اعتبر، أمس، رئيس العمادة الوطنية للأطباء، أن إجراء نزع الأعضاء من جثث الموتى الذين لم يتركوا وصية تمنع ذلك، يتوافق مع أخلاقيات الممارسة الطبية المعمول بها في كل العالم، غير أنه أبدى قناعة ”باستحالة تطبيق هكذا إجراء على الأقل في الوقت الراهن، بالنظر إلى رفض المجتمع للفكرة، وانعدام الوسائل والتجهيزات الثقيلة التي تستدعيها مثل هذه العمليات”. أثار موضوع نزع الأعضاء من جثث الموتى الذين لا يعترضون على ذلك، بموجب تصريح مسبق، والوارد في قانون الصحة الجاري تحضير نصوصه التطبيقية، ضجّة كبيرة في الأيام الأخيرة، أوعزها الدكتور بقاط بركاني محمد، رئيس العمادة الوطنية للأطباء، إلى رفض أغلب شرائح المجتمع للفكرة. مضيفا في تصريح أدلى به ل«الخبر”، أن ”نجاح هذا الإجراء يتطلب عملا تحسيسيا كبيرا لإقناع المواطنين بفكرة التبرع بأعضائهم في حالة الوفاة، خاصة من الجانب الديني”. وحسب بقاط، فإن ”هذا الإجراء موضوع اللغط معمول به في كل دول العالم ولا يتعارض مع أخلاقيات الممارسة الطبية، بل على العكس تماما، باعتبار أنه يساهم في تطوير عمليات زرع الأعضاء التي ستسمح بإرجاع الحياة الطبيعية لآلاف المرضى الذين يعانون الأمرين في أرض الواقع”. مضيفا بأنه ”بلغة الأرقام هناك أكثر من 20 ألف مريض يعانون القصور الكلوي، متشبّتون بأمل الزرع للتخلص من آلات تصفية الدم التي ترهن حياتهم، ناهيك عن قوائم الانتظار التي تخص زرع أعضاء أخرى، مثل الكبد التي يتنقل بعض الأشخاص المعنيين بها إلى بلدان عديدة، وعلى رأسها تركيا من أجل إجراء الزرع مقابل مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة”. وبالمقابل، اعترف ذات المتحدث بصعوبة تطبيق هذا الإجراء من الناحية العملية ”حتى لو تم تحضير القوانين التي تسمح بذلك”، مستشهدا على ذلك ”برفض فكرة الزرع حتى فيما بين الأحياء، فما بالك من جثث الموتى، مع ما يتطلب ذلك من وسائل وإمكانيات لوجيستية كبيرة غير متوفرة في الوقت الراهن، لاسيما وأن مثل هذه العمليات المعقدة مرتبطة بالوقت ويقتضي الاستعجال في ضوء الحياة المحدودة للأعضاء محل النزع، ناهيك عن مسألة التطابق المفروضة بين المتبرع والمتلقي وغيرها من المسائل التقنية المفقودة”. ووفقا للشروط المنصوص عليها في قانون الصحة الجديد، فإن تنفيذ هذا الإجراء سيتولاه الأطباء المؤهلون في المؤسسات الاستشفائية فقط، المرخّص لها بهذا الغرض من قبل وزير الصحة، بعد قرار من اللجنة الطبية المنشأة خصيصا ضمن هذه الهياكل الاستشفائية التي تفصل في ضرورة النزع أو الزرع وترخّص بالعملية، على أن يتم إثبات الوفاة على الأقل من طرف طبيبين اثنين عضوين في اللجنة الطبية، وطبيب شرعي تسجل قراراتهم في سجل خاص.