اقرأ بتمعّن هذه المعلومات المنشورة على الشّابكة (الأنترنت)، والّتي يمكن لكلّ أحد التوثّق منها: ”تكشف دراسة لعام 2017 أن الإسلام هو الدين الأسرع نموا في العالم، وتشير التوقعات الدينية لعام 2050 من قبل مركز (بيو) للأبحاث إلى أنّه يُتوقع أن ينمو عدد المسلمين في العالم بمعدل أسرع من السكان المسيحيين بسبب صغر سنهم وارتفاع معدل الخصوبة لديهم، وفي المقابل ليس للتحول الديني تأثير كبير على السكان المسلمين كما يظهر الاستطلاع”.. ”كشف كتاب الإحصاء السنوي للفاتيكان عام 2008 أنه للمرة الأولى فاق المسلمون عدد الكاثوليك على مستوى العالم”.. ”كشف مقال نشره موقع (الغارديان) الإلكتروني بناء على دراسة أجراها (مركز بيو للأبحاث) الأمريكي المتخصص في الإحصائيات الديموغرافية، أن الإسلام ينمو بشكل أسرع من باقي الأديان، ما سيمنحه الريادة عالميا في أفق سنة 2060، إذ سيبلغ عدد أتباعه 3 مليارات شخص”.. ”الإسلام، الذي يُعدّ الدين الأسرع في معدلات النمو عالميًا، بنسبة زيادة متوقعة تصل إلى 70% بحلول عام 2060”.. ”يعتبر الإسلام الدين الأسرع نمواً في العالم، بسرعة تتجاوز النمو الديمغرافي العالمي بمقدار ضعفين. وبين سنتي 2015 و2060، يُتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم بنسبة 32%، في حين سيزداد عدد المسلمين بنسبة 70%”. هذه شذرات من بحوث منشورة على الشّابكة (الأنترنت)، وهناك الكثير مثلها، والطّريف أن أغلب كاتبي هذه البحوث ليسوا مسلمين، وبحوثهم منشورة في مجلات غربية، وهي تعتمد في استقائها المعلومات والإحصائيات على بحوث لمراكز أوربية وأمريكية. وهذا يقطع الباب أمام كلّ متشكك متقوّل، قد يقول لنا: أنتم مسلمون حالمون!. والحقّ أن ثمة ظاهرة غريبة عجيبة هي أنّ الغربيين يوقنون بهذه الحقائق، كيف لا وهي نتاج بحوثهم ودراساتهم؟!، والّذين يتشككّون ولا يلقون لهذه المعطيات الخطيرة بالًا هم المستغربون (المتعلمنون) من بني جلدتنا، الّذين لا يصدّقون بشيء ولا يسلمون بشيء إلّا إذا جاء من الغرب!، ما عدا اعترافات الغربيين بفضل الإسلام والمسلمين، وإقرارات الغربيين بعظمة الإسلام وقوة انتشاره، فهذه لن يسلموا بها ولو كانت أظهر من الشمس في رابعة النهار!. إنّ الظاهرة التي أقضت مضاجع الحكام الغربيين الناقمين علينا إسلامَنا {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد}، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ}، هو أنّ الإسلام ينتشر بقوة كبيرة، وكلّ دراساتهم وبحوثهم تؤكّد بما لا يدع مجالا لأدنى شكّ أن الإسلام سيصير الديانة الأولى في كثير من الدّول الأوربية، رغم أنّ عملية التّشويه الممنهج للإسلام والمسلمين بلغت حدّا جنونيا، ثم نعلم أنّ أغلب المسلمين لا يلتزمون الإسلام كما يجب ولا يطبقون أحكامه كما ينبغي، كما أنّ أوضاع المسلمين وأحوال دولهم لا تشرف ولا تجذب الناس لدينهم!، فكيف لو تمثّل المسلمون دينهم حقّا، وتحسنّت أوضاعهم وأحوالهم؟!، حتما سترى الناس في العالم يدخلون في دين الله أفواجا!، هذا ما يخشاه الرّؤساء الغربيون؛ لذا لا نعجب حين يخرج علينا رئيس مراهق متهدّدا متوعّدا مطلقا الأحكام على عوانها، ناسيّا الأزمات التي تتخبط فيها بلاده وبلاد حلفائه؛ ليحدثنا حديثا مضحكا عن أزمة الإسلام التي لم يرها أحد إلّا هو!. وإذا كان يوجد في مستشاريه من له مسكة من عقل، سيقول له حتما: لماذا تورّط نفسك في هذه التصريحات الخرقاء؟، كيف هزّك مجرد حضور فتاة مسلمة لبرلمانك [الآنسة مريم الفرنسية ممثلة الطلبة الفرنسيين التي مثلتهم أمام البرلمان الفرنسي، فطار لبّ النواب المتعصبون في الحادثة المشهورة!] فأفقدتك توازنك؟، كيف سيكون حالك لو واجهت أبطال المسلمين؟!، وكيف سيكون حالك حينما يصير الإسلامُ الدّينَ الأول في بلادك!!. إنّ المسلمين مثلهم مثل كلّ البشر يتعرّضون لأزمات ولمشاكل وتواجههم تحديات ومصاعب، وحياتهم بين مدّ وجزر، ذلك أنّهم خاضعون مثل غيرهم لسنن الله تعالى الغلّابة: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس}، وحكمة الله تعالى في الابتلاء قضت أن يعرف المسلمون الازدهار والانحدار، ويذوقون الانتصار والاندحار، ويعيشون التّطور والتّقهقر.. لأنّه لو كانت أحوال المسلمين في كلّ زمان ومكان على وِزان واحد دائمًا: متطورين، مزدهرين، منتصرين؛ لأسلم كلّ النّاس أجمعون أبتعون، ليس تسليمًا بحجج القرآن وبراهينه الباهرة، ولكن استسلامًا لقوة المسلمين القاهرة!. وليس هذا ما يريده الإسلام، فالإسلام يقرّر أنّ التّدين الحقّ والاستسلام الصّادق لله تعالى لا يكون إلاّ بحرية تامة: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِين}، وباقتناع تام: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين}. وهذا بالضبط حال إخواننا وأخواتنا الأوربيين والغربيين الّذي أسلموا طوعًا واقتناعًا، رغم أنّ الظروف الّتي يحيونها كلّها تنفّرهم من الإسلام، وتضع بينهم وبينه حواجز الشّبهات والتّشويهات، وأوضاع المسلمين في دولهم لا تشجع ولا تحفّز.. ومع هذا يسلمون ويؤمنون، وهذا ما يصيب (ولاة أمر) الدّول الغربية بالجنون!، ويصيبهم بالفوبيا...!. إنّ إجماع الدراسات العلمية حول تطوّر الأديان في العالم على أنّ الإسلام هو أكثر الأديان نموًا في العالم بنسبة 6 بالمئة في السنة، هو مصداق لقول الحقّ جلاله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون}، والتّاريخ يؤكّد أنّ الإسلام لم يمرّ يوما بأزمة بل كان دائمًا ظاهرًا على الدّين كلّه، حتّى في الوقت الّذي عصفت فيه الأزمات بالمسلمين شرقًا وغربًا، بقي الإسلام في انتشار وتمدّد، وخير شاهد على ذلك زمننا المعيش: أزمات كارثية في أغلب بلاد المسلمين، والإسلام هو أكثر الأديان نموًا وانتشارًا، ممّا زاد أعداءَه رُعبًا على رعب، وكذلك يبقون {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُم}. أمّا الغرب فهو غارق في الأزمات، ولا داعي لأن أحدّثك عن الأزمات الكثيرة الكارثية لمجتمعات ما بعد الحداثة!، ولكن لا بأس أن أذكّرك أنّ أشدّ أزمات الغرب تعقّدًا ورسوخًا هي أمراضه العنصرية وتعاليه على باقي الأجناس والثقافات؛ ولهذا كلّما تشتدّ عليه الأزمات يبدأ الصّراخ بهستيريا: يجب على جميع الأجناس والأديان والقوميات (ما عدا اليهود!) الخضوع لقيمنا ومبادئنا والذّوبان في نموذجنا وإلاّ...!!. وما هذا إلّا تعدّ على حقوق الإنسان، ورفض للآخر، وعدم تقبّل للتنوّع، وطغيان على حقوق الأقليات، ودوس على المواثيق الدّولية؛ ولهذا وغيره سيستيقظون يومًا على انهزام نموذجهم الحضاري القائم على الشّذوذ في كلّ مناحيه أمام دين الرّحمة والفطرة، {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا}. *إمام وأستاذ الشّريعة بالمدرسة العليا للأساتذة