استنكر رئيس العمادة الوطنية للأطباء الفشل الذي يُلازم سياسة الدولة في إجراء عمليات زرع الأعضاء، مؤكدا بأن آلاف الأعضاء البشرية التي تخص ضحايا حوادث المرور كان بالإمكان استغلالها لإنقاذ آلاف المرضى ممّن تتكدس أسماؤهم في قوائم الانتظار دون جدوى، قبل استسلامهم للموت بعد معاناة كبيرة مع المرض. دعا الدكتور بقاط بركاني محمد في تصريح ل “الخبر” أمس، السلطات المركزية إلى التدخل الجدي والعاجل من أجل تغيير حياة آلاف المرضى ممّن تحتاج حالاتهم إلى عمليات زرع أعضاء، مضيفا بأن “قيام الدولة بفتح مراكز للكلى هنا وهناك من أجل إجراء عمليات تصفية الدم لفائدة المصابين بقصور كلوي، إجراء غير كاف يحكم على هؤلاء المرضى بالموت البطيء، في ضوء عدم استئصال المشكلة من الجذور عن طريق تفعيل عمليات الزرع على غرار ما يحدث في الخارج، باعتبار أن الإحصائيات الرسمية تفيد بأن عمليات زرع الكلى التي تم إجراؤها في مختلف مستشفيات البلاد خلال 5 سنوات الأخيرة لم تتعد في أحسن الأحوال 30 عملية، الأمر الذي يوضح هول المعاناة التي يتكبدها أصحاب هذا المرض على أرض الواقع، علما أن الفرصة كانت مواتية لإجراء أضعاف هذا العدد لو تم فض قضية جواز التبرع من أعضاء الموتى، كون أن حصيلة قتلى حوادث المرور في السداسي الأول من السنة الجارية لوحده تعدى 1600 ضحية”. وفي هذا السياق، شدّد ذات المتحدث على ضرورة تنظيم حملة واسعة تشارك فيها كل حساسيات المجتمع لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء المنعدمة في أوساط الجزائريين لاعتبارات عديدة، خاصة ما تعلق بمسألة استغلال أعضاء جثث الموتى، حيث وجه نداءً إلى رجال الدين الذين اعتبرهم الحلقة الأساسية في الموضوع من أجل لعب دورهم في تحسيس الناس بجواز التبرع وإقناعهم بعدم وجود أي مانع شرعي لاستغلال بعض الأعضاء من جثث ذويهم، بهدف إنقاذ حياة مرضى باتت حياتهم مهددة في أي لحظة، وذلك عن طريق الاستدلال بالفتاوى التي تجيز التبرع وفقا للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية واجتهادات المجتهدين من جمهور العلماء. ومن أجل إنجاح هذا المسعى، يرى الدكتور بقاط أن الأمر ينبغي أن يوكل لهيئة مختصة في شكل منظمة غير حكومية تسخر لها الدولة الاعتمادات المالية المطلوبة الكفيلة بإنجاح المشروع، فضلا عن توفير كل المستلزمات الضرورية على غرار تحضير الأطقم الطبية التي ينبغي أن تكون جاهزة في كل وقت، والعتاد الطبي الضروري لإجراء مثل هذه العمليات الحساسة، ناهيك عن تحضير بطاقية وطنية تضم الحالات التي تستوجب الزرع والمواصفات الطبية الدقيقة للأعضاء المطلوبة حسب كل حالة، مضيفا بأن “المشروع يحتاج إلى إرادة سياسية قوية وتضافر جهود جميع شرائح المجتمع لنجاحه”.