مازال الخوف ملازما لقلوب الجزائريين البادية عليهم أعراض الإصابة بفيروس كورونا، حيث يرفضون التوجه إلى مراكز الفحص خشية أن يتم حجرهم في المصالح الصحية إذا تأكدت إصابتهم، وصاروا يفضلون أخذ أدوية من الصيدليات دون وصفة طبية للتخفيف من حالاتهم المرضية. كشف العديد من المواطنين في بلديات متفرقة في ولاية الوادي أنهم يمرون بفترات مرضية متفاوتة الخطورة تتميز بحالات حادة أو قليلة من الحمى وأوجاع الرأس والسعال الجاف، خاصة فقدان حاسة الذوق والشم، ومع ذلك يرفضون إجراء فحوصات طبية. بالمقابل يتوجه هؤلاء إلى الصيدليات القريبة منهم، حيث يطلبون بعض الأدوية التي يمنحها عادة الأطباء لمرضاهم المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا في مراحل الإصابة الأولية.
الصيدلية بديلة عن المركز الاستشفائي
وذكر مواطن من بلدية الرڤيبة، يبلغ من العمر 45 سنة، أنه كان يحس بأن حالته الصحية عادية أثناء عمله في المزرعة إلى أن طلبت منه زوجته إصلاح غسالة الأثاث الكهربائية "أدخلت رأسي في الغسّالة وكنت معتادا أن أجد رائحة الصابون حادة جدا، ولكني لم أشتم شيئا، فطلبت من زوجتي أن ترى ما إذا كانت للصابون رائحة أم لا، وبمجرد أن وضعت رأسها في فوهة الغسالة سطعتها الرائحة وتنحت جانبا، عندها عرفت أني فاقد حاسة الشم". وأضاف أنه توجه مباشرة إلى الصيدلية واشترى "دواء كورونا". والشيء نفسه لدى مواطن آخر من بلدية الوادي، يقول "متعود أن آكل مع وجبة الكسكسي كميات من رقائق البصل أو الفلفل الحار، وقد تناولت كميات كبيرة من البصل دون أن أشعر في لساني بأي شيء يجعلني أتوقف ولو لحظة عن أكله، إلا أنني في صباح اليوم التالي حين استيقظت وجدت فمي من الداخل منتفخا ومتورما، فعرفت أني فقدت حاسة الذوق، لأني كنت آكل البصل دون أن أحس برائحته القوية ومذاقه الحار".
تابعونا في فايسبوك
أعراض فقدان حاسة الشم والذوق منتشرة على نطاق واسع بين سكان أغلب البلديات، وهؤلاء المرضى ممن حالاتهم ليست خطيرة صاروا يتوجهون إلى بعض الصيدليات التي تعطي لأمثال هؤلاء أدوية معروفة سواء عن طريق وصفات طبية أو دون وصفة، والسبب كما يقول أحد الصيادلة "تكيّفنا مع الوضع الوبائي، وصرنا نعرف حالة الخوف لدى بعض المرضى من الفحص الرسمي والخشية من إدخالهم المستشفى أو في المرافق الأخرى المسخرة وحجرهم هناك أياما معدودات، مع حالة الاكتظاظ المعروفة فيه، فنعطيهم بعض الأدوية التي صارت معروفة للوقاية من فيروس كورونا عادة ما يصفها الطبيب للمرضى المشتبه فيهم في بداية الأعراض"، وأضاف "هناك عدة حالات تعافوا وعادت إليهم حاستا الشم والذوق وزالت عنهم الحمى، لكن تبقى المشكلة في كبار السن وذوي الأمراض المزمنة الذين ننصحهم بالتوجه مباشرة للجهات الطبية المتخصصة".
الاحتكاك في الأعراس والجنائز والأسواق زاد من تفشي الوباء
من جهته، أكد مدير الصحة بولاية الوادي، عبد القادر لعويني، ل"الخبر"، أن الاستهتار واللامبالاة بخطورة الوباء زادا من تفشي الوباء، خاصة مع استمرار الاحتكاكات في الأعراس والجنائز والأسواق والمحلات التجارية، وهو الأمر الذي زاد من تفشي الوباء وصّعب من مهمة المصالح الصحية التي صارت تستقبل يوميا أعدادا متزايدة من المرضى؛ حيث لا يأتون للفحص إلا عندما تشتد حالاتهم خطورة، في حين يفضل العديد منهم التكتم على المرض أو رفض الاقتناع بوجوده بسبب الجهل ونشر الشائعات التي تثير الفزع من فيروس كورونا، أو عدم التكفل بهم كما ينبغي، في حين أن الطاقم الطبي العامل يعمل ليلا ونهارا مستبسلا في خدمته الطبية الإنسانية. وقد دفعت هذه الوضعية الوبائية مصالحه، يقول مدير الصحة، إلى فتح مكاتب فحص عمومية في المرافق الصحية في عدة بلديات لتكون قريبة من المواطن، كما هو الحال في بلديات الدبيلة والبياضة وقريبا في بلدية الرڤيبة. وأضاف المتحدث بخصوص الوضعية الوبائية في الولاية أن عدد الوفيات بفيروس كورونا كوفيد-19 تعدّى 50 حالة منذ ظهور الوباء في المنطقة، ومستشفى بن عمر الجيلالي المخصص لعلاج مرضى كورونا تجاوز طاقة استيعابه، ما جعل السلطات تسخر فندق "اللوس" العمومي لاستقبال نحو 30 مريضا جديدا بعد أن سخرت من قبل ثانوية عبد العزيز الشريف للغرض نفسه، ولكن الظروف الوقائية والصحية جعلت مصالح الصحة تغيّر المرفق بعد أن سمحت السلطات المركزية بإمكانية تسخير الفنادق لاستقبال المرضى. وأكد مصدر طبي وجود أكثر من 200 مصاب في حالات خطيرة محجوزين في المستشفى، في حين صارت تمنح للحالات المرضية الخفيفة أدوية، مع توصية بالتزام الحجر المنزلي نظرا لافتقاد المرافق المخصصة للمعدات والتجهيزات الطبية بشكل كاف، ناهيك عن الإرهاق الذي أصاب الطاقم الطبي وتسبب لبعضهم في إصابات مؤكدة بفيروس كورونا نتيجة احتكاكهم اليومي بالمرضى.