تشير وقائع ومعلومات إلى أن الرئاسة ستنفذ حركة جزئية أو واسعة في سلك ولاة الجمهورية، والأمر لا يتعلق بتسريب بل كشفته حالة الهدوء والصمت في دواوين ولاة الجمهورية، وأيضا سلوك رئاسة الجمهورية بعد فوز عبد المجيد تبون تجاه وزير الداخلية السابق صلاح الدين دحمون، والوزير الأول السابق نور بدوي. رسالة رئاسة الجمهورية كانت واضحة وصريحة، حول مصير عدد من ولاة الجمهورية الذين فهموا الرسالة جيدا عندما عزل الرئيس تبون، في ذات يوم أداء اليمين الدستورية، وزير الداخلية، مع استقالة الوزير الأول السابق، نور الدين بدوي. وكشف إنهاء مهام وزير الداخلية في وقت مبكر عن نية الرئيس تبون تغيير طاقم ولايات الجزائر التنفيذي، لكن السؤال الآن يتعلق بالكيفية والتوقيت فقط. وتكشف عملية بحث في نوعية الولاة الموجودين في الجزائر عن تفاصيل الحركة المرتقبة في سلك ولاة الجمهورية. وقضى أغلب هؤلاء سنوات خدمتهم في أروقة الإدارة المحلية، بعيدا عن انتماء أو تعاطف سياسي، بعض هؤلاء أبلى بلاء حسنا في أداء مهامه التنفيذية، وعدد منهم يشاع أنه نظيف اليد وبعيد عن الشبهة، وانتزع ترقيته عن استحقاق، بعيدا عن التدخلات التي تتحكم في العادة في ترقية وتعيين الإطارات العليا للدولة، وعلى الأغلب، فإن هذه الفئة التي يعرفها الرئيس تبون جيدا، بحكم عمله الطويل كوالي ولاية جزائرية، ستبقى على رأس عملها مع نقل أو تغيير للمهمة. الفئة أو المجموعة الثانية من ولاة الجمهورية ارتبطت بشكل أو بآخر بحزبي السلطة السابقة، الأرندي والأفالان، بل إن بعض الولاة الحاليين محسوبون بشكل مباشر على حزب أحمد أويحيى، الأرندي، وعدد منهم قريب جدا من حزب جبهة التحرير، لا تنقصه سوى بطاقة الانخراط، وهذا ثابت بشكاوى إطارات ومنتخبي حزب التجمع الوطني الديمقراطي في انتخابات مجلس الأمة الأخيرة. وهذه الفئة محل شبهة بمساعدة أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية الذي نافس عبد المجيد تبون في انتخابات 12 ديسمبر، بل إن ناشطين في حملة الرئيس تبون الانتخابية اشتكوا من ممارسات ولاة ورؤساء دوائر في أكثر من ولاية، وعلى الأغلب سيكون مصير هذه المجموعة العزل من المناصب. الفئة الأخيرة من الولاة ارتبطت بشكل مباشر بالوزير الأول السابق، حتى أن عددا من الولاة يعرفون في كواليس الإدارة الآن ب"لوبي نور الدين بدوي"، وعلى الأغلب فإن هذه الفئة ستغادر الخدمة أيضا أسوة بوزير الداخلية، صلاح الدين دحمون، المجموعة الأخيرة ارتبطت بشكل مباشر بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أو بواحد من شقيقيه، بل إن مواطنين في الحراك الشعبي هتفوا في مسيرات الجمعة في عدة ولايات ضد عدد من ولاة الجمهورية، ولا يبدو أن هذه الفئة ستبقى في مناصبها أيضا، هذه التقسيمات التي ينتمي إليها ولاة الجمهورية تجعل مسألة الحركة أمرا حتميا. ويدرك الرئيس تبون أكثر من غيره، بحكم عمله الطويل كوال، صعوبة المهمة التي تنتظره، ويدرك تماما أن تعيين الحكومة أسهل بمراحل من تنفيذ حركة سلك ولاة الجمهورية، كما يعرف تماما أن ولاة الجمهورية في النظام الجزائري هم القاطرة الفعلية للتنمية ومحرك عجلتها، وهم وحدهم من سيصنع الفرق، كما أن الظروف التي سبقت الحراك الشعبي والانتخابات الرئاسية والتقسيم الإداري تدفعه دفعا لتنفيذ حركة في موعد قريب في سلك ولاة الجمهورية، بشكل خاص مع المعطيات التي فرضها التقسيم الإداري الأخير، وبقاء 10 ولاة منتدبين دون تعيين رسمي كولاة جمهورية في الولايات التي تمت ترقيتها، وينتظر 48 وال قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون حول مصير ولاة الجمهورية المعينين من قبل الرئيسين السابقين، بوتفليقة وعبد القادر بن صالح.