يجتمع البرلمان بغرفتيه (مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني)، صباح الغد الثلاثاء، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، ليأخذ علما بالشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وتفعيل المادة 102 من الدستور، وهو الاجتماع الذي رفضت أحزاب المعارضة حضور جلسته. يأتي هذا الإجراء عقب اجتماع مكتبي غرفتي البرلمان، الخميس المنصرم، بمقر مجلس الأمة، تحت رئاسة عبد القادر بن صالح، رئيس البرلمان، وحضور معاذ بوشارب، رئيس المجلس الشعبي الوطني. وكان رئيس الجمهورية قد اضطر إلى تقديم استقالته لرئيس المجلس الدستوري يوم 2 أفريل الجاري تحت ضغط الحراك الشعبي الذي رفض العهدة الخامسة والتمديد ورفع شعار "ماتزيدش دقيقة يا بوتفليقة" خلال مختلف المسيرات التي انطلقت منذ 22 فيفري الفارط. وتنص المادة 102 من الدستور على أنه وفي حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا ويثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي إلى البرلمان الذي يجتمع وجوبا، كما يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون (90) يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية، علما أنه لا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطريقة أن يترشح لرئاسة الجمهورية. لكن الحراك الشعبي في الجمعة الفارطة طالب بضرورة رحيل بن صالح وبلعيز ونور الدين بدوي، باعتبارهم من وجوه النظام وعرابي العهدة الخامسة، ما يعني أن تسلم بن صالح مهام رئيس الدولة مرفوض شعبيا. كما أن استمرار حكومة بدوي بموجب المادة 104 من الدستور، التي تؤكد على استمرار الحكومة القائمة إبان استقالة رئيس الجمهورية بحيث "لا يمكن أن تقال أو تعدل" وذلك حتى يشرع رئيس الجمهورية الجديد في ممارسة مهامه، أضحى هو الآخر في عين الإعصار الشعبي الذي رفضها جملة وتفصيلا. وقد التزمت قيادة الجيش، على لسان الفريق ڤايد صالح، بتطبيق المادة 7 و8 بمعية المادة 102، وتحقيق مطالب الشعب غير منقوصة، وهو ما ينتظر أن يصدر بعض منه، اليوم، في خطاب الفريق خلاله زيارته للناحية العسكرية الثانية بوهران. ويأتي انعقاد غرفتي البرلمان، اليوم، لأخذ علم باستقالة رئيس الجمهورية التي رسمها المجلس الدستوري، في ظل مقاطعة أحزاب المعارضة لهذه الجلسة التي وصفت بأنها "لا حدث". وضمن هذا السياق، دعا رئيس جبهة العدالة والتنمية، عبد لله جاب الله، أمس، نواب المجلس الشعبي الوطني وأعضاء مجلس الأمة إلى مقاطعة اجتماع البرلمان اليوم برئاسة عبد القادر بن صالح، واصفا الاجتماع ب"خيانة الشعب الجزائري ومطالبه" المعبر عنها في الحراك الشعبي. كما أكدت "حمس"، في بيان لها، أمس، أنها قررت "مقاطعة جلسة البرلمان بغرفتيه المزمع عقدها هذا الثلاثاء"، انطلاقا من أن "حضور الجلسة هو تثبيت تلقائي للسيد عبد القادر بن صالح كرئيس للدولة، وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المعبر عنها بوضوح في الحراك الشعبي". وأضافت "حمس": "أن استقالة الرئيس نهائية بأحكام الدستور وجلسة البرلمان شكلية وفق منطوق المادة 102 ذاتها من الدستور في حالة الاستقالة". وجاء موقفا "حمس" وجبهة العدالة والتنمية بعد قرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ونواب حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية الانسحاب من البرلمان، في خطوة متخذة في ظل الحراك الشعبي الذي كان قد انطلق في 22 فيفري المنصرم، للمطالبة بالتغيير الجذري للنظام بمختلف أوجهه ورموزه. وينتظر أن يقتصر الحضور في هذه الجلسة البرلمانية " الشكلية " على نواب أحزاب السلطة المنهارة، بعدما أعلنت المعارضة في مجموعها خيار المقاطعة. وكانت اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة بإعداد مشروع النظام الداخلي لسير أشغال دورة البرلمان بغرفتيه قد انعقدت، أول أمس الأحد، بمقر الغرفة العليا للبرلمان، وهي اللجنة التي تم تنصيبها في وقت سابق خلال اجتماع مكتبي غرفتي البرلمان، حيث يرأسها السيد صالح ڤوجيل بصفته العضو الأكبر سنا. وكان المجلس الدستوري قد ثبت، الأربعاء الفارط، الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية بعد إخطاره رسميا من طرف السيد عبد العزيز بوتفليقة بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية، كما قام المجلس بتبليغ شهادة التصريح بحالة الشغور إلى البرلمان، حسب ما ينص عليه الدستور. وبالنسبة للحراك الشعبي بمعية أحزاب المعارضة، فإن تطبيق المادة 102 من الدستور لن يمكن من تحقيق المطالب الشعبية، وذلك بالنظر إلى أن الأزمة السياسية تتطلب حلولا سياسية تتجاوز الدستور، وهو ما يعني اللجوء إلى إيجاد مخرجات لتطبيق المادتين 07 و08 من الدستور بإرجاع السيادة للشعب وتمكينه من الاختيار الحر لمؤسساته، ويكون ذلك عبر مرحلة انتقالية وحكومة توافقية جديدة ومراجعة قانون الانتخابات وهيئة مستقلة لمراقبة العملية الانتخابية.