أجلت الحكومة رسميا تنفيذ قرار مراجعة سياسة الدعم إلى ما بعد 2019، وهو ما تجسد من خلال مسودة مشروع قانون المالية 2019، الذي ناقشته الحكومة في اجتماعها الأحد الماضي، وأنهت الحكومة رسميا الجدل الذي أثير عقب التصريحات التي أدلى بها وزير المالية بشأن مراجعة سياسة الدعم بداية من العام المقبل وزيادة أسعار الوقود والطاقة، قبل أن ينفيها الوزير الأول. للمرة الثانية على التوالي قررت الحكومة زيادة مستوى التحويلات الاجتماعية الممنوحة للعائلات الجزائرية، في إطار الميزانية السنوية للعام 2019، ويبدوا أن ارتفاع أسعار النفط الذي تجاوز عتبة 74 دولارا للبرميل في الأيام الأخيرة، شجع الحكومة على المضي قدما في سياسة "توزيع الريع" تفاديا لازمات اجتماعية في 2019 قد تفسد على الحكومة عرس الرئاسيات.وكان لافتا هذه السنة عدم إقرار الحكومة لأي زيادة في أسعار الطاقة والوقود، عكس العامين الأخيرين، ما يعكس رغبة السلطة في الحفاظ على الهدوء الاجتماعي عشية الانتخابات الرئاسية، وتفادي أي جدل سياسي داخل قبة البرلمان، كما ترغب الحكومة في عدم منح المعارضة أي فرصة للتهجم على خطواته الاقتصادية، خاصة وان تلك الأحزاب كانت قد اتهمت السلطة بمحاولة تفقير وتجويع الشعب بسلسلة التدابير الضريبية التي تضمنتها قوانين المالية السابقة.كما يتأكد من خلال ما جاء في مسودة المشروع، توجه الحكومة نحو تأجيل الشروع في مراجعة سياسة الدعم التي يستفيد منها الجزائريون، بل على العكس من ذلك تماما، حيث أقرت الحكومة زيادة في مستوى التحويلات بنسبة 0,7 بالمائة، وبلغت قيمة التحويلات الاجتماعية المقررة في موازنة العام المقبل 1772 مليار دينار ما يمثل 8,2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. مقابل غلاف مالي يقدر ب 1.760 مليار دينار للتحويلات الاجتماعية لسنة 2018.وقامت الحكومة بتخصيص أكثر من 64 بالمائة من قيمة التحويلات الاجتماعية، لفائدة العائلات والسكن والصحة، وكان لافتا ضمن المشروع الزيادة المسجلة في قيمة الاعتمادات المخصصة لمساعدة العائلات والتي ارتفعت إلى 445 مليار دينار، مقابل 414.4 مليار دينار في قانون المالية 2018، ما يمثل 25 بالمائة من قيمة إجمالي التحويلات الاجتماعية، وجه أساسا لدعم العائلات والسكن و الصحة.وخصصت الحكومة ضمن مسودة المشروع 208 مليار دينار لدعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع أي الحبوب و الحليب و السكر والزيوت الغذائية، مقابل 183.2 مليار دينار العام الجاري، بينما تم تخصيص 353 للسكن و 336 للصحة، و 112 مليار دينار للتعليم. وتصر الحكومة على إبقاء التحويلات الاجتماعية في مستويات مرتفعة رغم حساسية الظرف الذي تعرفه البلاد منذ 2014، في وقت يتم فيه التخلي تدريجيا عن الدعم الباطني مثل ذلك الذي يخص الوقود والطاقة وتوسيع دائرة التحصيل الجبائي.المؤشرات التي تضمنتها مسودة المشروع، تؤكد تأجيل الحكومة تنفيذ قرار مراجعة سياسة الدعم إلى ما بعد 2019، ووضعت بذلك حدا للجدل الذي أثير بعد التصريحات التي أدلى بها وزير المالية عبد الرحمن راوية شهر جويلية الماضي، لمح خلالها إلى رغبة الحكومة في الشروع بداية من العام المقبل في رفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية تدريجيا، وقال راوية إن البداية ستكون بأسعار الطاقة والوقود. قبل أن يصدر بيان توضيحي من وزارة المالية، مبرزة أنه "إذا كان هناك ضرورة لإعادة النظر في آليات الدعم الحالية، فإنه لا يكون ذلك بصفة متسرعة و لن تطبق بطريقة آلية و عشوائية ". وأكدت انه "لن يتم تنفيذ أي إجراء دون دراسة مسبقة ودون تشاور واسع النطاق".بدوره نفى الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي احمد اويحيي، وجود أي قرار حكومي برفع الدعم عن الوقود والطاقة بداية من العام المقبل، وقال خلال اجتماع حزبي، بان كل ما أثير بشان إلغاء الدعم عن أسعار المواد الطاقوية والكهرباء بداية من العام 2019 "غير صحيح"، مؤكدا بان الحكومة شرعت في دراسة الملف، وقال بأن الحكومة غير مستعدة في الوقت الراهن لإلغاء الدعم ولن يطبق القرار في 2019" لعدة اعتبارات منها عدم اكتمال الملف بشكل نهائي.