فيروس كورونا لم ينته بعد، حيث لا تزال بعض البلدان تتعامل مع التفشي الكبير للوباء، لكن حتى أولئك الذين يسيطرون حاليا على الفيروس يخشون "الموجة الثانية". أولا: ما هي الموجة الثانية؟ يمكنك التفكير في الأمر مثل أمواج البحر حيث يرتفع عدد الإصابات ثم يعود مرة أخرى إلى التراجع، وكل دورة هي "موجة" واحدة من فيروس كورونا. يقول الدكتور مايك تيلديسلي من جامعة وارويك ل "بي بي سي": "إن الأمر ليس علميا بشكل خاص، فكيفية تعريف الموجة يتم بشكل اعتباطي". ويصف البعض أي ارتفاع باعتباره موجة ثانية، لكنها غالبا ما تكون موجة أولى صعبة. ويحدث هذا في بعض الولاياتالأمريكية. وكي نقول إن موجة واحدة انتهت يكون الفيروس تحت السيطرة وتتراجع الحالات بشكل كبير. ولبدء موجة ثانية، ستحتاج إلى ارتفاع مستمر في العدوى. ولا تعد نيوزيلندا، التي تعاني من حالاتها الأولى بعد 24 يوما بدون فيروس كورونا، ولا بكين التي تواجه تفشي المرض بعد 50 يوما خالية من الفيروس، في هذا الوضع.لكن بعض العلماء يجادلون بأن إيران قد بدأت في تحقيق معايير الموجة الثانية.
ما الذي يمكن أن يؤدي إلى موجة ثانية؟ فقد تسببت عمليات الإغلاق في حدوث اضطراب كبير في جميع أنحاء العالم حيث أدت إلى ضياع الوظائف والتأثير على صحة الناس وإخراج الأطفال من المدارس، ولكن تمت السيطرة على الفيروس. ويقول الدكتور كوتشارسكي: "إن اللغز النهائي هو كيفية الحفاظ على هذه السيطرة، مع تقليل الاضطراب اليومي إلى الحد الأدنى". ولا يوجد أحد متأكد بنسبة 100% إلى أي مدى يمكن تحقيق ذلك، وهذا هو السبب في رفع التدابير على مراحل ويتم إدخال طرق جديدة للسيطرة على فيروس كورونا، مثل تتبع المخالطين أو الكمامات. ويقول الدكتور كوتشارسكي: "في بريطانيا والدول المجاورة يمكن أن يحدث تفشٍّ سريع إذا تم رفع الإجراءات إلى ما بعد نقطة التحكم في العدوى". ولقد بدأ ذلك بالفعل في ألمانيا، حيث أثبتت نتائج اختبار الفيروس إيجابية 650 شخص بعد تفشي المرض في أحد المجازر. ولا يعد الأمر مشكلة كبيرة إذا كان من الممكن تحديد بؤر التفشي بسرعة، حيث تفرض عمليات إغلاق محلية فيتوقف انتشار الفيروس. وخلاف ذلك، فإن تلك البؤر تساهم في موجة ثانية. وقد اضطرت كوريا الجنوبية، التي حظيت بالثناء على نطاق واسع لمعالجتها لفيروس كورونا، إلى إعادة فرض بعض القيود بسبب مثل هذه البؤر.
هل ستكون الموجة الثانية مماثلة للموجة الأولى؟ سيكون خطأ ما قد وقع بشكل خطير لو حدث ذلك.. كانت قيمة الرقم آر R، وهو عدد الأشخاص الذين نقل لهم كل شخص مصاب بالفيروس العدوى، 3 أشخاص في المتوسط في بداية الوباء. هذا يعني أن الفيروس كان ينتشر بسرعة، لكن سلوكنا تغير مع ممارسة التباعد الاجتماعي، فمن الصعب أن نرى وصول الرقم R إلى هذا المعدل مرة أخرى. وقال الدكتور كوتشارسكي ل "بي بي سي": "لن تقوم أي دولة برفع كل شيء والعودة إلى وضعها الطبيعي، وحتى الدول التي لم تتحكم في فيروس كورونا مثل البرازيل والهند لم يصل الرقم R لديهما ل3". وإذا بدأت الحالات في التزايد مرة أخرى، فمن المحتمل أن تكون بطيئة نسبيا. ومع ذلك، ومن الناحية النظرية يمكن أن تنتهي الموجة الثانية أكبر من الموجة الأولى لأن الكثير من الناس لا يزالون عرضة للإصابة. ويقول الدكتور تيلديسلي: "لكن إذا زادت الحالات مرة أخرى، فيمكننا إعادة فرض الإغلاق لقمع موجة ثانية، فهذا دائما خيار متاح لنا".
متى ستحدث موجة ثانية؟ وهل يزيد الشتاء الأمور سوءا؟ يقول الدكتور كورتشارسكي إنه يمكن رؤية عمليات انتشار محلية في "الأسابيع أو الأشهر المقبلة" مع رفع الإجراءات. لكن هذا لا يعني تأكيد حصول موجة ثانية. ويقول الدكتور تيلديسلي: "إذا تم تخفيف الإجراءات بشكل كبير، فقد ينتهي بنا الأمر إلى موجة ثانية في أواخر أوت أو أوائل سبتمبر المقبلين". وقد يكون الشتاء وقتا حاسما حيث تنتشر فيروسات كورونا الأخرى بسهولة أكبر. فإذا كنا فقط نتحكم في الفيروس، فإن أي زيادة موسمية صغيرة يمكن أن تؤدي إلى انتشاره. ويقول البروفيسور جوناثان بال، عالم الفيروسات في جامعة نوتنغهام: "الربيع ساعدنا بلا شك، والموجة الثانية تكاد تكون حتمية خاصة مع اقترابنا من أشهر الشتاء، والتحدي الذي يواجه الحكومة هو التأكد من أن الذروة ليست كبيرة لدرجة إثقال كاهل نظام الرعاية الصحية".