جدد محيط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الثقة في الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، ليدير الحملة الانتخابية للعهدة الخامسة، بعد أن أُسند له التكليف نفسه في عدة مرات سابقة. وتفتح هذه المهمة الأبواب أمام سلال ليعود إلى الساحة بقوة، بعد فترة “بطالة سياسية” إثر إقالته من الحكومة قبل نحو سنتين. لم يكن مفاجئا أن تسند مهمة إدارة الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة إلى عبد المالك سلال، وهو الذي أصبح متخصصا في هذا النوع من المهمات منذ سنة 2004 التي كانت بالنسبة للرئيس الحالي أصعب امتحان رئاسي في ظل الانقسام الواضح آنذاك في مؤسسة الجيش حول ترشيحه. وقد نال سلال، منذ تلك الرئاسيات التي اكتسح فيها مرشحه النتائج، ثقة بوتفليقة الذي أعاد استئمانه على انتخابات 2009 ثم 2014. وتميزت الحملة الانتخابية السابقة بعامل جديد، هو غياب الرئيس بوتفليقة الكلي عن الحملة الانتخابية، وهو ما شكّل ضغطا كبيرا على عبد المالك سلال الذي كان بمثابة ظل الرئيس وقام بتنشيط كل التجمعات واللقاءات والإشراف على كل التفاصيل التقنية باسمه. وينتظر أن يتكرر المشهد نفسه في هذه الانتخابات، في ظل عدم قدرة الرئيس على القيام بالحملة الانتخابية، مثلما صرح بذلك الوزير الأول أحمد أويحيى. واللافت في الأسماء التي حصلت عليها “الخبر” أن مدير حملة بوتفليقة سيكون مسنودا بكريم مصطفى رحيال (عضو هيئة تسيير حزب جبهة التحرير الوطني حاليا)، وهو شخصية سياسية ظهرت للعلن في ظل عبد المالك سلال، بعد أن أسند له في السابق رئاسة ديوان الوزير الأول مع منحه رتبة الوزير. وتشير هذه المعطيات إلى عودة الوزير الأول سابقا بكامل ثقله إلى المعترك السياسي، دائما في جلباب الرئيس الذي صنع منه رجلا سياسيا وسمّاه في أعلى المناصب في الدولة، وهو ما يحضر سلال ليكون فاعلا في إدارة مرحلة ما بعد الرئاسيات، وقد يكون هذا التكليف تمهيدا لتحضيره للعودة إلى الحكومة بعد فترة استراحة دامت سنتين، غادر إثرها منصب الوزير الأول الذي عمّر فيه لأكثر من 5 سنوات. ولم يظهر سلال في الفترة الأخيرة إلا نادرا في صور جمعته بمواطنين في عدد من المناطق، لكنه اختفى تماما من رادار الإعلام، معتكفا في بيته، رافضا الإدلاء بأي تصريح، كما لو أنه كان مطمئنا بأن الرئيس سيحتاج مرة أخرى لخدماته. ومن بين الأسماء التي ستكون ضمن الطاقم المدير للحملة، يوجد رئيس الجبهة الشعبية الجزائرية والوزير سابقا، عمارة بن يونس، الذي يُعول عليه ليكون رافدا للرئيس بوتفليقة في معاقل عصيّة على الاقتحام تاريخيا، من خلال تنشيط تجمعات في منطقة القبائل ولدى الجالية الجزائرية بالخارج. وكان بن يونس من أكثر المترددين في إعلان دعمه للعهدة الخامسة، وأرجأ ذلك إلى الأيام الأخيرة التي تأكد فيها فعليا من أن الرئيس يريد الترشح. وبغض النظر عن تكليفهم بمناصب معينة في إدارة الحملة، يُنتظر أن يقوم معاذ بوشارب، منسق هيئة تسيير الأفالان، وعمار غول، رئيس حزب تاج، وبلقاسم ساحلي، رئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري، بأدوار أولى في تنشيط الحملة الانتخابية. أما الوزير الأول أحمد أويحيى، الذي أعلن في ندوته الصحفية الأخيرة أنه ليس من المرشحين لإدارة الحملة الانتخابية، فمن المؤكد أنه سيُعهد إليه تنشيط أقوى التجمعات والحضور في “البلاتوهات” التلفزيونية للحديث باسم الرئيس، باعتباره أكثر المتكلمين قدرة على المرافعة والمواجهة، في وقت يثير ترشح الرئيس سخطا كبيرا لدى المعارضة وهواجس في الشارع. ويحظى الرئيس رغم غيابه المنتظر عن الحملة الانتخابية بآلة دعائية ضخمة تضمنها الأحزاب والنقابات والجمعيات الموالية له والشخصيات المساندة له، التي لديها امتداد واسع وشبكة علاقات كبيرة في الإدارة. كما يحظى بدعم أقوى رجال المال والأعمال في البلاد، خاصة المنضمين لمنتدى رؤساء المؤسسات بقيادة علي حداد الذي يعتبر من أشد مساندي الرئيس وأوائل الداعين إلى العهدة الخامسة. وينام “الأفسيو” على ثروة تقدر بنحو 30 مليار دولار، ويدين قادته بالفضل إلى فترة الرئيس بوتفليقة في تكوين “إمبراطورياتهم” المالية. وسبق أن ندد منافسو الرئيس بوتفليقة في كل الانتخابات السابقة بما اعتبروه انحياز الإدارة للرئيس المرشح واستغلال إمكانيات الدولة لصالحه في الانتخابات، وهي اتهامات يرفضها أنصاره.