اعتبرت نانة لبات الرشيد مستشارة الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي في حوار مع ''الخبر'' أن فشل المغرب في ضم وبسط سيادته على الأراضي الصحراوية بعد عقود من الصراع مع الشعب الصحراوي دفعه إلى لعب آخر أوراقه عبر إعلان التطبيع مع "إسرائيل" وهي الخطوة التي عادت حسبها بالفائدة على القضية الصحراوية التي تحولت من قضية منسية إلى مصاف اهتمامات الإعلام العالمي. باعتقادك، ما حاجة المغرب لاعتراف صادر عن إدارة في آخر أيامها بسيادته على ارض يزعم أساسا أنها ملكه ؟ المغرب مثل "إسرائيل" تماما يلتقيان في مسألة احتلال أراض ليست لهما، وانتهاك حق شعوبها، فإسرائيل تسعى بكل الأساليب القذرة لتحقيق شرعية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف ومحاولة دفع الدول العربية التي كانت إلى عهد قريب ممانعة إلى التطبيع، وهذه كلها مساع من أجل انتزاع حق غير موجود أصلا، ونفس الشيء يقوم به المغرب حيث يسعى إلى تحقيق اعتراف له بما سرقه من الشعب الصحراوي وهي الأراضي الصحراوية وهذا هو التقاطع بين دولتي الاحتلال. وبعد 45 سنة من الصراع المغربي مع الصحراوين حول أرضهم وهي حقهم الشرعي لم يفلح في ضمها وتحقيق السيادة عليها وبالتالي يلعب ويكشف اليوم آخر الأوراق عبر إعلان التطبيع مع إسرائيل، وهي هدية ترامب الأخيرة لإسرائيل، تهدف إلى جر دولة في المغرب الكبير إلى حلف التطبيع العلني بعد أن كان هناك زواج سري بين إسرائيل والمغرب تشهد عليه الكثير من الوقائع التاريخية السابقة.
وكيف تقرئين ردود الفعل الدولية على اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية؟ ردود الفعل الدولية حول اعتراف ترامب يمكن من خلالها تلخيص الاعتداء الذي أتى به ترامب على قضية الشعب الصحراوي وقضية الصحراء الغربية المصنفة كقضية تصفية استعمار في العرف الدولي، أيضا التعدي على الشرعية الدولية من داخل أمريكا من قادة الكونغرس وعمداء مجلس الشيوخ الأمريكي رأينا كيف تم رفض هذا الاعتراف وعبروا عن خرق ترامب واستهتاره بالمواثيق والقوانين الدولية التي تعتبر أمريكا باعتبارها دولة عظمى في الأممالمتحدة هي شكليا وإن لم نقل سياسيا راعيا لتلك المواثيق، وهناك أيضا استنكار روسيا وبريطانيا وهي دول أعضاء في مجلس الأمن حيث تعالج القضية الصحراوية وهذا يدل على الاعتراض الكبير لموقف ترامب، يمكن أيضا قراءة ردود الفعل كمسحة إعلامية كبيرة أوجدت القضية الصحراوية بين عشية وضحاها من قضية منسية ومتجاهلة للكثير من الدول ووسائل الإعلام الدولية إلى مصاف التصدر فهي تتصدر محاور الإعلام الدولي منذ يومين وليس بالبساطة الحصول على هذه التغطية لولا الغباء الترامبي والمغربي. هناك أيضا الأممالمتحدة التي عبرت عن عدم تغير موقفها من القضية الصحراوية وأنها تطمع في حل للقضية الصحراوية بناء على قراراتها، وبذلك أمامنا واحدة من ردود الفعل التي تفسح المجال للكثير من العمل الدبلوماسي والإعلامي لكي نثبت أن ما جاء به ترامب كان في اتجاه آخر عكس ما يظهر عليه، وأن تغريدته بيعت مقبلها فلسطين والموقف المغربي الدعائي من القضية الفلسطينية مقابل التطبيع مع ''إسرائيل''.
في ظل تجاوز الولاياتالمتحدة لقرارات مجلس الأمن وهيئة الأممالمتحدة بشكل عام أي دور بقي لهذه المنظمة في حل القضية الصحراوية؟ ما يهمنا من الأممالمتحدة هو الإطار القانوني والشرعي للقضية الصحراوية الذي لن يتغير بموقف أمريكا حتى لو طبق قرار ترامب أو الأصح التغريدة الذي لا يزال أمامها الكثير حتى تأخد طريقها للتطبيق، القضية قضية تصفية استعمار والكفاح فيها مشروع بكل سبله بما فيها الخيار العسكري، والبوليساريو حركة تحرير تقود الكفاح المسلح باسم الشعب الصحراوي في معركته التحررية و هذا هو الإطار القانوني الذي نعول عليه، وما يهمنا ليس وجود نافذين في مجلس الأمن يعملون مع قضيتها أو ضدها لأن ما أثبتته 30 سنة من السلام في العقود الماضية، أن تواطئ الدول حتى التي لم تفعل مثل ترامب ولم تقر بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، تتبنى قرارات الأممالمتحدة ولكنها تعيق تنفيذها وبالتالي ليس هناك ما يمس جوهر القضية الصحراوية إن اعترف ترامب أو غيره بالسيادة المغربية وهو أمر غير شرعي وسيجد من يرفضه، ما نعول عليه بالدرجة الأولى هو فرض واقع يخضع له المغرب وكل حلفائه وهو الأمر الذي تبنيناه عبر الكفاح المسلح.
هل لديكم مخاوف من تحول الصحراء الغربية إلى منطقة صراع من أجل نفوذ قوى عظمى وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة وروسا؟
كل القضايا العالقة الموجودة في العالم الآن أغلبيتها عبارة عن تضارب مصالح للقوى العظمى وهذا ما لا يمكننا أن نغفل عنه، فمهما كانت تلك القضايا عادلة وتعالج في أروقة الأممالمتحدة أو مجلس الأمن هناك دائما صراع مصالح حولها، وليس هناك أكثر عدالة من القضيتين الفلسطينية والصحراوية في تاريخنا المعاصر ومع ذلك هما دائما عرضة لتعارض المصالح الكبرى، تغريدة ترامب مثلا تعارض مصالح فرنسا التي كانت الراعي الرسمي للمغرب رغم ذلك لم تتخذ خطوة بهذه الجرأة، ومن المؤكد أنها ترى أن كل مصالحها في المغرب قد أُخذت من يدها لصالح أمريكا، وبالتالي كل شيء قابل لهذا التأويل. ولكن موقف روسيا كان متزنا منذ بداية الصراع الصحراوي المغربي، وامتناعها مثلا خلال السنوات الماضية عن قرار تمديد بعثة المينورسو التي أثبتت فشلها كان موقفا حازما في مجلس الأمن، ويظهر رفض روسيا لمماطلات مجلس الأمن ولتواطئ بعض الدول مع المغرب ومنها أمريكاوفرنسا بشكل أكبر في السابق. في كل الأحوال تغريدة ترامب جاءت بعد شهر على استئناف الكفاح المسلح في الصحراء الغربية، والتوتر حاصل حاصل لا محالة في المنطقة، وعلى الجميع حشد حلفائه لعل الشرعية الدولية تأخذ مجراها في خدمة القضية الصحراوية.