السّعادة النّفسية هي أيضًا الثّمرة من الاتصال بين الإنسان وخالقه في نظر القرآن، والإنسان اليوم تعمى عليه الطريق الّتي توصله إلى هذه السّعادة، فيظن أنّها في إرضاء شهواته ما وسعه إمكانه، ولكن السّعادة الحقيقية ليست في إشباع هذه الشّهوات لأنّها جميعًا فانية. فالثروة تضيع والصحة تضمحل، والمتاع البيتي والزوجي والأبوي لا بقاء له، ثمّ إنّ الكوارث المادية قد تقع فتكدّر صفو حياتنا، ولكن يجب أن لا تهدم سعادتنا النّفسية مهما بلغت قسوتها، لأنّنا ندرك أنّ المؤثر في الأشياء هو الله وحده، فهو النّافع والضّار والقابض والباسط، وهو بكلّ شيء عليم. فالعامل الأوّل إذا لسعادتنا النّفسية هو ذلك الاتصال بالله جلّ علاه، وإنّه معنا على الدوام يجيب دعوة الدّاعي إذا دعاه، ويستجيب له دعوته يقينًا، وأنّنا لسنا وحيدين أمام كوارث هذه الحياة، فهو جلّ ذِكرُه يؤيّدنا بمعونته ورحمته الواسعة. أمّا شفاء أمراض النّفس، وهو ما يُعرف بالطب النّفساني، فقد اكتشف العلماء أنّ الهمّ والقلق والحزن والكبت لها تأثير على الوظائف العضوية، وقد درست هذه الناحية في الجامعات الغربية وفتحت لذلك عيادات خاصة للطب النّفساني، يقول الدكتور بول أرنست أدولف: “لقد أيقنت أنّ العلاج الحقيقي لابدّ أن يشمل الروح والجسم معًا في وقت واحد، وأدركتُ أنّ من واجبي أن أطبّق معلوماتي الطبية والجراحية إلى جانب إيماني بالله وعلمي به، ولقد أقمتُ كلتَا الناحيتين على أساس قويم. بهذه الطريقة وحدها استطعت أن أقدّم لمرضاي العلاج الكامل الّذي يحتاجون إليه، ولقد وجدتُ في أثناء ممارستي للطب أنّ تسلّحي بالنّواحي الرّوحية إلى جانب إلمامي بالمادة العلمية يُمكّناني من معالجة جميع الأمراض علاجًا يتّسِم بالبركة الحقيقية. أمّا إذا أبعد الإنسان ربّه عن هذا المحيط، فإنّ محاولاته لا تكون إلّا نصف العلاج بل قد لا تبلغ هذا القدر”.