مليار دولار، مقابل 313.336 مليار دينار برسم قانون المالية 2018. وتمثل هذه القطاعات قرابة 50 في المائة من ميزانية التسيير، ويطرح رفع مخصصات ميزانية التسيير بمثل هذا المستوى تساؤلات، خاصة في ظل الإشارة إلى التقشف واعتماد الحكومة في مخططها تدابير تخص عدم رفع الأجور وتقييد عمليات التشغيل لاسيما في القطاعات العمومية والوظيف العمومي. ومن شأن رفع مستوى ميزانية التسيير وإن قابلها ضغط هذه المرة في ميزانية التجهيز التي بلغت 3.547,7 مليار دينار أو ما يعادل 30.07 مليار دولار، أن يبقي على مستوى عجز معتبر.