تحضر الحكومة عبر المشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2019، لرفع ميزانيات التسيير في القطاعات الاجتماعية التي عادة ما تشهد "احتجاجات" ومطالب عمالية بحكم ارتباطها المباشر بالمواطنين، ويتعلق الأمر بالتربية الوطنية، الصحة، التعليم العالي، الداخلية، العمل والتجارة، في حين تحفظت الحكومة في الكشف عن الغلاف المالي المرصود لوزارة الدفاع الوطني. شرعت وزارة المالية في التحضير المبكر للمشروع التمهيدي لقانون المالية للسنة المقبلة، وأرسل عبد الرحمان راوية، المذكرة التوجيهية الحاملة للرقم 427، إلى الآمرين بالصرف، تحوز "الشروق" نسخة منها، تدعوهم من خلالها إلى ضرورة إعداد ميزانية جميع المؤسسات والقطاعات العمومية حسب الأولوية والأهداف في جميع المجالات، واحتسابها بأول دينار. وقدرت الحكومة ميزانية الدولة لسنة 2019، ب7.561,78 مليار دينار، أي ما يعادل 75 مليار دولار، لتغطية نفقات التسيير والتجهيز. وافتك قطاع التربية الوطنية، أكبر ميزانية قطاعية في نفقات التسيير، بغلاف مالي قدر ب709.55 مليار دينار، وهي نفس الميزانية المرصودة للقطاع في قانون مالية 2018، للحفاظ على استقرار القطاع الذي يشهد احتجاجات في كل مرة بسبب المطالب التي يرفعها الأساتذة والعمال من مختلف الرتب. واللافت في ملحق توزيع النفقات على القطاعات الوزارية، التي تضمنتها المذكرة التوجيهية، تلك الميزانية المرصودة لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، حيث شهدت زيادة ملحوظة في ميزانيتها وقُدرت ب 472.412 مليار دينار مقارنة بميزانية 2018 التي بلغت 57ر425 مليار دينار. ويفسر الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، الزيادة في ميزانية الداخلية، بالموعد الانتخابي المنتظر المتعلق برئاسيات 2019 الذي يتطلب غلافا ماليا لتغطية كل المصاريف اللوجيستية للاستحقاق الانتخابي القادم، ابتداء من طبع أوراق التصويت وتجهيز مراكز الانتخابات أو الاقتراع، وتغطية مصاريف المكلفين بالمكاتب وعملية المراقبة، وكل الأمور التنظيمية الأخرى لهذا الموعد الانتخابي. وقال رزيق في تصريح ل"الشروق" إن وزارة الداخلية تغطي 1541 بلدية وهي بحاجة إلى توفير الأمن الجواري وتغطية نفقات عمالها وبالتالي تبقى مجبرة على فتح مناصب عمل جديدة، بالإضافة إلى تحضيرها برنامج التقسيم الإداري الجديد في ولايات الهضاب العليا في سنة 2019، ليضاف إلى التقسيم بالجنوب الذي تم بموجبه استحداث 10 ولايات منتدبة. وجاءت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في المرتبة الثالثة ورُصدت لها ميزانية 398.045 مليار دينار أي بزيادة طفيفة مقارنة بالسنة الجارية التي رصدت لها غلافا ماليا يقدر 392.16 مليار دينار، وفي تفسيره لهذا الارتفاع يقول كمال رزيق: "الحكومة اتخذت قرارا برفع التجميد عن المشاريع في قطاعات التربية والصحة، والأكيد أن هذه الهياكل سيتم استلامها في غضون السنة المقبلة وهي بحاجة إلى نفقات جديدة". وحافظ قطاع التعليم العالي على نفس ميزانية السنة الجارية لتستقر عند حدود 313.336 مليار دينار بينما حلت وزارة المجاهدين في المرتبة الخامسة باعتماد مالي قدره 225 مليار دينار، متبوعة بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري 216 مليار دينار. بالمقابل، قدرت نفقات تسيير وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي 154 مليار دينار، في حين افتكت وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة 67 مليار دينار، والمالية أزيد من 88 مليار دينار، ووزارة السكن بغلاف مالي قدره 19 مليار دينار، أما وزارة الطاقة فاستفادت من ميزانية إجمالية تفوق قيمتها 41 مليار دينار، في حين تم تخصص 3.175 مليار دينار لوزارة السياحة والصناعات التقليدية. أما مصالح رئاسة الجمهورية 7,859 مليار دينار، ومصالح الوزارة الأولى 4.458 مليار دينار. سياسة ترشيد النفقات تستمر لسنة أخرى وتشير المذكرة التوجيهية في الشق المتعلق بنفقات التجهيز، إلى حصد قطاع المالية ميزانية بقيمة 419.602 مليار دينار، بينما قدرت نفقات التجهيز لقطاع السكن والعمران والمدينة ب 408.186 مليار دينار، وبلغت نفقات قطاع النقل والأشغال العمومية، 273 .520 مليار دينار، ليليه قطاع الموارد المائية والبيئة بميزانية تقدر ب142.650 مليار دينار، فيما قدرت نفقات قطاع وزارة الداخلية 142 مليار والتربية الوطنية ب58 مليار دينار. وشددت نفس المذكرة على ضرورة التحلي بالصرامة في إعداد الميزانيات القطاعية، من دون المساس بنفقات المستخدمين، التحويلات الاجتماعية لفائدة العائلات، مشاريع الاستثمار ذات الأولية، وكذا تلك النفقات المرصودة للمحافظة على مصالح الدولة والخدمة العمومية، وتسيير المصالح والهيئات الإدارية.